فاز مرشح التحالف الجمهوري الحاكم في تركيا رجب طيب أردوغان، بفترة رئاسية ثالثة مدتها خمس سنوات، بعد حصوله على نسبة 52.50%، مقابل 47.50% لصالح كلجدار أوغلو، في نتائج غير رسمية، بعد أن فشل كلا المرشحين في تحقيق نسبة 50 + واحد، خلال الجولة الأولى من الانتخابات في 14 مايو/ أيار الحالي.
وتأتي نتيجة الفوز غير الرسمية بعد فرز 100% من أصوات الناخبين، وسيتم إعلان النتيجة الرسمية من الهيئة العليا للانتخابات لاحقاً، وتنظر بالاعتراضات المقدمة من المعارضة.
الرئيس الثالث عشر
ويبقى أردوغان في منصبه، ليكون الرئيس الثالث عشر لتركيا منذ إعلان تأسيس الجمهورية على يد مصطفى كمال أتاتورك، الذي تبوأ منصب الرئيس حتى وفاته عام 1938 ليتتالى بعده أحد عشر رئيساً، آخرهم عبد الله غل الذي حكم سبع سنوات (2007/08/28 - 2014/08/28)، قبل وصول أردوغان إلى منصب الرئيس عام 2014 بعد تقلده رئاسة الحكومة لمدة 11 عاماً (2003 - 2014) في نظام حكم برلماني قبل تعديله إلى نظام حكم رئاسي بعد استفتاء شعبي عام 2017، ما سمح لأردوغان بالترشح لفترة رئاسية هذا العام.
وتأتي نتيجة فوز أردوغان بالجولة الثانية من الانتخابات، لأول مرة تُعاد خلالها الانتخابات الرئاسية في تركيا، ليبدأ بما يسمى بالجمهورية الثانية أو المئوية الجديدة، ويبدأ بتطبيق مشروعه التنموي الذي أعلنه "قرن تركيا" في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وكان أردوغان قد قال عن رؤيته لذلك "دخلنا القرن الأول لتأسيس جمهوريتنا عقب الهجوم الذي أراد إنهاء 900 عام من وجودنا في أراضي الأناضول. إن أولئك الذين أرادوا دفن أمتنا في غياهب التاريخ في عهد الدولة العثمانية لم يواجهونا مباشرة هذه المرة، كما فعلوا في جناق قلعة أو كوت العمارة. وبدلاً من ذلك، حاولوا غزو الأناضول من خلال استخدام الوسائل التي يرونها مناسبة".
وتابع "لكن أمتنا، التي أنهكتها أعباء الحروب المستمرة منذ فترة طويلة، انتفضت انتفاضتها الأخيرة قائلة "لا تسلّم وطنك للحقراء" وبدأت كفاحها الوطني وحققت النصر. ومع إعلان تأسيس الجمهورية التركية التي تعتبر دولتنا الكبيرة الثالثة في الأناضول، دخلنا حقبة جديدة تحتوي على العديد من المراحل والكفاحات".
وطاولت العناوين الرئيسية لرؤية القرن التركي على مفاهيم الاستدامة والسلام والنجاح والاستقرار والقوة والرقمية والاتصالات والعلوم والتنمية والقيم والعدالة والاستقلالية.
وخلال تلميحه لتغيير الدستور التركي الموجود منذ عام 1982 بعد الانقلاب العسكري الذي أوصل كنعان أفرن إلى الحكم حتى 1989، يقول أردوغان "إكساب بلدنا دستوراً جديداً نتاج الإرادة الوطنية، هو أحد الأهداف الأولى لرؤيتنا "قرن تركيا"، وهذا الدستور الجديد سيعزز استقرار البلد ويزيد ازدهار الشعب، ويعزز سيادة القانون والتعددية والعدالة ويضمن حريات كل مواطن ويوفر لشباننا النظر بأمل إلى المستقبل".
وتعبيراً عن حلم تركيا بدخول نادي العشرة الكبار بعد وصولها إلى مجموعة العشرين وتحولها من دائن إلى مدين لصندوق النقد الدولي منذ عام 2014، تابع أردوغان: "سنرفع قرن تركيا من خلال تلبية تطلعات شباننا في جميع المجالات من التكنولوجيا إلى الفن، ومن الرياضة إلى البيئة، سنرتقي بقرن تركيا من خلال جعل بلادنا واحدة من أكبر عشر دول في العالم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والدبلوماسية"، كاشفاً أن "قرن تركيا" هو قرن استبدال سياسة الهوية بسياسة الوحدة والاستقطاب بالتكامل، والإنكار بالاحتضان، والهيمنة بالحرية، والكره بالمحبة.
من السجن لرئاسة الحكومة
وولد رجب طيب أردوغان في حي قاسم باشا في إسطنبول في 26 فبراير/شباط 1954، لكنّ أصوله تنحدر من مدينة ريزا الواقعة شمال شرقي تركيا على البحر الأسود، ليتلقى تعليمه الجامعي "العلوم الاقتصادية والتجارية" بجامعة مرمرة التي تخرج منها عام 1981، بعد أن درس المرحلة الثانوية في مدارس الأئمة والخطباء وعدّل شهادة الثانوية في ثانوية أيوب بإسطنبول.
وبرز اسم رجب طيب أردوغان بعد مشواره بكرة القدم عام 1976 حينما تم انتخابه رئيساً للمنظمة الشبابية لحزب السلامة الوطني بمنطقة بايوغلو التابعة لمدينة إسطنبول، وفي السنة نفسها صار رئيساً للمنظمة الشبابية في مدينة إسطنبول. وبقي أردوغان في هذين المنصبين إلى عام 1980.
لكن الأحزاب السياسية تم حلها خلال وبعد انقلاب 1982، لينضم أردوغان عام 1983 إلى صفوف حزب الرفاه ويشغل منصب رئيس الحزب في فرع بايوغلو بإسطنبول عام 1984، ثمّ أصبح رئيساً للحزب في مدينة إسطنبول، وعضواً في اللجنة الإدارية للقرارات المركزية لحزب الرفاه عام 1985.
وفي أثناء رئاسته لفرع حزبه بمدينة إسطنبول وضع هيكلاً تنظيميّاً جديداً للحزب، ما لفت الانتباه إليه وساعده بالوصول لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات المحلية 27 آذار/ مارس 1994، ليبدل من وجه إسطنبول بعد تسديد ديونها المتراكمة، 2 مليار دولار، ومن ثم استثمار نحو 4 مليارات دولار ما زاد من ثقة الأتراك عموماً وسكان إسطنبول خاصة.
وفي 12 كانون الأول/ يناير 1997 تم الحكم على أردوغان بالسجن، أربعة شهور، بسبب قطعة شعرية أنشدها في أثناء إلقائه خطاباً أمام الجماهير في مدينة سيرت، وفُصِل من رئاسة بلدية إسطنبول.
أسس أردوغان في 14 آب/ أغسطس 2001 مع رفاقه المنشقين عن حزب الفضيلة الإسلامي، الذي كان يرأسه نجم الدين أربكان، حزب العدالة والتنمية، من رفاقه المؤسسين: عبد الله غل وأحمد داود أوغلو، وترأس الحزب الذي تحول لحركة سياسية نشطة وذات جماهيرية، ويفوز في الانتخابات التشريعية عام 2002، بنيل ثلثي مقاعد البرلمان وهذا جعله مؤهلاً لتشكيل الحكومة بمفرده.
لكنّ أردوغان لم يستطع الترشح للانتخابات التشريعية التي أجريت في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2002؛ بسبب صدور حكم قضائي بحقّه. إلا أنّه بعد إزالة حاجز الترشح للانتخابات بإجراء تعديلات قانونية في هذا الشأن استطاع الترشح من مدينة سيرت التي أُعيدَ فيها إجراء الانتخابات في 9 آذار/ مارس 2003. وحصل أردوغان فيها على 85 بالمائة من مجموع أصوات هذه المدينة، وأصبح بذلك عضواً برلمانيّاً عن مدينة سيرت للدورة الانتخابية الثانية والعشرين.
وفي 15 آذار/ مارس 2003 تولّى رجب طيب أردوغان منصب رئاسة الوزراء، ليخوض الحزب برئاسته الانتخابات التشريعية في يوليو/ تموز 2007 ويحقق "العدالة والتنمية" نسبة 46،6 بالمائة من مجموع الأصوات، وقام بتشكيل الحكومة الستين للجمهورية التركية، ويستمر الحزب بتفوقه بالانتخابات ليحصد بانتخابات حزيران/ يونيو عام 2011 نسبة 49.8 بالمائة من الأصوات ويشكل الحكومة الحادية والستين برئاسة أردوغان.
لكن مشوار رئاسة الدولة بدأ في 10 آب/ أغسطس 2014 حين انتخب الشعب التركي أردوغان رئيساً للجمهورية التركية؛ متفوقاً بنسبة فاقت 52 بالمئة على منافسه ومرشح المعارضة، أكمل الدين إحسان أوغلو، فصار الرئيس الثاني عشر في تاريخ تركيا، وأعيد انتخاب أردوغان رئيساً، بعد التعديل الدستوري في استفتاء الـ 16 إبريل/ نيسان 2017 متفوقاً على منافسه وقتذاك، محرم إنجة، بنسبة 52.59 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 24 يونيو/ حزيران 2018.
اللاجئون
وتبدأ تركيا منذ الغد، بنظر مراقبين، مرحلة الجمهورية الثانية التي تترقبها دول الإقليم التي لمّح كلجدار أوغلو إلى إعادة النظر بالعلاقات والاتفاقات معها ومع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي دعمت وروّجت خلال الجولة الأولى لفوز مرشح المعارضة.
وربما الأهم هم اللاجئون بتركيا الذي يترقبون قرارات حول مصيرهم بعد علوّ صوت المعارضة والتسابق في تقديم مواعيد طردهم سعياً لنيل أصوات الأتراك، بالإضافة إلى قرارات أردوغان وحكومته بعودتهم خلال ثلاث سنوات طواعيةً بعد بناء منازل للعائدين في المناطق المحررة، شمال غربي سورية، واشتراط عودة اللاجئين إلى مناطق سيطرة بشار الأسد، كما كشف وزير الداخلية سليمان صويلو أول من أمس الجمعة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك