"العقيدة النووية الروسية" -واسمها رسميا "أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي"- هي وثيقة تعكس الرؤية الروسية حول مجال الردع النووي، وتحدد التهديدات التي قد تدفعها إلى التفكير في استخدام السلاح النووي، وشروط استخدامها لترسانتها النووية.
وكانت العقيدة النووية طوال تاريخها جزءا من "العقيدة العسكرية الروسية"، التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2000، وصارت وثيقة منفصلة عام 2020.
وعام 2024 أدخلت عليها روسيا تعديلات، من أبرزها قرار موسكو تخفيف قيود استخدام ترسانتها النووية لردع خصومها، فلم يعد الرد مقتصرا على الهجوم بالسلاح النووي على الأراضي الروسية، بل على أي هجوم غير نووي سواء بالطائرات المسيرة، أو الطائرات المقاتلة، أو أي سلاح غير تقليدي، عليها أو على حليفتها بيلاروسيا.
تاريخ العقيدة النووية الروسية
أصدر الرئيس الروسي بوريس يلتسين في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1993، مرسوما حول "المبادئ الأساسية للعقيدة النووية الروسية"، وكانت تلك أول بادرة رسمية من الدولة لتنظيم استخدام الترسانة النووية الروسية، إلا أنها لم تنشر.
وفي 21 أبريل/نيسان 2000 أعلنت روسيا عقيدتها العسكرية العامة الأولى، وفيها اعتبرت السلاح النووي عاملا في ردع العدوان وضمان الأمن العسكري لروسيا الاتحادية وحلفائها.
وأصدرت الوثيقة العسكرية الثانية يوم 5 فبراير/شباط 2010، ووقعها الرئيس ديمتري ميدفيديف. ونشر التعديل الثالث للعقيدة العسكرية يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 2014، ولم تتعرض بنود الأسلحة النووية لأي تغيير، بل أشارت لها باعتبارها عاملا مهما في منع ظهور الصراعات العسكرية النووية وغيرها.
وشملت الوثائق الـ3 إمكانية استخدام موسكو ترسانتها النووية ردا على أي هجوم بأسلحة الدمار الشامل ضدها أو ضد حلفائها، أو في حالة شن عدوان بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة.
وشملت الوثيقة الثانية إدراج حلف شمال الأطلسي (الناتو) في قسم التهديدات، مع احتفاظ الرئيس وحده بقرار استخدام الأسلحة النووية. ومن أبرز بنود العقيدة النووية التي تضمنتها الوثائق الثلاث:
• يعد توفير الأراضي والموارد لدعم العدوان على روسيا من الأسباب الرئيسية التي قد تدفع روسيا إلى استخدام الردع النووي ضد أصحابها.
• من أهم أولويات روسيا ردع العدو عن شن عدوان محتمل على البلاد.
• استعداد روسيا وتصميمها على استعمال الأسلحة النووية، سيضمن ردع أي عدوان نووي.
• يشترط استخدام الأسلحة النووية إطلاق الصواريخ البالستية على روسيا.
• وتحتفظ روسيا بالحق في استخدام الأسلحة النووية ردا على استخدام أسلحة الدمار الشامل ضدها أو ضد حلفائها.
• ويتخذ الرئيس الروسي قرار استخدام الأسلحة النووية، ويستطيع إبلاغ الدول والمنظمات الدولية باستعداد بلاده للرد.
• الحفاظ على حالة من الغموض وعدم اليقين لدى الخصم بشأن حجم وموقع استخدام روسيا للأسلحة النووية، جزء من الردع النووي، ويهدف إلى وقف أي تصعيد أو هجوم محتمل.
تعديل عام 2020
كانت الأسلحة النووية وسيلة ردع ودفاع فقط بالنسبة لروسيا حتى وقع بوتين مرسوما لفصل "العقيدة النووية" عن "العقيدة العسكرية العامة" عام 2020، شمل تعديلات على بنودها، وحدد السيناريوهات والشروط التي بموجبها تقرر روسيا استخدام السلاح النووي، ومنها:
•
الحصول على بيانات موثوقة تؤكد عزم جهة ما إطلاق صواريخ باليستية تجاه أراضي روسيا أو أراضي حلفائها.
الحصول على بيانات موثوقة تؤكد عزم جهة ما إطلاق صواريخ باليستية تجاه أراضي روسيا أو أراضي حلفائها.
• تعرض روسيا أو أحد حلفائها لهجوم بأي نوع من أنواع أسلحة الدمار الشامل التي تشمل الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية وأي أسلحة غير تقليدية.
• يمكن لروسيا أن تستخدم ترسانتها النووية حتى لو استهدفت بأسلحة تقليدية، لكن في حال كان هذا الاستهداف يهدد وجود الدولة.
• في حال تعرض مواقع حكومية أو عسكرية حساسة إلى هجوم من عدو ما، فإن العقيدة النووية الروسية تتيح لها استخدام السلاح النووي للرد.
تعديل عام 2024
وأعلنت موسكو تحديث عقيدتها النووية يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بعدما أعطت الولايات المتحدة الأميركية الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام صواريخ أتاكمز الأميركية بعيدة المدى لضرب أهداف عسكرية داخل روسيا.
ووقّع بوتين على نسخة معدَّلة من العقيدة، في ذكرى مرور ألف يوم على بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، وقال الكرملين إن روسيا ستخفف من الناحية النظرية ضوابط الاستخدام الأول للأسلحة النووية.
ومن أبرز البنود التي تضمنتها الوثيقة المعدلة:
• أي عدوان ضد روسيا الاتحادية أو حلفائها من جانب دولة غير نووية بمشاركة أو دعم دولة نووية يُعَد هجوما مشتركا.
• وقد تفكر روسيا في توجيه ضربة نووية إذا تعرضت أو حليفتها بيلاروسيا لعدوان باستخدام "أسلحة تقليدية تهدد سيادتهما أو سلامتهما الإقليمية".
• روسيا قد تستخدم أسلحة نووية إذا تعرضت لهجوم نووي من جانب عدو أو لهجوم تقليدي يهدد وجود الدولة.
• أي هجوم جوي واسع النطاق بطائرات وصواريخ موجهة وطائرات مسيَّرة تعبر حدود روسيا قد يؤدي إلى رد نووي.
• أي عدوان تشنه أي دولة عضو في تحالف (تكتل أو اتحاد) ضد روسيا الاتحادية أو حلفائها يُعَد عدوانا من جانب التحالف بأسره.
• وجود أسلحة الدمار الشامل في حوزة العدو، ويحتمل استعمالها ضد روسيا قد يؤدي إلى رد نووي.
• حشد مجموعة من القوات في أراض قريبة من روسيا أو في أراضي حلفائها، بغرض إيصال أسلحة نووية، قد يستلزم ردا نوويا.
• يشكل نشر العدو لأنظمة الدفاع الصاروخي في الفضاء خطرا يستدعي استخدام الردع النووي.
• تخطيط وإجراء تدريبات عسكرية واسعة النطاق قرب حدود روسيا، أو الانتشار غير المنضبط لأسلحة الدمار الشامل، قد يؤدي إلى رد نووي.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك