يُصلي أكثر من 1,5 مليون حاج مسلم، السبت، على جبل عرفة في ذروة مناسك الحج، وهم يتلون القرآن ويتوجهون بالدعاء إلى الفلسطينيين في غزة وسط درجات حرارة مرتفعة. وتوجه المصلون الذين أتوا من مختلف أنحاء العالم إلى هذا التل الواقع على بعد حوالي عشرين كيلومتراً من مكة المكرمة.
وصل بعض الحجّاج بثياب الإحرام البيضاء عند الفجر، ومنهم محمد آسر، وهو حاج مصري يبلغ من العمر 46 عاماً، ويقول إن لديه قائمة من الأشخاص الذين طلبوا منه أن يصلي من أجلهم، مؤكداً: "إنه اليوم الأكثر أهمية". ويضيف لوكالة فرانس برس: "أدعو أيضاً للفلسطينيين، فليكن الله في عونهم".
غزة حاضرة في أدعية الحجاج
ويصادف موسم الحج هذا العام احتدام الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023. وحذّر وزير الحج السعودي توفيق الربيعة، الأسبوع الماضي، من أنه لن يُتسامح مع "أي شعارات سياسية"، لكن ذلك لم يمنع أحد الحجاج من الهتاف دعماً للفلسطينيين.
وهتف الحاج بالقول: "ادعوا لإخواننا في فلسطين، في غزة (...) الله ينصر المسلمين".
وأصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أمراً باستضافة ألف حاج "من أسر الشهداء والجرحى من قطاع غزة"، ليرتفع عدد الحجاج الفلسطينيين لأداء مناسك هذا العام إلى ألفي شخص، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
جبل عرفة... حرارة مرتفعة وتحديات للمسنين
وبعدما أمضوا ليلتهم داخل الخيام في منى، على الحجاج الصعود إلى عرفة تحت شمس حارقة وحرارة تصل إلى 43 درجة مئوية، ما يطرح تحديات خصوصاً للمسنين من الحجاج خلال يوم الصلاة الطويل هذا. ويتأثر موسم الحج، وهو من أكبر التجمعات الدينية في العالم، تأثّراً متزايداً بالتغير المناخي، بحسب دراسة سعودية أفادت بأن الحرارة في المنطقة ترتفع 0,4 درجة مئوية في كل عقد.
ومنذ العام الماضي، غُطيت أيضاً الطرقات التي يستخدمها المصلون بمادة بيضاء، ما يخفض درجة حرارة الأسفلت بنسبة 20%، بحسب السلطات. تُضاف إلى ذلك المرشات المثبتة في الساحة المركزية، وتوزيع المياه والمظلات، والنصائح التي يقدمها المتطوعون الشباب، ومراكز التسوق التي لا تعد ولا تحصى، التي تسمح خلال مناسك الحج بالاسترخاء بين صلاتين.
وتقول أبرامان هوا من غانا البالغة 26 عاماً: "إن أداء المناسك التي تستمر خمسة أيام على الأقل، وغالبها في الهواء الطلق، ليس بالأمر السهل بسبب الحر". وتضيف: "في بلدنا تكون الشمس ساطعة، لكن الحرارة ليست مرتفعة مثل التي هنا. سأصلي في عرفة لأني في حاجة إلى عون الله".
وبما أن القبعات محظورة على الرجال أثناء الشعائر، يحمل العديد منهم المظلات، بينما يحاول آخرون إنعاش أنفسهم في المناطق المظللة النادرة في المكان أو تحت المرشات العملاقة.
وللوقاية من ضربة الشمس، خصوصاً بين كبار السن، استحدثت السلطات السعودية رقماً طبياً للطوارئ. وتقول إنها خصصت أكثر من 280 سريراً لحالات الإجهاد. وشجعت السلطات السعودية الحجاج على شرب كميات كافية من المياه وحماية أنفسهم من أشعة الشمس الحارقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية محمد العبد العالي إنه سُجّل أكثر من عشرة آلاف حالة من الأمراض المرتبطة بالحر العام الماضي أثناء الحج، بما في ذلك 10% من ضربات الشمس، وهي أخطر أشكالها.
وعند وصوله في الصباح الباكر إلى جبل عرفة، وجد أحمد كريم عبد السلام، وهو حاج هندي يبلغ من العمر 33 عاماً، فكرة قضاء يوم كامل هناك "مخيفة بعض الشيء". وأضاف: "لكن إن شاء الله، كل شيء سيكون على ما يرام"، مؤكداً أنه سيذهب للحصول على "مظلّة وبعض مرشات المياه".
يشارك في الحج أكثر من مليون ونصف مليون مسلم هذه السنة، ويعدّ أحد أكبر التجمّعات الدينية في العالم.
الصورة
وبعد الوقوف على عرفة، يتوجه الحجاج عند الغروب إلى المزدلفة حيث يجمعون الحصى لرمي الجمرات في منى.
من جهته، دعا خطيب يوم عرفة إمام الحرم المكي الشيخ ماهر المعيقلي، السبت، لأهل فلسطين مؤكداً أنهم في "أذى عدو سفك الدماء ومنع ما يحتاجون إليه (من مساعدات)".
جاء ذلك في خطبة يوم عرفة التي يقدر رسمياً أن يستمع لها نحو مليار شخص، والتي ألقاها المعيقلي من مسجد نمرة بصعيد عرفات غربي المملكة، بحسب ما نقلته قناة الإخبارية السعودية الرسمية وتابعته الأناضول.
ويُمثل الحج إلى مكة مكاسب مالية للمملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، والتي تسعى إلى تقليص اعتمادها على النفط من خلال تطوير السياحة الدينية خصوصاً.
وإلى جانب الحج، هناك أيضاً مناسك العمرة التي تكون بقصد الزيارة ويمكن أداؤها على مدار العام، وقد جمعت 13,5 مليون معتمر في العام الماضي، مع سعي السلطات للوصول إلى 30 مليون معتمر بحلول العام 2030. وشارك في العام 2023 أكثر من 1,8 مليون شخص، جاء نحو 90% منهم من خارج المملكة، معظمهم من الدول الآسيوية والعالم العربي.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك