حزب المؤتمر بين المقاومة والتحوث

 
ليس هناك أسوء من خطر  الحوثي الذي وقع على حزب المؤتمر  الذي جعله منقسم الى قسمين قسم مع الشرعية وقسم مع الإنقلاب ، قسم مع هادي وقسم مع صالح ، قسم مقاومة وقسم متحوث ليجعل ذلك الحزب الذي يمتلك اكبر قاعدة جماهيرية في اليمن يحارب بعضه بعضاً وينقلب بعضه على بعض مماولد أنقسام بين القيادة وأنقسام في القاعدة توزعت بين المؤيد والمعارض وبين المتحوث والمقاوم .
 
كان ينظر نظرة مبكرة الى حزب المؤتمر وتلك النظرة ناتجة عن سياسة إيرانية تقتضي أن الحوثي لن يستطيع أن يحقق هدفه في اليمن إلا إذا أستعان بحزب المؤتمر ولكي يتناسب ذلك مع الواقع يتطلب أن ينقسم المؤتمر الى قسمين حتى يستطيع الحوثي أن يتغلب ، أما في حالة بقاء حزب المؤتمر موحداً وتحالف معه الحوثي ففي هذه الحالة سيكون المؤتمر المسيطر ، وبمعنى أوضح تقتضي النظرة الحوثية أن التحالف مع المؤتمر كحزب موحد يجعل المؤتمر مسيطر وتكون النتيجة في النهاية استخدام المؤتمر للحوثي ، والتحالف مع المؤتمر المنقسم ضد بعض يؤدي الى نتيجة مفادها سيطرة الحوثي واستخدامه للمؤتمر إستخدام فقط .. وهذا ماحدث بالفعل .
 
عندما اندلعت أزمة ٢٠١١ في اليمن الناتجة عن موجة الربيع العربي ، نزل الحوثيون الى ساحة الاعتصامات كثوار يطالبون بإسقاط النظام ، وعندما أنضم قائد الفرقة الأولى مدرع الى مايسمى الثورة الشبابية ادرك الحوثيون حجم التوازن المطلوب لكي يستطيعوا أن يكونوا الغالبون ويستغلون تلك الثورة الشبابية لصالحهم بطريقة أخرى ، فأتجهوا نحو تقديم طلبهم إلى العميد أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري آنذاك وطالبوه بالانضمام إلى ساحة الاعتصامات وتسجيل موقف يصب في صالحهم نظام صالح والحوثيين يستطيعون من خلاله التغلب على المكونات الثورية الأخرى ، وهذا مارفضة العميد أحمد علي عبدالله صالح وأعترف به قادة حوثيون كبار.
 
عندما تم التوقيع على المبادرة الخليجية التي جمعت الأطراف على طاولة ألأتفاق وتم بعدها ألأنتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة الوفاق ، أتجه الحوثيون إلى تحقيق نفس هدفهم المرسوم ولكنه في هذه المرة مختلفاً من حيث اصبحت حكومة وفاقية بعد المبادرة التي كانت قبلها حكومة مؤتمرية وهذا ماسيسهل تقسيم المؤتمر بدعوى إسقاط الحكومة المحسوب رئيسها على طرف حزب الاصلاح وآل الأحمر .
 
أستطاع الحوثي أن يستخدم المؤتمر في إفشال حكومة الوفاق لكي يسهل إسقاطها ، فقد توجه الحوثي إلى الاستعانة بشخصيات مقربة من الزعيم صالح لضرب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط وإحداث الفوضى ، وهذا مادفع رئيس جهاز الأمن القومي علي الآنسي أن يرفع تقريراً الى الرئيس هادي يتضمن أن الزعيم صالح هو من يقف وراء تلك المشاكل .... ومن هنا بدأت علامات الأختلافات وسقوط الثقة بين صالح وهادي .
 
أستطاع الحوثيون أن ينجحوا في إستخدام الاعلام المؤتمري لصالحهم وتحقيق أهدافهم ، فقد قد أستطاعوا إستقطاب نشطاء المؤتمر ومواقعهم الالكترونية وصحفه وقنواته لما يخدم سياستهم ، ولعل الذين عمقوا وقيعة الفتنة بين هادي وصالح هم المفسبكون الذين تعمدوا إلى النيل من شخصية الرئيس هادي بينما أصبحت صحيفة اليمن اليوم كأنها صحيفة حوثية ، وأيضاً قناة اليمن اليوم التي حققت أهداف الحوثي بطريقة المغالطة التي تدعي حرية الرأي وغيرها ، ولعلي أتذكر موقف الشيخ سلطان البركاني الذي وجه انتقاداً لاذعاً لنشطاء المؤتمر في الفيسبوك متهماً لهم بايقاع الفتنة بين قيادات المؤتمر ،  وهنا أقول بكل إختصار إن الاعلام المؤتمري هو من أكبر من خدم أهداف الحوثي وقد ذلك الخطر من خلال اتجاه الرئيس هادي ونجله الى إنشاء العديد من المواقع الالكترونية التي تساهم بالدفاع عن تلك الحرب الاعلامية التي يشنوها المؤتمريون ضد الرئيس المؤتمري الذي لو وقف إعلام المؤتمر معه ماكان يحتاج الى إنشاء مواقع الكترونية .
 
أستطاع الحوثيون أن ينجحوا في إستخدام الجناح الحوثي داخل المؤتمر لمحاربة المؤتمريون الشرفاء وشق الصف المؤتمري ، حتى تعمق ذلك وأصبح مقرباً إلى الزعيم صالح حتى وصل ألأمر إلى أن يصبحوا مستشاروه وراسمون سياسته ومحتوون أقرباءه وبطانته ، وقد وصل الأمر إلى أن يأتي صحفي حوثي يخزن في مقيل الزعيم فيعطيه النصائح ويلقي عليه الاراء ويتم العمل بذلك متجاهلون عقلاء المؤتمر وقياداته المخلصة والحكيمة .
 
أستطاع الحوثيون أن يستخدموا عائلة آل صالح في الاسائة الى الرئيس هادي من خلال مواقعهم الاعلامية وكتاباتهم وبعض أنشطتهم . وذلك ناتج من تلك البطانة الحوثية التي قربها آل صالح اليهم واستطاعوا أن يستخفوا بهم بطريقة ذكية ليجعلونهم سبب في توسع الخلافات بين هادي وصالح وشق الصف المؤتمري .. وربما أن ذلك قد تنبه له الزعيم صالح واصدر بياناً يوضح فيه أن مواقف بعض أقربائه لاتعبر عنه ، ولكن هذا التوضيح لن يكون مبرر مقنع .

 
أيضاً كان من ضمن الاسباب التي لم تحافظ على وحدة حزب المؤتمر هو الصراع موقع قيادة الحزب وهنا سندرك خطأ التعامل الذي لم يقدم حلاً منصفاً حسب اللائحة التنظيمية الداخلية للمؤتمر ، فاللائحة التنظيمية للمؤتمر تقتضي تسليم قيادة الحزب لمن يكون في موقع رئاسة الجمهورية ، ولكن لن يتم التسليم الا عبر انعقاد مؤتمر عام للحزب ، وهنا أقول أنه كان يجب الالتزام باللوائح وانعقاد مؤتمر ثامن لحزب المؤتمر ، وكان ينبغي على الزعيم صالح ان يستعمل نفس الطريقة الحكيمة التي استعملها في تسليم السلطة ويستخدمها في تسليم قيادة حزب المؤتمر ، فإذا كان تسليم السلطة من الحفاظ على اليمن ودماء اليمنيون ، فأن تسليم قيادة رئاسة المؤتمر حفاظاً على وحدة المؤتمر والمؤتمريون ، واذا كان تسليم السلطة هو ترسيخ النهج الديمقراطي الذي أسسه الزعيم صالح ، فأن تسليم رئاسة المؤتمر هو تطبيق للوائح التنظيميه للحزب الذي أسسه الرئيس صالح ... بصورة أجمل كان ينبغي على الزعيم صالح الذي أصبح يرى رئيساً غيره لليمن أن يرى رئيساً لحزب المؤتمر غيره .. ومثلما عاد  الرئيس صالح الى مواطن يمني كان ينبغي عليه أن يتنازل  من رئاسة حزبه ويعود كمرجعية أو عضواً في حزبه فهذه الطريقة ستجعله يقدم نموذجاً رائعاً لامثيل له وستجعل من بعده ملزمون بنفس الفعل الذي فعله في تسليم السلطة وفي رئاسة الحزب .
 
لقد نجح الحوثيون أيضاً أن يجعلوا حزب المؤتمر حزب متطرف ، وذلك عبر المؤتمريون الواقفون مع الانقلاب الذين ساعدوا المجتمع في تصوير كل من يقف ضد الحوثي بأنه داعشي أو أرهابي حتى وصل الأمر الى تصوير أولئك القادة المؤتمريون بالدواعش فهادي داعشي والارياني داعشي وبن دغر داعشي وكل من يقف ضد الحوثي فهو داعشي .
 
كان يجب على المؤتمريين وعلى رأسهم الزعيم صالح أن يعلموا أن نجاح المؤتمر كحزب وطني مرهون بنجاح الرئيس هادي ، ومثلما نقول سلام الله على عفاش يجب أن نقول سلام الله على هادي ، فنجاح هادي هو نجاح المؤتمر ، ويجب أن نفرق بين الحكومة الوفاقية ورئيس الجمهورية المؤتمري ومن الحماقة أن نحارب انفسنا بأنفسنا ولا نراعي مشاعر بعضنا بعضاً .
 
عندما قام الرئيس هادي بتشكيل الحكومة الاخيرة كان يجب على المؤتمر أن يحافظ على أمينه العام ومنحه التقدير والاحترام من خلال أحترام موقعه ، فهادي الذي أعطى الزعيم كل الاحترام وجعل له الحرية الكاملة في تشكيل الحكومات بدون اعتراض عندما كان نائبا ً له وامين عام حزبه ، كان يجب على الزعيم صالح ان يقدر ذلك ، وأيضاً يجب على هادي أن يقوي من خلال موقعه قاعدة حزب المؤتمر في الجنوب وهذا سيصب في صالح الحزب بشكل عام لو أدركنا ذلك من خلال تشكيل هادي للحكومة الاخيرة .
 
أقول  ليس هناك متضرر أكبر مما فعله الحوثي في اليمن الا حزب المؤتمر ، فقد استطاع الحوثي ان يستخدم المؤتمر في محاربة الوطن وفي محاربة المؤتمر بالمؤتمر ، فالحوثي حارب الاصلاحيون بالمؤتمر وقضى على الفرقة الاولى من خلال استخدام الحرس الجمهوري الموالي للمؤتمر وحارب الشرعية المؤتمرية من خلال استخدام المؤتمر ، وحارب الوحدة والجمهورية بالمؤتمر .
 
فأي عقول لاتدرك حجم تلك الخسارة المؤتمرية الكبيرة التي قدمت من أجل الحوثي .
في هذا الموضوع كثير ولا أستطيع أن أكمل الان وسأكمل في مقال لاحق ، ولكني أقول  انني تكلمت بهذا الكلام من خلال نظرتي الى المصلحة الوطنية المطلوبة من المؤتمر كحزب وطني ومن   المصلحة الحزبية المطلوبة من كل المؤتمريين ان يحافظوا وحدة حزبهم بدون التعصب الى صالح أو هادي وبدون السقوط في حيلة المؤامرات الحوثية الذي جعلتهم يسقطون بطريقة سهلة امام الخدع الحوثية التي أثبتت أن المؤتمريين حمقى واغبياء لم يمتلكون نظرة عقل ولا حكمة رأي ولا رؤية عمق .
الحوثي أكبر مستفيد من المؤتمر ، والمؤتمر أكبر متضرر من الحوثي
 
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< سقوط طائرة تابعة لقوات التحالف بمأرب
< بالصور .. الوزراء الجدد يؤدون اليمين الدستورية أمام الرئيس هادي
< وفد من الحوثيين يغادر إلى مسقط لتسليم رهائن بينهم سعوديين
< تصريح للعميد أحمد عسيري يكشف سبب تأخر حسم معركة مأرب
< آخر مستجدات الأوضاع من تعز (صور مؤلمة )
< عاجل: صدور قرار جديد للجنة الثورية العليا " الحوثية ( نصه )
< " نهاية التاريخ " الحوثي !

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: