لماذا غاب الحوثيون عن ساحة المعركة بين إيران وإسرائيل؟ معهد أمريكي يطرح 3 فرضيات محتملة

 
نشر معهد دول الخليج العربي في واشنطن تحليلًا معمقًا للباحث جريجوري د. جونسن  بعنوان "لماذا اختفى الحوثيون من ساحة المعركة؟" تناول فيه الغياب اللافت لجماعة الحوثي عن التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، على الرغم من كونهم أحد أبرز وكلاء إيران الإقليميين وأشدّهم فاعلية.
يشير التحليل ، إلى أن أكثر ما يثير الدهشة في الصراع الإيراني الإسرائيلي الذي استمر اثني عشر يومًا – والذي قصفت فيه الولايات المتحدة ثلاثة مواقع إيرانية قبل أن تتوصل إلى وقف لإطلاق النار – هو ما لم يحدث. فالحوثيون، الحليف الإقليمي الأقدر المتبقي لإيران، ظلوا غائبين إلى حدّ كبير عن المشهد.
فعليًا، أطلق الحوثيون بضعة صواريخ على إسرائيل يومي 14 و15 يونيو/حزيران، ثم في 21 يونيو تعهّدوا بمهاجمة الولايات المتحدة إذا دخلت في الصراع ضد إيران. وبعد ساعات، ضربت الولايات المتحدة ثلاثة مواقع نووية إيرانية، ورد الحوثيون ببيان يدين تلك الهجمات، دون أي رد عسكري مباشر.
 
هذا الغياب أربك المراقبين والباحثين، خصوصًا أن الجماعة كانت قد سارعت إلى الرد على تدخل إسرائيل في غزة في أكتوبر 2023، بشن حملة مكثفة وطويلة استهدفت الشحن التجاري في البحر الأحمر.
 
كما صمد الحوثيون من مارس إلى مايو 2025 في وجه 52 يومًا من القصف الأمريكي المتواصل في إطار عملية "الفارس الخشن"، وخرجوا من وقف إطلاق النار وهم يواصلون إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
 
ورغم أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للجماعة، إلا أن التحليل يرى أنها تمثل في المقام الأول قضية أيديولوجية وخطابية، بينما يكمن مصدر التهديد الحقيقي للحوثيين في الدعم الإيراني – وخصوصًا مكونات الصواريخ الباليستية التي يتم تهريبها إليهم.
 
انطلاقًا من هذا التناقض بين خطابات الجماعة وسلوكها الفعلي، يطرح التحليل سؤالًا محوريًا: لماذا غاب الحوثيون عن هذا الصراع بالذات؟
 
ثلاث فرضيات تشرح الغياب:
 
1. العجز عن تنفيذ الضربات
 
يرى هذا التفسير أن غياب الحوثيين يعود إلى فقدانهم القدرة العسكرية على شنّ هجمات نتيجة الحملة الجوية الأمريكية ضمن "الفارس الخشن"، التي ربما كانت أكثر فاعلية مما اعترف به المسؤولون الأمريكيون.
 
فبينما خلص تقييم استخباراتي أمريكي بعد العملية إلى أن الحوثيين "عانوا من بعض التدهور"، رجّح التحليل أن القصف – الذي تضمن أكثر من 1100 ضربة جوية – ألحق أضرارًا أعمق بمستودعات الأسلحة ومرافق التخزين الحوثية، ربما بشكل غير مرئي من الخارج.
 
وإذا أضفنا إلى ذلك أكثر من عام من الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التجارية وإسرائيل، فمن المحتمل أن تكون مخزوناتهم من الذخائر قد استُنزفت بشدة. الحوثيون ينتجون بعض المواد محليًا ويشترون طائرات بدون طيار من السوق، لكنهم يعتمدون بشكل رئيسي على إيران في تهريب مكونات الصواريخ الباليستية.
 

وإذا لم تكن تلك المخزونات قد أعيد تعبئتها، فقد تكون الجماعة راغبة في القتال لكنها ببساطة لا تمتلك الوسائل اللازمة.
 
2. عدم الرغبة في تنفيذ الضربات
 
يفترض هذا السيناريو أن الحوثيين اختاروا عمدًا عدم الانخراط عسكريًا، إدراكًا منهم لمدى اختراق إسرائيل لإيران ونجاحها في حملتها الأولية، والتي أدت إلى مقتل قيادات كبيرة في الحرس الثوري وعلماء نوويين. وربما خشي الحوثيون أن يؤدّي دخولهم في المعركة إلى تعريض قياداتهم للخطر.
 
تدعم هذا الرأي تصريحات الباحثة إليزابيث كيندال، التي قالت لصحيفة وول ستريت جورنال إن الحوثيين ربما قالوا: "علينا الاختباء الآن، إن بدأنا بالمناورة سنكشف عن أنفسنا ومواقعنا".
 
وقد تعزز هذا السيناريو بمحاولة إسرائيل اغتيال محمد الغماري، رئيس أركان الجيش الحوثي، في 14 يونيو/حزيران. ورغم أن التفاصيل لا تزال غير واضحة، تشير مصادر يمنية إلى إصابته بجروح بالغة.
 
لكن هذا التفسير ليس محكمًا. فمن ناحية، تمتلك إسرائيل تاريخًا طويلًا من التغلغل الاستخباراتي داخل إيران، بينما يُعدّ الحوثيون تهديدًا أحدث وأبعد جغرافيًا، مما يجعل احتمالات اختراقهم محدودة. كما أن إسرائيل كانت تستهدف الجماعة في اليمن لأكثر من عام، ولو كانت قد نجحت في اختراقهم، لكانت استخدمت تلك المعلومات منذ وقت طويل.
 
الأهم من ذلك أن الحوثيين أنفسهم يدركون مدى اعتمادهم على الدعم الإيراني للبقاء، سواء على مستوى الموارد أو التمكين العسكري، ويصعب تخيّلهم يختارون الانكفاء في وقت تحتاجهم فيه طهران.
 
3. الانتظار لتنفيذ الضربات
 
يرجّح المعهد هذا التفسير بوصفه الأقرب إلى الواقع. فربما كان الحوثيون ببساطة ينتظرون التنسيق مع إيران قبل القيام بأي تحرّك، حرصًا على أن تكون ضرباتهم جزءًا من ردّ استراتيجي أوسع.
 
لكن الضربات الإسرائيلية المباغتة في الأيام الأولى، ولجوء المرشد الأعلى علي خامنئي إلى مخبأ ما تطلب التواصل عبر مساعد موثوق، ربما عطّل عملية التنسيق المعتادة.
 
في هذا السياق، لا تزال الجماعة تحتفظ بالذخائر والنية لمهاجمة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنها تسعى إلى ضمان أن تكون ضرباتها متناغمة مع الرؤية الإيرانية. وهو ما يفسر التأخير في الرد، ويشير إلى احتمالات متعددة، من بينها محاولة منسقة لإغلاق البحر الأحمر ومضيق هرمز، أو موجات صواريخ متزامنة على إسرائيل لإرهاق منظومتها الدفاعية، أو حتى هجمات غير متماثلة بطابع إرهابي.
 
يختم التحليل بالإشارة إلى ما قد يكون الأهم في هذا المشهد: ففي 24 يونيو أعلن الحوثيون أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل لا يشملهم. وإذا امتلك الحوثيون ذخيرة كافية، فمن المرجح أن تواصل إيران استغلالهم للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، مما قد يمنح النظام الإيراني وقتًا لإعادة بناء نفسه وإعادة النظر في استراتيجيته، نظرًا لضعف أداء إيران في الحرب القصيرة وضعف شبكة وكلائها.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< ترامب: أنقذتُ خامنئي من "موت بشع ومهين".. وقد أضرب إيران مجدداً
< استكمال ترميم وتأهيل قصر القعيطي بالقطن في حضرموت
< وفاة الشاعر والأديب اليمني فؤاد الحميري بعد معاناة مع المرض
< "ينقل البيانات للصين".. ألمانيا تحذر من تطبيق "ديب سيك"
< إعلام أميركي يكشف تفاصيل صفقة بين واشنطن وطهران لبرنامج نووي سلمي
< مركز حقوقي يحذر من خطورة استمرار الانتهاكات بحق أئمة وخطباء المساجد بعدن
< البيت الأبيض: تصريحات خامنئي غايتها "حفظ ماء الوجه"

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: