أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، اليوم عن فوز البريطاني جون كلارك (83 سنة) والفرنسي ميشال ديفوريه (72 سنة) والأميركي جون مارتينيس (67 سنة) بجائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام. وأوضحت أن الباحثين الثلاثة مُنحوا الجائزة "لاكتشافهم "النفاذ الكمومي الميكانيكي على المستوى الماكروسكوبي وتكميم الطاقة في دائرة كهربائية"، ما مهَّد الطريق لتطوير الجيل التالي من التكنولوجيا الكمومية، بما في ذلك التشفير الكمومي، والحواسيب الكمومية، وأجهزة الاستشعار الكمومية.
ونجح الفائزون الثلاثة في إثبات أن الظواهر الغريبة التي تحكم عالم الجسيمات متناهية الصغر يمكن أن تظهر في نظام محدد، وهو ما كان يُعتبر مستحيلاً في السابق. واستطاعوا خلال سلسلة تجارب أجروها في جامعة كاليفورنيا خلال عامي 1984 و1985 أن يصنعوا نظاماً فائق التوصيل، وقد شاهدوا هذا النظام وهو ينتقل من حالة إلى أخرى، كما أثبتوا أن النظام يمتص الطاقة ويبعثها بكميات محددة ومنفصلة، بالضبط كما تنبأت نظرية "ميكانيكا الكم".
وتصف ميكانيكا الكم سلوك الجسيمات على المستويين الذري ودون الذري، حيث تسود قوانين تختلف عما نراه في حياتنا اليومية. ففي هذا العالم المجهري، تستطيع الجسيمات أن تكون موجودة في عدة أماكن في آن، وأن تخترق حواجز يُفترض أنه لا يمكن اختراقها، وهو ما يُعرف بـ"النفق الكمي"، ويشبه مرور كرة عبر جدار بدلاً من أن ترتد عنه عند اصطدامها به. واعتمد الباحثون على ظاهرة تحدث عند تبريد بعض المواد إلى درجات حرارة منخفضة للغاية لتصبح موصلات فائقة. في هذه الحالة تتحد الإلكترونات، ما يجعلها تتدفق من دون أي مقاومة كهربائية، وتشكل أزواجاً تُسمى "أزواج كوبر"، نسبة إلى العالم ليون كوبر الحائز جائزة نوبل في عام 1972.
وقام العلماء الثلاثة ببناء دائرة كهربائية تحتوي على موصلين فائقين يفصل بينهما حاجز عازل رقيق، وهو ما يُعرف بـ"وصلة جوزيفسون"، نسبة إلى العالم براين جوزيفسون الحاصل على جائزة نوبل في عام 1973. في هذه البنية، يمكن لدالة رياضية موجية أن تصف جميع أزواج كوبر في النظام، ما يجعلها تتصرف ككيان ميكانيكي كمي واحد على الرغم من حجمها الميكروسكوبي. وذهب الباحثون خطوة أبعد لإثبات أن النظام يمتلك مستويات طاقة مكمّمة، وأطلقوا موجات دقيقة بأطوال موجية مختلفة، ليجدوا أن بعض الترددات يتم امتصاصها، ما يرفع النظام إلى مستوى طاقة أعلى.
وفتح هذا الاكتشاف أبواباً واسعة أمام تطبيقات تقنية، فالنظام الذي ابتكروه يمكن اعتباره ذرة اصطناعية عملاقة، لكن بميزة فريدة كونها تحتوي على كابلات ومقابس كهربائية يمكن توصيلها بأجهزة أخرى، ما يجعلها أداة مثالية لاستكشاف الظواهر الكمومية بطرق كانت مستحيلة مع الذرات الحقيقية.
ومُنحت الجائزة في العام الماضي للأميركي جون هوفيلد والبريطاني الكندي جيفري هينتون، تقديراً لإسهاماتهما الريادية التي أرست الأسس لأنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة. وتُمنح جوائز نوبل وفقاً لوصية مخترع الديناميت ورجل الأعمال السويدي ألفريد نوبل (1833–1896)، الذي أوصى بأن تمنح الجوائز لمن قدموا "أعظم فائدة للبشرية". وكانت الفيزياء أولى الفئات التي وردت في وصيته.
وتبلغ قيمة كل جائزة هذا العام 11 مليون كرونة سويدية (نحو 1.1 مليون دولار أميركي). وإذا تقاسم أكثر من فائز الجائزة، تُقسّم القيمة المالية بينهم، إذ يمكن أن تُمنح الجائزة لثلاثة أشخاص حداً أقصى، وهو أمر شائع في المجالات العلمية التي تتطلب عملاً جماعياً أو بحثياً مشتركاً.
ومنحت لجنة نوبل، أمس الاثنين، في معهد كارولينسكا، جائزة نوبل في الطب لعام 2025 للأميركيين ماري برونكو وفريد رامزديل، والياباني شيمون ساكاجوتشي، تقديراً لاكتشافاتهم المتعلقة بكيفية تنظيم الجسم لاستجاباته المناعية. ومن المقرر الإعلان عن الفائزين في مجالات الكيمياء والأدب والسلام والاقتصاد خلال الأيام المقبلة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك