صادق الكنيست الإسرائيلي، اليوم الاثنين، بالقراءة النهائية، على قانون إلغاء "حجة المعقولية"، مع مغادرة المعارضة الهيئة العامة. وتزامن التصويت مع احتجاجات وإضرابات في مناطق عدة في دولة الاحتلال على هذا القانون.
ومر القانون بأغلبية 64 نائباً يشكّلون جميع أعضاء الائتلاف، فيما غادر أعضاء المعارضة القاعة خلال التصويت النهائي بالقراءة الثالثة.
ويصبح القانون نافذاً فقط بعد نشره في الصحيفة الرسمية، في موعد يحدّد لاحقاً وبعد توقيع رئيس الحكومة، ووزير القضاء، ورئيس الدولة عليه.
وتوسعت الاحتجاجات الإسرائيلية على إلغاء "حجة المعقولية"، ووصلت رقعتها في ساعات المساء إلى عدة مناطق، كما وقعت مواجهات عنيفة مع الشرطة.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية بعد ظهر اليوم، توقيف 19 متظاهراً، مع اندلاع مواجهات بين الجانبين في محيط الكنيست.
في سياق متصل، أعلنت الشرطة أنها تبحث عن مركبة قامت بدهس متظاهرين في وسط البلاد، معارضين للتعديلات القضائية، ما أدّى إلى إصابة ثلاثة منهم بجراح طفيفة. ووقع الحادث في شارع 531 الذي قام المتظاهرون بإغلاقه.
ويحرم هذا القانون المحاكم إمكانية شطب قرارات تتخذها الحكومة والوزراء، حتى لو كانت غير منطقية.
التماسات للمحكمة العليا
ومن المتوقع تقديم التماسات عدة للمحكمة العليا، لشطب قانون إلغاء "حجة المعقولية"، قبل أن يصبح نافذاً. وقال رئيس المعارضة يئير لبيد إنه سيتقدّم بالتماس ضد القانون.
وبعد المصادقة عليه مباشرة، قام 44 من رجال الأعمال، وكبار المسؤولين السابقين، بالتقدّم بالتماس إلى المحكمة العليا، ضد القانون، بادعاء أن الكنيست أساء استخدام صلاحياته.
كما أعلنت "الحركة لجودة الحكم"، أنها ستقدّم التماساً ضد المصادقة على القانون، معتبرة أن التعديلات التي أدخلت على القانون "غير قانونية، لأنها تغيّر بشكل جذري الهيكل الأساسي للديمقراطية الإسرائيلية، وشكل نظام الحكم"، بالإضافة إلى المسّ "بفصل السلطات، ونظام التوازنات والكوابح في دولة إسرائيل".
وأضافت الحركة أن "تعديل القانون يعني إعطاء السلطة التنفيذية قوة غير محدودة، وإساءة استخدام القوة".
ومن المتوقع أن تشتد الاحتجاجات والتظاهرات في ظل فشل التوصل إلى توافق بين الائتلاف والمعارضة بشأن التعديلات القضائية.
وشارك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في عملية التصويت، وذلك بعد ساعات من مغادرته المستشفى إثر خضوعه لعملية زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب.
وكان نتنياهو قد قال، في مقطع فيديو نشره على "تويتر" الليلة الماضية: "حتى الدقائق الأخيرة تحدثت إلى زملائي، وآمل التوصّل إلى توافق بشأن التعديلات القضائية، بما فيها حجة المعقولية. في جميع الأحوال، أخبرني الأطباء أنّه من المنتظر أن أغادر المستشفى غداً (الاثنين) بعد الظهر، وسأتوجه إلى الكنيست للتصويت".
وقرّرت أحزاب المعارضة الإسرائيلية في وقت سابق اليوم، مقاطعة التصويت الأخير على قانون إلغاء "حجة المعقولية".
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن ثمة محاولات للتوصل إلى تفاهمات بشأن خطة التعديلات القضائية أثناء عملية التصويت. وبحسب القناة 12، يحاول وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الدفع باتجاه تسوية، فيما ذكرت قناة "كان 11" أن وزير الأمن يوآف غالانت يضغط على نتنياهو باتجاه نسخة مخففة من القانون، فيما يعارض ذلك وزير القضاء ياريف ليفين، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وأثنى رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان على قرار المعارضة، وكتب عبر "تويتر": "أبارك القرار المشترك لأعضاء المعارضة دعم اقتراحي، ومقاطعة التصويت على قانون إلغاء حجّة المعقولية بالقراءة الثالثة في الكنيست".
في غضون ذلك، أعلن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أن المفاوضات من أجل التوصل إلى تفاهمات بشأن التشريعات مستمرة، مضيفاً: "هناك أسس يمكن الاعتماد عليها للتوصل الى تفاهمات، لكن لا تزال هناك فجوات تتطلب من مختلف الأطراف إبداء مسؤولية".
وأضاف هرتسوغ، عبر حسابه على "تويتر" اليوم: "نحن في حالة طوارئ. هذا وقت التحلّي بالمسؤولية. نحن نعمل على مدار الساعة، بكل طريقة ممكنة، من أجل التوصّل إلى حل. مواطنو إسرائيل متعطّشون للأمل ويتوقعون تحلّي القيادات بالمسؤولية".
وطاولت انتقادات واسعة من داخل أحزاب المعارضة، ومن قبل المتظاهرين ضد القانون، رئيس المعارضة يئير لبيد، منذ إعلانه أمس الأحد موافقته على تسوية طرحها هرتسوغ، وسط ادعاءات بأن لبيد تراجع عن موقفه ضد التعديلات، بل ذهب البعض في حركة الاحتجاج لوصفه بأنه "شريك في الدمار".
وأعلن لبيد أنه على استعداد للموافقة على التسوية التي طرحها هرتسوغ، ويجري بموجبها تمرير نسخة مخففة من قانون إلغاء "حجة المعقولية"، فيما تُجمّد التعديلات القضائية الأخرى التي تسعى إليها الحكومة لمدة عام.
وقبيل بدء عملية التصويت، أعلن لبيد عن انهيار المفاوضات مع الائتلاف الحكومي للتوصّل إلى تسوية. وأضاف لبيد: "مع هذه الحكومة، لا يمكن التوصّل إلى تفاهمات".
في المقابل، لم يقدّم حزب "المعسكر القومي" بزعامة بني غانتس رداً إيجابياً للرئيس، وادّعى، بحسب ما نقله موقع صحيفة "هآرتس"، أن لبيد يريد تسوية قد تبدو ذات شعبية في أوساط الجمهور.
وبحسب الصحيفة، فإن غانتس، بخلاف لبيد، طالب في المحادثات التي جرت في ديوان الرئيس الإسرائيلي بفترة تجميد أطول، وبوضع أسس لمخطط يجري بموجبه تنظيم بقية القوانين، لافتاً إلى أنه لا جدوى من تأجيل القرار بضعة أشهر إذا لم يكن هناك اتفاق.
كما أعربت رئيسة حزب "العمل" ميراف ميخائيلي عن معارضتها الشديدة للتسوية، قائلة إن "تسوية بشأن ديمقراطيتنا ليست حلاً. لا يوجد شيء اسمه نصف ديمقراطية".
إلى ذلك، بدأ منتدى الأعمال، الذي يضم 150 من كبريات الشركات والشبكات التجارية في دولة الاحتلال إضراباً اليوم الاثنين، احتجاجاً على مضي الحكومة في خطة التعديلات.
وانضمت إلى الإضراب شركات في قطاع التكنولوجيا الفائقة (الهايتك) وبنوك وغيرها من الجهات المؤثرة ذات المكانة الاقتصادية، فيما تضغط نقابة العمال (الهستدروت) على الحكومة لوقف التشريعات والموافقة على صيغة توافقية للقانون.
ودعا المنتدى الشركات الأخرى إلى "الانضمام إلى الخطوة الطارئة التي اتُّخِذَت اضطرارياً، من أجل وقف التشريع أحادي الجانب والدخول في مفاوضات".
وأضاف بيان صادر عن المنتدى: "يعمل المنتدى على منع الشرخ داخل الشعب من خلال وقف التشريعات أحادية الجانب (التي تقودها الحكومة دون توافق مع المعارضة) والدفع باتجاه المفاوضات والتوصل إلى تفاهمات".
وشدد المنتدى على وجوب "التوصل إلى تفاهمات تحول دون إلحاق ضرر كبير في الاقتصاد وتعزز الشرخ الذي يمزّق المجتمع ويفكك الجيش ويهدد أمننا جميعاً مستقبلاً"، داعياً رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى "القيام بواجبه، وإدراك حجم الكارثة التي يمكن أن تحدث، ووقف التشريعات فوراً، والدخول في مفاوضات".
ورفض حزب "الليكود"، أمس الأحد، مقترح تسوية طرحته نقابة العمال، بحجة أنه يتبنى موقف المعارضة، ولم تنجح جهود الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في مساعيه للتسوية، فيما تتواصل محاولاته اليوم لتخفيف القانون.
ونقل موقع "والاه" عن مصادر لم يسمها أن هناك تفاهمات مبدئية على ورقة يطرحها هرتسوغ، تشمل صيغة مخففة للقانون، لكن ثمة خلافات جدية بشأن مدة تجميد باقي التعديلات القضائية.
وأبدى الائتلاف الحكومي، بحسب الموقع، موافقته على تجميد القوانين لمدة أقصاها 6 أشهر، بحيث يمكنه في حال فشل المفاوضات مع المعارضة خلال هذه الفترة، استئناف عملية التشريع وتغيير تركيبة لجنة اختيار قضاة المحاكم، التي تسعى الحكومة للسيطرة عليها، حتى دورة الكنيست المقبلة.
في المقابل، تطالب المعارضة بمدة أطول. وذكر موقع "يديعوت أحرونوت" أن رئيس المعارضة يئير لبيد يطلب تجميداً حتى 15 شهراً.
في غضون ذلك، تستمر أيضاً تحذيرات العديد من الجهات الأمنية من أثر التعديلات على "أمن إسرائيل"، خصوصاً في ضوء توقف عدد كبير من جنود الاحتياط عن الخدمة العسكرية والتطوع فيها.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك