مع استمرار جائحة فيروس كورونا، ودخولها عامها الثاني، يبدو أن التداعيات ستبقى مسيطرة على المشهد العام في 2021. ومن المتوقع أن تشهد بيئة العمل تبدلات، إن على مستوى خفض الكوادر الوظيفية، أو على مستوى تغيير النمط المعتمد في عقود العمل.
بحسب مجلة الإيكونوميست البريطانية، فإن الجائحة فرضت تغييرات في أسلوب العمل، وألزمت الشركات بتبني ممارسات عمالية جديدة، ومن المتوقع أن يظهر أثرها بشكل أكبر في العام 2021.
وبحسب تقرير "العالم في 2021" الصادر عن المجلة البريطانية، فإن الشركات قد تميل في العام الحالي إلى منصات العمل المؤقت، ودفع الأجور مقابل مهام ومشاريع محددة بدلاً من توظيفهم بعقود دائمة. وبمعنى أدق، سيتم الاعتماد على أسلوب العقود المؤقتة.
وترى المجلة أنه وعلى الرغم من أن العمال قد يستفيدون من المرونة التي يوفرها العمل المؤقت، إلا أنه لا يوفر الأمن الاقتصادي أو فرص التنمية الشخصية لوظيفة بدوام كامل.
ومن التحديات التي فرضتها أيضاً أزمة فيروس كورونا، والتي من المتوقع أن تستمر في العام 2021، خسارة الكثير من العمال وظائفهم. ومن المتوقع، بحسب تقرير صادر عن مركز الدراسات "Modern Diplomacy"، أن سلة من الوظائف ستكون مهددة في العام 2021، ومن المرجح أن تختفي تدريجياً بعد استبدالها بالتكنولوجيا الحديثة.
هذه الصورة القاتمة بالنسبة إلى مستقبل العمل والوظائف ليست حتمية أو مطلقة، بل على العكس، فهناك فئة أخرى ستستفيد من الوباء في العام 2021.
إليكم أبرز الوظائف التي ستتأثر سلباً في 2021:
الطهاة وعمال المقاهي
مع إجراءات التباعد الاجتماعي والقيود التي تضعها السلطات في المطاعم والمقاهي، إن لجهة عدد الأشخاص المسموح لهم بالوجود في المطاعم، أو لجهة ساعات العمل، فإن الخسائر التي يتكبدها قطاع الضيافة تبدو كبيرة.
بحسب تقرير صادر عن صحيفة ذا غارديان البريطانية في الرابع من يناير/ كانون الثاني، فإن قطاع الضيافة وصناعة الطعام خسر 30 ألف وظيفة في العام 2020، ومن المتوقع أن يسجل هذا القطاع انهيارا أكبر في العام 2021 بعد الإجراءات المتخذة نتيجة ظهور السلالة الجديدة من كورونا.
وكان تقرير منفصل، نشرته الصحيفة البريطانية، قد أشار إلى أنه من المتوقع أن يفقد نحو 200 ألف موظف عملهم في قطاع الضيافة الفاخرة، والمطاعم، والشركات التي تهتم بالتغذية خلال العام الحالي.
وبالتالي، فإن الطهاة وعمال المقاهي سيخسرون وظائفهم في العام الحالي، في حال استمر انتشار الوباء مع حالات الإقفال.
ومن المتوقع، بحسب تقرير "Modern Diplomacy"، أن تحل الروبوتات تدريجياً مكان هذه الفئة من العمال، بحيث يتم استبدال الطاهي والنادل وموظف الاستقبال بروبوتات مبرمجة للقيام بهذه المهام مستقبلاً، منعاً لحدوث انتشار للفيروسات.
موظفو المصارف
يتوقع تقرير Modern Diplomacy، الصادر في الثالث عشر من يناير، أن يكون كل من الصرافين وموظفي البنوك في أعلى قائمة الأشخاص الذين سيفقدون وظائفهم في 2021، لعوامل عديدة، أبرزها أن تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد، والتي قيدت ولا تزال تقيد حتى الآن الإجراءات المالية العالمية، تضعف من حركة الصيرفة عالمياً.
وبحسب التقرير، ستشهد هذه الوظائف تراجعاً واضحاً، نتيجة توقف أو انخفاض عمليات بيع الخدمات المالية التي يقوم بها المصرف عادة. ويضيف التقرير أنه مع تطور آلات الدفع الذاتية أيضاً، تتقلص الحاجة إلى موظفي المصارف..
عمال التوصيل (الدلفري)
اعتاد الناس بشكل لافت على عمال التوصيل في حياتهم اليومية، لكن هذه المهنة مهددة بالانهيار مع استمرار الفيروس في العام الحالي.
ويتوقع أن يكون عمال توصيل الصحف اليومية إلى المنازل والمكاتب الفئة الأولى التي سيخسر أفرادها وظائفهم.
ففي ظل المخاوف من السلالة الجديدة التي تزداد حدة انتشارها بنسبة 70%، ومع احتمال أن تكون الصحف والجرائد ناقلة لفيروس كورونا من خلال اللمس، سيتوقف تدريجياً عمل هذه الفئة، وهو ما لفتت إليه صحيفة الإندبندنت في تقرير نشرته في بداية يناير، بالقول إن انتشار السلالة الجديدة للفيروس ستكون له تداعيات أكبر على عمال الخدمات اليومية، كعمال التوصيل، بمن فيهم عمال توصيل الصحف اليومية.
وكلاء السفر
فرض فيروس كورونا ضوابط جديدة على عمليات الانتقال من مكان إلى آخر، ولم تعد إجراءات السفر بسيطة ويسيرة كما كانت في السابق، ومع دخول السلالة الجديدة، توقفت حركة السفر في العديد من الدول من جديد، الأمر الذي ستكون له تداعيات على وكالات السفر وموظفيها، وعلى عمال شركات الطيران.
ومن المتوقع أن يخسر العديد من موظفي وكلاء السفر وظائفهم في النصف الأول من العام الحالي، مع توقعات بأن يشهد النصف الثاني من العام تحسناً في الأداء، بعد تلقيح أكبر عدد من السكان.
ويشير تقرير صادر عن اتحاد النقل الجوي IATA، في نهاية العام الماضي، بعنوان "خسائر عميقة متوقعة في 2021"، إلى أنه من المتوقع أن تسجل خسائر الطيران نحو 38.7 مليار دولار في العام 2021، وأن يخسر المزيد من الموظفين في هذا القطاع عملهم.
موظفو المبيعات
نتيجة الإقفال، من المتوقع أن يفقد الملايين من موظفي المبيعات أعمالهم في العام 2021، حتى أن تقرير مركز "موديرن ديبلوماسي" للدراسات يرجح أن يتم استبدال عمال المبيعات، سواء في المحال التجارية أو المولات، أو عمال مبيعات الخدمات، وعمال التسويق، بروبوتات متطورة، لأن الأخيرة باتت مدربة بشكل كبير للقيام بوظائف بشرية، كما أنه من غير المتحمل أن تكون ناقلة للفيروسات كالبشر.
مهن مزدهرة
وعلى عكس فقدان أصحاب هذه المهن وظائفهم، فإنه من المتوقع أن تشهد وظائف أخرى نمواً في العام 2021، حيث يلعب الوباء دوراً في زيادة الطلب عليها، ومن أبرزها:
*عمال الرعاية الصحية: توسع نطاق عمل موظفي الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم بعد انتشار الوباء. باتت هناك حاجة كبيرة إلى أطباء وممرضين في جميع أنحاء العالم مع تزايد عدد الإصابات. وبحسب منظمة الصحة، سيزداد الطلب على عمال الرعاية الصحية، خاصة في الدول الفقيرة والدول التي تعاني من ارتفاع كبير بالإصابات بنسبة 20%، في العام 2021.
*الصحافيون والكتاب والمراسلون: خلال الأزمات تزداد الحاجة إلى الكتاب والمراسلين والصحافيين لتغطية الأخبار ونشرها، ومع انتشار الفيروس، فإن الحاجة إلى نشر الأخبار والمعلومات الدقيقة الطبية والصحية، وتغطية مناطق تفشي الوباء، سترتفع تدريجياً، وبالتالي فإن من المتوقع أن يزداد الطلب على الصحافيين في جميع أنحاء العالم لتغطية الأخبار.
*المعالجون النفسيون: تسبب فيروس كورونا في حصول أزمة صحية نفسية كبيرة، نتيجة الضغوط الاقتصادية، وفقدان الوظائف، والإغلاق، وفقدان الأحبة والأصدقاء والأهل.
وتقول ليزا كارلسون، الرئيسة السابقة مباشرة لجمعية الصحة العامة الأميركية والمسؤولة التنفيذية في كلية الطب بجامعة إيموري في أتلانتا، لشبكة "سي أن أن" الأميركية": "إن الجوانب الجسدية للوباء مرئية حقًا، لكن ما هو غير واضح، ماهية الكلفة النفسية والعقلية"، وبحسب كارلسون، "سيستغرق الخروج من الأزمات النفسية والعقلية وقتاً طويلاً".
وفي ظل استمرار الوباء وارتفاع حالات الاكتئاب، فإن الحاجة الى أطباء نفسيين ومعالجين للصحة العقلية ستبدو أكبر.
*الجيوش: يزداد الاعتماد على الجيوش وعناصر الشرطة والقوى الأمنية، نتيجة للتهديدات الوبائية، والحاجة إلى فرض إجراءات الحجر الصحي وحظر التجول، وإلزام المواطنين بتطبيق القوانين والقواعد المنظمة للحركة.
وقد ظهر دور الجيش في العديد من الدول الغربية وحتى العربية، حيث استدعت السلطات الجيوش الاحتياطية، كما حصل في إيطاليا وفرنسا، وأيضاً في الدول العربية، نتيجة فرض حالة الطوارئ والتعبئة العامة. ومن المتوقع أن يزيد الاعتماد على الجيوش والقوات العسكرية في العام 2021، وستكون هناك حاجة إلى زيادة الكوادر العسكرية في العديد من الدول.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك