تناول سياسيون دلالات وأبعاد قرار مجلس الأمن بشأن معيقي التسوية في اليمن بندوة أقامها المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية اليوم الاحد بصنعاء.
وقال رئيس المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية الدكتور محمد الأفندي ان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140 بشأن معيقي التسوية السياسية في اليمن يؤشر إلى أربع دلالات، أولها دعم ثورة التغيير السلمي في مسارها السياسي المؤدي إلى بناء اليمن الجديد.
وأضاف الأفندي خلال الندوة حول قرار مجلس الأمن الدولي حول معيقي التسوية السياسية في اليمن "الدلالات والأبعاد" وشارك فيها عدد من الأكاديميين والسياسيين، إلى ان الإشارة الثانية هي مباركة مجلس الأمن لتوافق اليمنيين حول مخرجات الحوار الوطني، بعد مخاض استمر 10 أشهر.
وتابع "الثالث أن مجلس الأمن يدعم الشعب اليمني في تنفيذ هذه المخرجات، وكذا دعم المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية، فيما الرابع يؤشر إلى حماية تنفيذ هذه المخرجات من المعرقلين، بينما يؤشر في الرابع المتعلق بحماية تنفيذ مخرجات الحوار تمثل تحدي وفرصة" داعياً إلى استغلال هذه الفرصة".
وأشار الدكتور الأفندي إلى أن أغلب بنود القرار الأممي هي تنفيذ لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، منوهاً بالشراكة المطلوبة مع المنظمات الإقليمية أو الدولية، حيث أن طلب الدولة لهذه الشراكة هو عمل سيادي في حد ذاته.
وقال "إن النقطة الأنصع في القرار هي تأكيده على موضوع الحكم الرشيد لتأسيس الدولة المدنية" وذلك ضمن 45 نقطة تشير إلى سمات التغيير السلمي في اليمن، مؤكداً أن شراكة اليمن مع العالم الخارجي هي لصالح اليمن.
فيما قدم المدير التنفيذي للمركز اليمني للدراسات الاستراتيجية الدكتور ناصر الطويل قراءة لقرار مجلس الأمن، مشيراً إلى أنها تحمل ثلاثة دلائل ورسائل، هي الاهتمام الإقليمي والدولي باليمن حتى لا تنزلق إلى الصراع، واستكمال خطوات التسوية السياسية، والحفاظ على المصلحة الكبيرة للمجتمع الدولي في اليمن، خوفاً من حدوث أي فراغ تستغله القوى المناوئة، التي تهدد الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي.
ودعا الطويل إلى قراءة قرار مجلس الأمن 2140 قراءة موضوعية، مشيراً إلى أنه يحتوي على رزمة من المعالجات، ومعاقبة للمعرقلين، كما تضمن ايضاً اجراءات خاصة باليمن تتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية.
وقال "إن القراءة الموضوعية للقرار تكشف إلى أن ما تتناوله أطراف سياسية في إطار التوظيف والتشويه بسبب أن بنوده تمس بعض الأطراف السياسية، من زاوية تأثر مصالحها".
وارجع الطويل استدعاء الحضور الخارجي في الشأن اليمني إلى العام 2000، لكنه قال ان هذا الحضور أخذ في التصاعد منذ العام 2006 حينما عقد مؤتمر المانحين، الذي كشف أن السلطة اليمن عاجزة في إدارة البلاد، فجاء الإسناد الدولي الذي أخذ بعد مؤسسي من تشكيل مجموعة أصدقاء اليمن كهيئة دولية لمساعدة اليمن، التي عجزت السلطة فيها عن توفير المتطلبات الاقتصادية، لافتاً إلى أن الحضور الخارجي تزايد منذ 2011، بسبب أن القوى الخارجية تخاف على مصالحها في اليمن.
وتحدث الطويل عما حدث في العام 2011 أثناء اندلاع الثورة الشبابية من انقسام سياسي وتوازن، وما اعترض اليمن من مسارات خطيرة، في ظل ضعف الموارد، الأمر الذي أوجد مساحة للحضور الخارجي بطلب من القوى اليمنية، فكانت المبادرة الخليجية التي اعتبرها نوعاً من الشرعية والمؤسسية للحضور الخارجي، مضيفاً "وقد أخرجت المبادرة الخليجية اليمن من منحى الصراع والصدام في حين ظلت اطراف سياسية استفادت من المبادرة تقاوم التغيير السياسي وتعمل على اضعاف الدولة في حين كان المجتمع الدولي يمارس ضغوطاً عليها وتعود كثير من النجاحات إلى هذه الضغوط".
وأكد أن استمرار الأعمال المعيقة للتسوية السياسية لها مخاطر كبيرة لا يمكن السكوت عليها، ادركها المجتمع الدولي.
ونوه بإجماع المجتمع الدولي حول الوضع في اليمن، وهو ما انعكس على التصويت على القرار 214 وما سبقه من قرارات جاءت بصورة تدريجية، وهي الحالة الوحيدة التي يحصل حولها إجماع، مشيراً أن ذلك يرجع إلى إدراك المجتمع الدولي للمخاطر في اليمن وانعكاسها على الأمن والاستقرار العالميين، وتابع: "كما كان تقدير الأطراف الداخلية والخارجية للخطر من معيقي التسوية في ظل ضعف الدولة حتى لا يؤدي ذلك إلى نسف المبادرة الخليجية".
وأوضح الطويل أن من تم إدراجهم تحت الفصل السابع هم فقط المعرقلين للتسوية والعملية السياسية، وليس كما يجري في العراق التي كانت واقعة تحت الحرب والاحتلال، في حين أن الهدف الأساسي من القرار في اليمن هو توفير أكبر قدر من الضغوط على المعرقلين والقوى التي تمارس العنف حتى تقلع عن ممارساتها، معتبراً قرار مجلس الأمن في هذا التوقيت "بعد انتهاء مؤتمر الحوار" اسناداً لسلطة الرئيس عبدربه منصور هادي، لتجاوز التحديات الداخلية، وأن ردود الفعل على القرار تشبه ردود الفعل على المبادرة الخارجية، التي تبين فيما بعد أنها اخرجت اليمن في ظل توازن القوى وتعدد الأطراف. حسب قوله.
وعن حيثيات القرار أكد أن القرار لم يصدر إلا بعد مشاورات للمبعوث الأممي جمال بنعمر مع سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية والراعية للتسوية السياسية، داعياً اليمنيين أن يلتقطوا هذا الاجماع الذي يمثل اسناداً لنظام الرئيس هادي، الذي يجب عليه استغلاله في انجاز كثير من المهام، وقطع شوط كبير في عملية التغيير السياسي، كما دعا الأطراف السياسية إلى استغلال هذا الظرف للمساعدة على عبور اليمن في هذه المرحلة، والاستفادة من الاهتمام الدولي وتوظيفه لإخراج اليمن إلى بر الأمان.
من جانبه أشار الباحث في العلوم السياسية الدكتور عبدالخالق السمدة إلى مميزات قرار مجلس الأمن 2140، موضحاً أنه "شامل وأخذ بأدق التفاصيل" كما أنه شخص الحالة اليمنية تشخيصاً دقيقاً، وجعل الموضوع قيد النظر بتشكيل لجنة خاصة ببحث معيقي التسوية.
وأكد السمدة أن ملخص القرار يوجب على يطالب اليمنيين إنهاء المرحلة التي وضعهم فيها النظام السابق تحت الوصاية الدولية، وانجاز المهام للوصول إلى الوضع الآمن والمستقر، كما شدد على الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره واستقلاله، خصوصاً بعد بروز معيقات كبيرة إثر انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الذي أمل اليمنيون أن يخرجهم إلى شاطئ الأمان.
فيما نفى السياسي محمد صالح قرعة ما يتم ترويجه من أن القرار الدولي سيضع اليمن تحت الوصاية الدولية، وأكد أن القرار استهدف المعيقين للتسوية فقط، وأضاف "لو لم يكن عناك إعاقات فلن نكون بحاجة لأي قرار.
ولفت قرعة إلى قرار مجلس الأمن هدف إلى استكمال نقل السلطة، وانجاز الدستور والاستفتاء عليه، وانجاز قانون الانتخابات والسجل الانتخابي الجديد، والانتقال إلى الدولة الاتحادية التي اتفق عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار، صوتوا على وثيقته النهائية بالإجماع.
وأشار إلى أن القرار تضمن 35 إجراء تنفيذي، كان أهمها البند الخاص بمعاقبة معيقي التسوية، وأن مجلس الأمن سيرسل لجنة من الخبراء لمساعدة لجنة العقوبات في تحديد المعيقين، داعياً الحريصين على مصالحهم وأموالهم ومستقبل أولادهم أن لا يستمروا في عرقلة العملية والانتقال السياسي، كما دعا الرئيس إلى استكمال هيكلة الجيش والأمن ليكونا يد قوية للوطن.
واستعرض قرعة بنوداً اعتبرها أكثر ايجابية في القرار، وهي المتعلقة بدعوة المانحين للوفاء بالتزاماتهم الاقتصادية تجاه اليمن، وحث الحكومة اليمنية على الالتزام بالاصلاحات المطلوبة، والتشديد على استعادة الأموال المنهوبة، واصدرا قانون العدالة الانتقالية، وتشكيل لجنة حقوق الإنسان وانتهاكات 2011.
أما السياسي عقيل البحم فقد قال إنما يجري في الحاضر إنما هو امتداد لفساد الماضي، الذي يمكن تداركه بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، التي جاء قرار مجلس الأمن معززاً لها، وطالب الرئيس هادي والحكومة بتنفيذ هذه المخرجات بنداً بنداً للخروج باليمن إلى الوضع الآمن.
الباحث السياسي محمد العزاني تحدث عن دلالات القرار من النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، موضحاً أنها تعني "أننا فشلنا في إدارة دولتنا من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية" داعياً إلى التعامل مع قرار مجلس الأمن كما هو.
وعن أبعاد القرار، قال أنه له أبعاد داخلية تتمثل في الأفراد، مشدداً على الجميع أن يكونوا عند مستوى المسئولية والتعامل بجدية بعيداً عن المزايدات، مذكراً بأن السلطة هي من دعت المنظمة الدولية في العام 2006 في مؤتمر لندن للتدخل، وموافقتها إلى إجراء تغيير في النظام، كما تتمثل في القوى السياسية التي دعاها إلى أن تكون على قدر عالِ من المسئولية التاريخية.
وأوضح أن الأبعاد الخارجية للقرار هي أنه مثل رسالة للدول التي تدعم الشخصيات أو الأطراف المعرقلة، لرفع أيديهم عن دعم المعرقلين، مؤكداً أن الأوضاع الاقتصادية هي التي أدت إلى البعد الخارجي، وقال "وعلى كل الأطراف أن تعي الرسائل، وخصوصاً الجماعات المسلحة والحراك".
بينما دعا استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور بكيل الزنداني إلى الاستفادة من القرار الدولي، كما تم الاستفادة من المبادرة الخليجية، مطالباً القوى اليمنية أن تدرك أن مسئوليتها كبيرة.
وأكد أن الفصل السابع يختص بالعقوبات للأفراد والهيئات والدول من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين، في حين هدف القرار المتعلق باليمن إلى ابعاد الصراع على السلطة عن طريق العنف، وأكد بقوله "لم تندرج الجمهورية اليمنية في القرار، وإنما يندرج اشخاص ومنظمات وجماعات".
ودعا إلى عدم الخوف من القرار، الذي يمكن توظيفه ايجابياً فيما لو انتقلت السلطة سلمياً، وتابع "لو كان حدث ذلك ما كنا احتجنا إلى قرار" وقال "يجب أن لا نترك من يمتلكون امكانيات مالية وعسكرية أن يعبثوا ويضحوا بمستقبل الوطن والشعب" داعياً إلى التخلص من الإرث الثقيل لنفي أي مبرر للتدخل الخارجي، بإنجاز التحول الديمقراطي.
الدكتور صادق عجان ذهب إلى أن قرار مجلس الأمن جاء حين لم يستطع اليمنيون أن يعبروا عن مصالحهم بالطريقة السلمية والحضارية، شاكراً مجلس الأمن والمجتمع الدولي الذي قال أنهم يعون ويدركون كيف يقومون بواجبهم نحو العالم.
وذكّر بأن مجلس الأمن حاضر منذ انطلاق الثورة في 2011 حين حيث اليمنيين على الجلوس على طاولة الحوار، ثم بتشجيع المبادرة الخليجية، واشرافه على مجريات الحوار وجهود التغلب على المعوقات، حتى الحث على تنفيذ مخرجاته، معتبراً قرار مجلس الأمن سيفاً مصلتاً على رأس من يحاولون إعاقة تنفيذ مخرجات الحوار.
فيما اختلفت الدكتورة سهام الارياني عن ما طرحه أغلب المشاركون، وقالت إن قرار مجلس الأمن جاء مخيباً لآمال المبعوث الدولي جمال بنعمر، بالتزامه الشديد بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله.
ورأت أن العقوبات الاقتصادية التي أشار إليها القرار لم تحدد اشخاصاً بعينهم أو أي كيانات.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك