الرمال تتحرك من تحت أقدام عبد الملك، والعجلة بدأت الدوران في الاتجاه الآخر..
الأيام التي كان الحوثي يحقق فيها انتصاراً صارت جزءًا من الماضي.
بدأ عملية "الفتح المؤزر" باستعراض عسكري مهيب: قافلة عسكرية عملاقة تخرج من صنعاء إلى تعز تحرسها الطوافات.
وبعد ثلاثة أشهر يعجز عبد الملك الحوثي حتى عن الخروج لسبع دقائق من الكهف وتسجيل كلمة مصوّرة لأتباعه.
قلت لك يا عبد الملك زفت الدين الحوثي: لن تكسب هذه الحرب، ولن تهزم اليمنيين كلهم، وليس بمقدورك أن تحارب كل الناس وإلى الأبد.
لغز "جبل صبر" سيقضي عليك قريباً. تدري ماذا حدث في جبل صبر؟
قبل عام أقامت جماعتك مهرجاناً في تعز غذاه متحوثو الجبل بأسطول من أكثر من ٣٠ سيارة.
بقي الجبل هادئاً ومتوجساً ومحايداً في الحرب، مثل بقية اليمن: مثل إب، والحديدة، وصنعاء والمحويت .. إلخ. في الواقع: كان تحت هيمنة رجالك ورجال صالح إلى حد ما.
بقي الآخرون يترقبون.
وبمجرد أن نجح شخص واحد في إشعال النيران في دبابة حوثية تلقى الجبل مئات القذائف المدفعية والصاروخية.
كما يحدث دائماً: ما عليك سوى أن تثير الخوف والرعب وتنشر أصوات الانفجارات حتى تتخلق الرياح ثم لن يكون بمقدورك التحكم بحركتها.
هكذا تصنع الرياح، هكذا تخلق، وهكذا تهب.
عملياً استطعتَ أن تعزل جبل صبر لفترة طويلة عن معركة المدينة. تسلل شبان كثيرون وخاضوا الحرب داخل المدينة وليس في الجبل.
دفعت الناس كلهم إلى الخروج مرة واحدة وفي وقت واحد، ثم عجزت عن عدّهم بعد ذلك.
في لحظة ما يخرج كل الناس كما رأيتهم أنت بأم عينيك.
بنفس الطريقة ستغادر إب، بنفس الطريقة ستنهزم في الحديدة، وحتى في المحويت.
كم بقي لديك من العربات العسكرية؟ عشرون؟ مائة؟ مائتان؟ مؤكد: ليس أكثر من ذلك. استعرضت آخر ما عندك ودمرت كل قدراتك الذاتية والمسروقة والحليفة، ورحت تهوي. كل ساعة وأنت تهوي.
أما نحن "عادنحنا إلا بدينا".
أنت في إب على الحافة. هل رأيت المظاهرات الحاشدة التي تخرج ضدك من وقت لآخر؟ سيخرجون، قريباً، على طريقة أهل الجبل في صبر وسينكسر ناموسك في دقائق. ثم ماذا؟ ...
ستصير حدودك الجنوبية، قريباً، بين ذمار ويريم. ثم حزيز. ثم الجراف.
وسيبقى لك الكهف. الكهف هو ميراثك الوحيد أيها المسخ الشائه. ستقضي بقية عمرك تبحث في كتبك المقدسة عن آثار تمجد الكهف، وتوصيك به وتوليك عليه. استمتع بوقتك.
الرمال تتحرك من تحت أقدامك. العالم كله ترك عارياً ومعزولاً. العالم لا يستمع لعويل الجماعات الإرهابية. والإرهاب ليست مسألة فيزيائية غامضة يصعب فهمها. لمجرد أن تحمل جماعة "تحت دولة" السلاح وتقتحم المدن والمنشآت المدنية وتعتقل المسؤولين الحكوميين .. تصبح جماعة إرهابية.
هذا الصباح يقول شتاين ماير، وزير خارجية ألمانيا: نحن والسعودية نثق ببعضنا البعض.
ألمانيا تقود أوروبا، ومثل غيرها من الدول القوية تركتك تحيط بك خطيئتك وذهبت تثق بالسعودية.
تظن أن العالم منافق، مخادع، جبان؟ ليكُن. المؤكد أنك لوحدك الآن تجر خطيئتك على ظهرك وسنعثر عليك.
أين ذهب زعيقك وزعيق جماعتك؟ لم يستمع إليكم أحد في العالم. أنت جماعة إرهابية، وهذه مسألة يفهمها كل شخص لم يعش طويلاً في حي الجراف أو في مديرية بني حشيش.
لوك آت يور سيلف يا عبد الملك.
تشحت المقاتلين والذخيرة من سبع محافظات أو أكثر وترسل كل ذلك إلى لودر. مديرية صغيرة اسمها لودر في شمال أبين على الحدود مع البيضاء. حتى في ذلك المكان لم تعد قادراً على تحقيق أي نصر.
لوك آت يور سيلف يا عبد الملك..
كل حروبك الآن هي حروب دفاعية. انتهى ذلك الزمن الذي كنت فيه غازياً. أنت تقاتل في تعز ليس لأنك تريد أن تسيطر على المدينة كما تقول لأصحابك. بل لأن المدينة تريد أن تسترد منك ثلاث "بُقع" تتواجد فيها.
هل قلت لأصحابك إنك تسيطر، بالحساب الجغرافي، على مساحة 0.005%من مساحة تعز. بالتقريب إلى رقم عشري بسيط: 0.01% . أخبرهم، قل لأصحابك هذه الحقيقة. قل لهم إن محافظة مترامية الأطراف في يد أهلها الطيبين، وأنك تتواجد في منطقة مكشوفة في المطار القديم وما حولها وعند المدخل الشمالي للمدينة. ولا تتواجد في أي مكان آخر بالمرة في محافظة تمتد من البحر الأحمر إلى تخوم البحر العربي.
حسنا: أنت مختبئ في المخأ. يجب أن لا ننسى هذه المعلومة. ومن وقت لآخر يتحول مقاتلوك إلى جثث، ثم هباء.
لماذا فعلت بأهلك كل ذلك؟
ماذا كنت تريد يا عبد الملك الحوثي؟
المُلك؟ أكنتَ لتصدق أنه بمقدور الشخص في العام ٢٠١٥ أن يخرج من الجبل ويدخل المدن ويعلن نفسه ملكاً على عشرات الملايين وأمام العالم، وأن تمضي هذه العملية إلى منتهاها هكذا بيسر؟
الرمال تتحرك من تحت قدميك وأنت لم يعد لديك الكثير لتقدمه. خياراتك الاستراتيجية مكشوفة: أن تحول ما تحت يديك من المحافظات الشمالية إلى شكل جديد من أشكال "الجمهورية العربية اليمنية" وأن تؤسس جماعات إرهابية صغيرة تحت نظرك. أي حتى يتسنى لك القول: إما أنا أو هذه الجماعات المتطرفة.
حسناً:
رأيناك تختار المساكين من البهرة قبل أيام لتدشين هذا الخيار الاستراتيجي. ويبدو أنه لم يكن ناجحاً كما توقعت. ذلك أن الأحداث تجري بسرعة ولا تسمح لأحد بالتقاط صور تذكارية لخياراتك الاستراتيجية. ربما تعيد الكرة مرة أخرى غداً وفي صنعاء. افعلها في صنعاء، فلا توجد حالياً كاميرات سوى في صنعاء. لن تنجح العملية. ذلك أنك قد مارست أعلى درجات الإرهاب الممكنة. ولا توجد عملية إرهابية أكثر قذارة وإجراماً من تدمير الدولة وتفكيك السلم الاجتماعي. مهما حدثت من عمليات إرهابية تحتها فإن "العملية الإرهابية الكبرى تهيمن على ما هو أصغر منها". هذه قوانين رياضية يا جعنان، ثابتة وصلبة مثلها مثل إن الشمس تطلع في النهار وأنك تفتقر لما يكفي من العقل.
الرمال تتحرك من تحت قدميك يا عبد الملك، والكهف ميراثك الوحيد، وقد تفقده.
حسناً..
تتذكر وفدك إلى جنيف قبل شهر. رأينا الغرور والكبرياء في ملامحهم حتى إنهم رفضوا النزول من الأوتيل ولم يدخلوا مبنى الأمم المتحدة. قالوا صراحة: نحن منتصرون والأرض لنا فعلى ماذا نفاوض.
ولم يمض سوى وقت قصير حتى كنتَ تستغيث تطالب الأمم المتحدة بحماية جماعتك.
أذكرك بهذه الأمور لأنك تنسى بسرعة، ولأنك لا تملك من العقل الحديث والأخلاق الحديثة ما يكفيك.
ذهبت جماعتك يتبخترون في شوارع جنيف كأنهم حازوا كأس العالم! أو جابوا جول في الجزائر.
الرمال تتحرك من تحتك، ولم تعد قادراً على فعل شيء. كل صنيعك الآن هو أن تحتفظ بالأماكن التي تتمترس فيها تشكيلاتك العسكرية في المدن وتسوق ما بقي لديك من رجال إلى الفناء معصوبي العينين.
أخبرني طبيب قبل يومين عن سبعة حوثيين في صنعاء قدموا من لحج. قدموا إليه بوصفهم جرحى، ولم يكونوا جرحى. كانوا يعانون من همدان وتعب وسخونية ربما بسبب حمى ضنك. حمدوا الله أمامه لأنهم نجوا من المذبحة في لحج. قال الطبيب: أخبروني بذهول عن كيف كانت المقاتلات الحربية تحرق المزارع والمنحدرات التي يختبئون فيها ولا تبقي فيها شيئاً.
إنها محرقة كبيرة خلقتها يا عبد الملك لأصحابك.
قبل يومين دون ناشط في صفحته مشاهداته من جنازة حضرها في بني حشيش. في الجنازة وقف أحد الشخصيات الهاشمية وألقى كلمة في الحاضرين. شكر الرجل مديرية بني حشيش لأنها قدمت، بحسب كلمات الرجل، ٣٧٠٠ شهيداً حتى الآن. رحت أبحث عن موضوع بني حشيش ديموغرافياً وتاريخياً وثقافياً فوجدتها مديرية لايزيد سكانها عن ٧٥ ألفاً. يسيطر عليها متطرفو الهاشمية ويعزلونها عن كل العالم. مؤخراً استخدموها خزاناً بشرياً وراحوا يحرقون أبناءها في كل اليمن مثل حنطة الشتاء.
وذلك هو المشروع الوحيد الذي يقدمه مخصي مرّان، المخلوق الذي لا يملك ما يكفي من العقل.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك