تواصل السلطات الأمنية العراقية تنفيذ خطة تأمين الحدود مع سورية لمنع عمليات التسلل منذ إسقاط نظام الأسد، إذ اتخذت إجراءات مشددة وعززت وجودها العسكري على الحدود بوحدات قتالية كبيرة، كما أضافت 83 كم إلى الجدار الخرساني على الحدود السورية، وسط تأكيد رسمي حكومي على اقتراب الانتهاء منه و"صناعة شريط حدودي آمن يخدم البلدين الجارين، يقطع الطريق على الإرهابيين والمهربين".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أكد المتحدث العسكري العراقي اللواء تحسين الخفاجي استمرار تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود المشتركة مع سورية، فضلاً عن العمل على إنجاز الجدار الخرساني، مبيناً في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) أن "هناك توجهاً لزيادة الوحدات في تلك المنطقة، بالإضافة إلى العمل الكبير الذي تقوم به القوات الأمنية على مدار 24 ساعة من خلال الجهد الاستخباري ومتابعة ملاحقة الخلايا النائمة، فضلاً عن الضربات الجوية المستمرة".
ولفت إلى "استمرار العمل بالجدار الخرساني على طول الحدود البالغ 615 كيلومتراً، وإنهاء 400 كيلومتر منه"، مشيرًا إلى أن "ما تبقى منه 210 - 215 كيلومتراً فقط، ستُستكمل في وقت لاحق وستُنهى أي ثغرة أمنية على الحدود". كما أكد مسؤولون عراقيون عدم تسجيل أي خروق أمنية على الشريط الحدودي العراقي السوري منذ إسقاط نظام بشار الأسد وتشكيل الإدارة السورية الجديدة، معتبرين أن الملف الحدودي هو الأكثر أمناً منذ 21 عاماً، وسط تأكيدات على التوجه إلى إرسال تعزيزات عسكرية إضافية إلى الحدود. ولا تزال جميع المعابر الحدودية البرية بين العراق وسورية مغلقة، وفقاً لوزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، الذي قال إن "العراق لن يسمح بأي شكل من أشكال التسلل من سورية. ولا تزال بعض الجماعات الإرهابية نشطة داخل سورية".
وتتولى وحدات إنشاء تابعة للجيش العراقي عمليات حفر الخنادق وإنشاء أسوار إسمنتية في بعض المناطق، وفقا لطبيعة تضاريس المنطقة الممتدة على أكثر من 620 كيلومتراً بين البلدين.
اليوم الجمعة، كشف عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ياسر إسكندر عن قرب الانتهاء من مشروع السور الإسمنتي على الحدود العراقية السورية، مشيراً في تصريح صحافي إلى "إنجاز نحو 90% منه حتى الآن"، معتبراً أنه "يمثل وسيلة أمنية مهمة في المناطق ذات التعقيد الجغرافي للحد من عمليات التسلل من سورية إلى العراق، وأنه جزءاً من استراتيجية شاملة لتأمين الحدود التي تمتد لمئات الكيلومترات، في ظل التحديات الأمنية والجغرافية".
وتواصل "العربي الجديد" مع ضابط من قوات حرس الحدود، يخدم في مدينة القائم العراقية المحاذية مع سورية، وقال إن "الطرق البرية مع سورية لا تزال مغلقة لثلاثة أسباب؛ أولها يتمثل في عمليات إكمال الشريط الخرساني العازل، والثاني في منع عبور العراقيين عبر البر ومنع محاولات التسلل والكشف عن الطرق الخفية للبضائع المهربة والمخدرات التي كانت تستخدم في السابق، والثالث في أن بغداد ودمشق لم تتفقا لغاية الآن على آلية لفتح مجالات السفر والسياحة".
وأضاف الضابط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "مطالبات كثيرة تصل إلى السلطات الأمنية لأجل فتح المجال أمام حركة الشاحنات، لكن القرار في بغداد يبدو أنه سياسي قبل أن يكون أمنياً"، موضحاً أن "الحدود العراقية السورية لم تكن هادئة منذ أكثر من عقدين، لكنها حالياً في أعلى حالات الاستقرار الأمني، ونأمل أن تستمر بهذه الحال، خصوصاً أن البلدين تأثرا كثيراً من حركات التهريب وتجارة المخدرات التي كان نظام الأسد يرعاها".
بدوره، بيّن الباحث في الشأن السياسي عبد الله الركابي أن "تأمين الحدود مع سورية يمثل خطة استراتيجية عملت عليها الحكومات العراقية منذ عام 2014، وقد زادت أهميتها مع تطورات الوضع في سورية مؤخراً وسقوط نظام الأسد"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "العراق لا يريد تكرار سيناريو 2014 عندما اقتحمت مجاميع تنظيم داعش البلاد وسيطرت على المدن العراقية... فتح الحدود مع سورية مرتبط بتبادل الزيارات السياسية بين الجانبين العراقي والسوري، وقد يتحقق هذا خلال الأشهر القليلة المقبلة".
ويشترك العراق مع سورية في حدود تبلغ أكثر من 620 كيلومتراً، وشهدت الحدود بين البلدين على مدى العقدين الماضيين عمليات تسلل لجماعات مسلحة، أبرزها تنظيم القاعدة، بين 2004 و2011، ومن ثم تنظيم داعش، فضلاً عن عمليات تهريب واستيلاء جماعات مسلحة مختلفة على المناطق الحدودية مع العراق.
وأطلق العراق فعلياً في العام 2020، بدعم غربي، مشروعاً لتأمين الحدود مع سورية المحاذية لمحافظتي الأنبار ونينوى، تتضمن إنشاء جدار إسمنتي وحفر خنادق بعرض وعمق ثلاثة أمتار إضافة إلى مد الأسلاك الشائكة ونصب أبراج المراقبة، ويمتد من منطقة فيشخابور شمال غربي العراق مروراً بمنطقة ربيعة وسنجار. وهذه المناطق هي نقطة نشاط لمسلحي حزب العمال الكردستاني وتقابلها مناطق سورية يسيطر عليها مسلحو قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك