كاتب يمني يكشف عن 6 مشاهد غابت عن صالح .. فقتله الحوثيين

 
اعتقد الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، أنه يمتلك القاعدتين الشعبية والعسكرية في اليمن، وأن بإمكانه الرقص طويلا على رؤوس الثعابين.
 
وفي مقال نشره الكاتب عبدالله حميد الدين في موقع "مركز المسبار للدراسات والبحوث" حول التنظيمات المسلحة اليمنية بعد اغتيال صالح، رأى أن الجميع كان يظن أن صالح هو الطرف الأقوى واللاعب الرئيس في اليمن، والذي كان يُفترض أنه يملك القاعدتين الشعبية والعسكرية لفرض الواقع الذي يريده في شمال اليمن.
 
وأضاف "كنّا نفهم اليمن وما فيها من تفاعلات من خلال فهمنا لقدرات علي صالح، وكُنّا نحلل قدرات صالح من زاوية مقوّمات قُدراته التاريخية: تحالفاته السابقة، البُنية الاجتماعية والقبلية والعسكرية السابقة، شعبيّته السابقة".
 
وسلط الكاتب الضوء على دور صالح في تمكين التنظيمات المسلحة باليمن، وذلك بغرض توظيفها في صراعاته السياسية مع حلفائه من آل عبدالله الأحمر، وحزب الإصلاح، وعلي محسن الأحمر، بل تنافس مع حلفائه في دعم بعض قيادات القاعدة في المناطق الجنوبية من اليمن، وذلك لغرض ابتزاز الولايات المتحدة والمملكة العربية#السعودية من جهة، ومن جهة أخرى لإظهار نفسه كأنه الخيار الوحيد لمكافحة التنظيمات المسلحة الإرهابية، ومن جهة ثالثة لوصم خصومه بأنهم رعاة الإرهاب وداعموه.
 
وتابع الكاتب أن صالح كان يعدّ خصومه المسلحين مجرد ورقة يوظِّفها لتعزيز حكمه، ولم يعدّهم تهديداً على وجوده. وذلك للأسباب الثلاثة الآتية:
 
الأول: أنه لم يكن متمسكاً بفكرة الدولة بقدر ما كان حريصاً على سلطته الخاصة، فكرة الدولة تتناقض مع وجود جماعات مسلّحة ذات نفوذ، مهما كان ذلك النفوذ محدوداً. فكرة الدولة تعتبر أن السلاح الموجود لدى أي جماعة منظمة تهديداً كامناً وخطراً لا بد من التعامل معه. ولكن الحفاظ على السلطة قد يتطلب وجود جماعات مسلحة خارج الدولة لأغراض توازنات ومنافسات، سواء كانت جماعات قبلية أو تنظيمات إرهابية. علي صالح كان ينظر إلى التنظيمات المسلحة كما ينظر إلى القبائل المسلحة: هي تهديد إذا وجهت السلاح إليه، وليست كذلك إذا وجهت السلاح إلى خصومه. يدعم القبيلة أو التنظيم، في الوقت الذي يدعم خصوم القبيلة أو التنظيم، في الوقت الذي يوجه سلاح الدولة ضد القبيلة أو التنظيم.
 
السبب الثاني المحتمل: هو أن علي صالح كان يعلم كل العلم أن البيئة الاجتماعية اليمنية هي المحدّد الأساسي لديمومة أي تنظيم مسلح. عندما دعم القاعدة في المناطق الجنوبية من اليمن، كان يعلم أنها ستنشط بسبب السخط الاجتماعي والسياسي ضد حكمه، وأن القاعدة ستنتهي بمجرد ما يتم معالجة ذلك السخط؛ بعبارة أخرى، كان يعلم أن البيئة القبليّة اليمنية بطبيعتها بيئة طاردة للأجسام الغريبة، وأن وجود أي جسم غريب هو وضع استثنائي ومؤقت، ويمكن استثماره إلى حين الاستغناء عنه.
السبب الثالث المحتمل: أنه كان يدعم التنظيمات المسلحة، وفي الوقت نفسه يخترقها، بحيث يُمكنه التأثير عليها متى أراد، أو في حال لم يمكنه ذلك، فإنه قادر على القضاء عليها بنفسه أو بالتعاون مع الولايات المتحدة، كان يفكر في كيفية القضاء على الجماعة المسلحة منذ اللحظات الأولى لدعمها تأسيساً أو انتشاراً.
ولكن كل هذا بدأ بالتغيّر بعد خروجه من الحكم.

 
البيئة الاجتماعية لا زالت طاردة للأجسام الغريبة، ولكن مع خروج علي صالح من الحكم حصلت أمور ذات تأثيرات متداخلة:
 
الأول: تضخمت الأجسام الغريبة بدون وجود مقاومة من الدولة كما كان سابقاً في عهد صالح، إلى حد أنها أصبحت تنافس البيئة الاجتماعية.
الثاني: بدأت بعض البيئات الاجتماعية في المناطق الجنوبية استثمار وجود التنظيمات المسلحة، كالقاعدة، في صراعاتها المحليّة.
الثالث: استطاع الحوثيون استغلال فراغ السلطة الناشئ، لتوطيد حضورهم وتوسيع نفوذهم.
الرابع: فقد صالح تدريجياً علاقاته داخل بعض التنظيمات التي أسهم في تأسيسها، أو دعم انتشارها، ولم يعد لديه نفوذ على ما تبقّى لديه من علاقات.
الخامس: فقد صالح الكثير من نفوذه العسكري وقدرته التحشيدية وقاعدته القبلية، والتي ارتبطت به في الأساس من موقعه الرئاسي وليس لشخصه، كما فقد حليفه الأساسي وإلى حد كبير أهم مصدر نفوذه: المملكة العربية السعودية.
السادس: حصل كل ذلك في بيئة لا تعيرُ للدولة اهتماما، وفي مُناخ صراعات سياسية وعسكرية لم تعط المجال لأي مشروع يهدف إلى إعادة الاعتبار لفكرة الدولة.
 
ويستنتج الكاتب أنّ خروج صالح من الحكم مكّن التنظيمات المسلحة، ليس لكونه خصماً لها في الأساس، ولكن لكونه مهّد لها ثم فقد القدرة على ضبط إيقاع انتشارها.
 
ولكن صالح لم يُدرك المتغيّرات، كما أن المراقبين والمحللين لم يدركوها، لذلك بقي يظنّ- كما ظن الكثير منا- أنه اللاعب الأساسي. هو بالفعل كان لا يزال لاعباً أساسياً، ولكن في النطاق السياسي فحسب، ولم يعد لاعباً مؤثراً في النطاق العسكري، وهو النطاق المؤثر على واقع التنظيمات المسلحة في اليمن، كان يُمكنه القيام بالكثير سياسياً، خاصة بعد انتهاء النزاع المسلح في البلاد، ولكن لم يكن لديه ما يقوم به عسكرياً، وبالتالي لم يعد لديه ما يقدّمه في مجال كبح جماح انتشار الجماعات المسلحة.
 
واختتم مقاله بنتيجة أن مقتل صالح لا يؤثر على مشهد التنظيمات المسلحة في اليمن، لأنّه كان قد تغيّر بالفعل في حياته، ومنذ خروجه من الحكم؛ ولكن مقتله سيدفعنا لإعادة النظر في المشهد اليمني وتعقيداته، بدون الضبابيّة التي كان يسببها وجود صالح، واقتناع الكثيرين منا بأنه لا يزال اللاعب الأساسي سياسياً وعسكرياً.
 
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< روحاني : أمران إذا قامت بهما السعودية فلا مشكلة لنا معها
< هؤلاء هم الـ 10 الوزراء المؤتمريين الذين هم تحت الإقامة الجبرية
< بالصور .. رغم قيود الحوثيين .. تشييع كبير للحارس الشخصي لصالح في العاصمة صنعاء
< الرئيس هادي يناقش مع اللواء أحمد عسيري والسفير السعودي لدى اليمن الخطوط العريضة لإعادة إعمار اليمن
< إقتحام منزل السفير الحجري وصهر الرئيس السابق " صالح " من قبل الحوثيين بصنعاء
< بن دغر يصدر توجيه بشأن النازحين القادمين من المحافظات الشمالية إلى عدن
< الفريق علي محسن الأحمر يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية ( صوره)

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: