أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء، تمديد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود لمدة شهرين إضافيين، وذلك قبل يوم من انسحاب روسيا المحتمل من الاتفاق بسبب عراقيل قالت إنها تقف في طريق صادراتها من الحبوب والأسمدة.
وقال إنه قبل يوم من انتهاء الاتفاق "بجهود بلدنا، وبدعم من أصدقائنا الروس ومساهمة أصدقائنا الأوكرانيين، تقرر تمديد اتفاق حبوب البحر الأسود".
وتأتي تصريحات أردوغان التي وردت في كلمة أمام مسؤولين في حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه بعد أن غادرت آخر سفينة من ميناء أوكراني بموجب الاتفاق.
ويسمح الاتفاق بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود وكان من المقرر أن ينتهي غدا الخميس.
ورحب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اليوم الأربعاء بتمديد اتفاق يسمح بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود لمدة 60 يوما أخرى، لكنه قال إن ثمة قضايا لا تزال عالقة ستواصل روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة مناقشتها.
وقال جوتيريش للصحفيين "استمرار الاتفاق نبأ طيب للعالم كله... بالنظر إلى المستقبل، نأمل في أن تتمكن صادرات الأغذية والأسمدة، بما في ذلك الأمونيا، من روسيا الاتحادية وأوكرانيا في الوصول إلى سلاسل الإمداد العالمية بأمان وبوتيرة يمكن توقعها".
روسيا تطالب بتصحيح التشوهات
من جانبها أكدت روسيا اليوم الأربعاء أن الاتفاق الذي يسمح بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، رغم الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا، قد جرى تمديده لمدة شهرين.
وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إن الاتفاق جرى تمديده لمساعدة البلدان ذات الاحتياج، لكنها أضافت أن تقييم روسيا العام للموقف بخصوص الاتفاق "لم يتغير".
كانت روسيا قد هددت بالانسحاب من الاتفاق غدا الخميس إذا لم تتحقق مطالبها. وجرى التوصل للاتفاق في يوليو/ تموز من العام الماضي بمساعدة الأمم المتحدة وتركيا.
وقالت زاخاروفا للصحفيين في اتصال بالفيديو "تمديد اتفاق الحبوب هو لمدة شهرين. لذا هناك فرصة للمساعدة في ضمان الأمن الغذائي العالمي بالأفعال لا بالأقوال. (الهدف) قبل كل شيء، مساعدة الدول ذات الاحتياج".
وأضافت "تقييمنا الأساسي لاتفاقات إسطنبول التي اختتمت في 22 يوليو 2022 لم يتغير، ويجب تصحيح التشوهات التي شابت تنفيذها في أقرب وقت ممكن".
أوكرانيا تتحدث عن ابتزاز روسيا
وفي كييف رحبت الحكومة الأوكرانية بتمديد اتفاق الحبوب وتقول إنه يجب أن يعمل بكفاءة. وقال مسؤول أوكراني كبير اليوم الأربعاء إن أوكرانيا ترحب بتمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وأضاف أنه لا يجب السماح لروسيا بإفساد الاتفاق وعليها أن تتوقف عن استخدام الغذاء "كسلاح ووسيلة للابتزاز".
وقال نائب رئيس الوزراء أولكسندر كوبراكوف على فيسبوك "نرحب باستمرار المبادرة، لكن نؤكد على أنها يجب أن تعمل بكفاءة".
وأضاف "نأمل أن يبذل شركاؤنا كل جهودهم لضمان أن يبدأ اتفاق الحبوب في العمل بصورة كاملة لتحقيق الأمن الغذائي العالمي، وأن تتوقف روسيا في نهاية المطاف عن استخدام الغذاء كسلاح ووسيلة للابتزاز".
وتوسطت الأمم المتحدة وتركيا في الاتفاق الذي جرى الاتفاق عليه لمدة 120 يوما في بادئ الأمر في يوليو/ تموز العام الماضي للمساعدة في التصدي لأزمة غذاء عالمية تفاقمت بسبب غزو موسكو لأوكرانيا، وهي من بين أكبر مصدري الحبوب في العالم
ويقول مسؤولون أوكرانيون إن روسيا "قيدت بصورة غير منطقية" عمل الاتفاق منذ منتصف أبريل/ نيسان. وتنفي روسيا ذلك.
وتنتظر حوالي 70 سفينة حاليا في المياه التركية للخضوع للتفتيش.
لكن ما أهمية حبوب هذا البلد بالنسبة للأمن الغذائي العالمي ولماذا يكتسب كل هذا الاهتمام الدولي؟
وفقا للأمم المتحدة، غذّت الحبوب من أوكرانيا أكثر من 400 مليون شخص في العالم وشكلت 10% من جميع المحاصيل المباعة. وهي مهمة للغاية بالنسبة لبلدان أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وبحسب مدونة "فيزيت أوكرانيا دوت توداي"، تُعد صادرات الحبوب الأوكرانية أيضا جزءا رئيسيا من الاقتصاد الأوكراني.
السياسة الزراعية الأوكرانية
منذ فترة طويلة تبيع أوكرانيا الحبوب إلى أوروبا وتدر إيرادات كبيرة لميزانية الدولة. وفي عام 2022، احتاج السوق الأوروبي أيضا إلى الحبوب من أوكرانيا بسبب الجفاف الناجم عن الطقس الحار بشكل غير طبيعي.
أما المحاصيل الرئيسية التي تحتاجها أوروبا فهي الذرة وعباد الشمس وفول الصويا. ونظرا لأهمية إمداداتها زادت الصادرات رغم الحرب بهذه المقادير:
- الذرة: من 8 ملايين طن عام 2021 إلى 11.32 مليونا عام 2022.
- زيت عباد الشمس: من 1.96 مليون طن عام 2022 إلى 2.05 مليون عام 2022.
- مسحوق عباد الشمس: من 1.4 مليون طن إلى 1.58 مليون عام 2023.
الصادرات الأوكرانية تسهم في ضمان الأمن الغذائي العالمي
رغم أن مبيعات الحبوب دعمت الاقتصاد الأوكراني بشكل كبير، فقد استفاد المستوردون أيضا. على سبيل المثال، بولندا، التي صدرت العام الماضي المزيد من المنتجات إلى دول أخرى أكثر من المعتاد. ففي عام 2022، نمت صادرات اللحوم ومنتجات الألبان بنسبة 37%. وكل هذا بفضل الحبوب من أوكرانيا، والتي عززت القدرة التنافسية للمنتجين البولنديين.
وحققت شركات الخدمات اللوجستية والتجار والموانئ أرباحا من تصدير الحبوب الأوكرانية. ونتيجة لذلك، حققت العديد من الشركات أرباحا كبيرة ودفعت الضرائب إلى بلدانها الأصلية.
أوكرانيا هي "سلة خبز أوروبا"
ليس من قبيل الصدفة أن يطلق على أوكرانيا اسم "سلة خبز أوروبا". ففي عام 2022، نشرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بيانات تؤكد أن أوكرانيا كانت رائدة في سوق زيت عباد الشمس بحصة تبلغ حوالي 45% وأصبحت ثالث أكبر منتج للذرة والشعير وبذور اللفت.
وبالنسبة للقمح، أصبحت البلاد في عام 2021 سادس أكبر منتج في العالم.
وبسبب صادرات الحبوب الكبيرة في الماضي، أصبحت بعض البلدان تعتمد على الحبوب الأوكرانية. كما أفاد برنامج الغذاء العالمي، لبنان وجيبوتي وباكستان والصومال وموريتانيا وإريتريا تلبي أكثر من نصف احتياجاتها من القمح من أوكرانيا. بشكل عام، لا يمكن الاستغناء عن الحبوب من أوكرانيا بالنسبة لأفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
ومثل هذا الاعتماد القوي على الحبوب الأوكرانية يعني أن أي اضطراب في سلسلة التوريد قد يكون له عواقب وخيمة على هذه البلدان. فإذا لم يتم تصدير الحبوب من أوكرانيا، لن يكون هناك مكان للحصول عليها. على سبيل المثال، يعد شحن القمح من كندا إلى أفريقيا مكلفا للغاية.
إلى أين يتم تصدير الحبوب الأوكرانية؟
من مارس/آذار 2022 إلى فبراير/شباط 2023، صدر المزارعون 55 ألفا و880 طنا من الحبوب.
أما أكبر مستوردي المنتجات الزراعية الأوكرانية في الفترة من أغسطس/آب 2022 إلى إبريل/نيسان 2023 فهي البلدان التالية: الصين، إسبانيا، تركيا، إيطاليا، هولندا، مصر، بنغلادش، دولة الاحتلال الإسرائيلي، البرتغال.
وفي الوقت نفسه، تذهب حصة كبيرة (أكثر من 65%) من تصدير القمح إلى البلدان النامية، وفقا للأمم المتحدة.
وقبل الغزو الروسي، لم يكن الناس يفكرون في المكان الذي تذهب إليه الحبوب وكيف يعتمد الأمن الغذائي على بلدان معينة. لكن تبين أن الحبوب الأوكرانية عنصر مهم للغاية في الحد من الجوع في البلدان النامية.
وبسبب الغزو، كان من الممكن أن يعاني ملايين الأشخاص من الجوع، حيث تم حظر أكثر من 20 مليون طن من الحبوب في أوكرانيا في عام 2022. لكن رغم كل الصعوبات، تمكنت السلطات الأوكرانية من فتح الطرق اللوجستية وضمان الأمن الغذائي العالمي، وذلك في إطار اتفاق إسطنبول الأممي بوساطة تركية.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك