حسم التحالف في اليمن والأوراق الإيرانية

 
تدخل التحالف العربي في اليمن  عسكريا  بقيادة السعودية ، ومن الطبيعي أن يكن السؤال التالي مطروحا أمام التحالف ، واليمنيين ، ما الذي تحقق بعد ستة أشهر من العمليات العسكرية ؟  فمن الناحية السياسية، عاد هادي ، وحكومة بحاح المصغرة لعدن ، وبالنسبة للميدان ، تحررت معظم محافظات الجنوب ، ومازالت المحافظات الشمالية ترزح تحت سيطرة المليشيات الانقلابية ، ولو استعرضنا مسرح العمليات العسكرية، نلاحظ أنه مقصور على خمس مناطق عسكرية من إجمالي سبع مناطق ، إذ أن التحالف تجنب قصف المعسكرات التابعة للمنطقة العسكرية الأولى، والثانية اللتين لا زالتا تحتفظان بكثير من قدرتهما   العسكرية ، بخلاف بقية المناطق ، التي تعرضت لآلاف  الضربات الجوية، التي دمرت مخازن سلاحها، وبنيتها التحتية ، لاسيما بعد إعلان قيادة المنطقتين الولاء  للشرعية ، يقصد التحالف من ذلك ، عدم جر هاتين المنطقتين لساحة الحرب ، والحفاظ على ما تبقى من قدرات للجيش اليمني .
 
إن من الجدير ذكره أن نشير إلى أن يقم التحالف، بإسناد مهمات قتالية ،  للمنطقة العسكرية الأولى، والثانية ؛ ليختبر صدق ولائهما ، فربما عمد صالح عدم إدخال المنطقتين  في الحرب ؛ لتؤديا دورا مستقبليا ،  يهدف من خلاله ، خلط الأوراق أمام الحسم العسكري للتحالف؛ ولتصبحا مصدر إسناد حربي، في مناطق الجنوب والشرق ، فقوات صالح، ومليشيات الحوثي ، لم يعد بمقدورها ، نقل أسلحة من المعسكرات المستهدفة من طائرات التحالف ، ما جعلها تغطي احتياجاتها من الأسلحة النوعية ، من المعسكرات الغير مستهدفة ،  فصاروخ توشكا الذي استهدف قوات التحالف في مأرب ، ونجم عنه قتل العشرات منها ، سحب من اللواء 190 دفاع جوي، التابع للمنطقة العسكرية الثانية ، ونقل لمنطقة بين بيحان التابعة لشبوة، وصرواح التابعة لمأرب ، ومن هناك تم إطلاقه.

 
وعندما نتحدث عن سيناريوهات نهاية الحرب في اليمن ، فإننا نستبعد، بناء على تتبعنا أداء مليشيات الانقلاب ، أن تتخلى طواعية عن العنف، وتنفذ قرار مجلس الأمن 2216 ، وأما إذا قدم التحالف العربي تنازلات، نتيجة ضغوط دولية ، أو تقديرات خاطئة ، وتفاوض مع المليشيات ، كشريكة في السلطة ، مع احتفاظ الحوثيين بجزء من ترسانتهم العسكرية، وبسيطرتهم على بعض المدن بما فيها صعدة ، فإن معنى ذلك تخلي دول الخليج بالدرجة الأولى، عن معركتها الحقيقة ، وترك اليمن في حرب أهلية، وصراع داخلي ، يتيح لمليشيات إيران السيطرة عليه مجددا ، وهذا السيناريو ، لو تحقق سيفضي في تصوري لبسط طهران يدها ، ليس على اليمن فحسب ، بل على الجزيرة والخليج ؛ لذا فليس أمام التحالف سوى الإسراع بخيار الحسم العسكري، وإحكام قبضة السلطة الشرعية على كامل التراب الوطني ، بالتزامن مع التحكم في أي مفاوضات سياسية ، يروج لها ، بما يضمن تجريد المليشيات من السلاح .
 
صدمت إيران ؛ مغبة التدخل العربي في اليمن، وما زالت تحت تأثير هذه الصدمة ، يبرهن على ذلك ردة فعلها الحادة ، والغير منضبطة ، لحادثة تدافع الحجاج في منى ،  ويبدو أنها تبحث عن طرق للخروج من صدمتها ، تؤدي إلى استعادة دورها ، عبر تحويل حلفائها ، في أي حوار سياسي متوقع ، من خصوم حرب في الداخل والخارج، إلى شركاء افتراضيين في محاربة الإرهاب ، الذي تنتجه ، وتموله تماما كما صنعت في العراق ، وسوريا، حين أوعزت للمالكي والأسد، بالانسحاب من المدن ، والمحافظات، وتسليمها لداعش ، وهذه الطريقة ، تستثمرها إيران، وتلجأ إليها ، حين تصاب مليشياتها بخسائر فادحة، وعندما تحررت عدن من مليشيات الانقلاب ، لوحظ ظهور جماعات مسلحة ، ليس لها علاقة بعملية التحرير ، بعضها تدعي انتماءها للحراك الجنوبي، والأخرى للدولة الإسلامية، تتلقى إسنادا من شخصيات  مرتبطة بإيران ، أو موالية لنظام صالح ، تسعى لفرض واقع مخالف لأهداف التحالف ، فتورطت في اغتيال بعض قيادات المقاومة ، وبعد إقالة هادي لنائف البكري ، من منصبه كمحافظ لعدن ، تبذل تلك الجماعات قصارى جهدها ؛ من أجل تغيير قائد المنطقة العسكرية الرابعة، بشخص موال لها ؛ لتحكم السيطرة على عدن ، والضالع ، ولحج ، وأبين، وتدخلها في مستنقع الفوضى، وسيطرة الجماعات الجهادية ، أو المرتبطة بطهران ، واضعة كوابحا، تمنع التحالف من  قطف ثمار عملياته العسكرية  في الجنوب ، وفي  ذات الوقت تعيقه من إكمال مهمته في الشمال، ولعل من اللازم للتحالف العربي ؛ ليحسم الحرب لصالح الشعب اليمني ولصالحه ، أن يحرر كل الجغرافيا اليمنية من المهرة حتى صعدة ، وأن يسلم إدارة كل محافظة محررة لإبنائها ، الذين ساهموا في تحريرها ، وأن يسندها بجهاز أمني ، وطني ، وكفء قادر على ضبط الحالة الأمنية ، وقطع الطريق أمام إيران ، وأذنابها دون ذلك فإن الملف اليمني سيكن نسخة طبق الأصل من الملف العراقي أوالسوري ، وعندئذ ناره ستتجاوز اليمن ؛ لتلتهم ما تبقى من الكيان العربي .
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< معلومات جديدة تُكشف عن الإيرانيين المفقودين في حادثة منى من بينهم ضباط في الحرس الثوري الإيراني
< أسماء المواقع التي استهدفها طيران التحالف منذ صباح اليوم بالعاصمة صنعاء
< أسماء المواقع التي استهدفها طيران التحالف منذ صباح اليوم بالعاصمة صنعاء
< الرئيس الإيراني يقول إن إيران مستعدة لنشر الديمقراطية في اليمن كما فعلت في العراق وافغانستان
< أمير قطر يغازل إيران ويكشف عن سبب الخلافات بين إيران ودول الخليج
< عسيري يفاجئ الجميع في تصريحاً جديد حول مجزرة المخا
< شاهد بالصور " بحاح " يزور معسكرات القوات السعودية والإماراتية بعدن

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: