أدت موجة من النشاط الدبلوماسي في منتصف سبتمبر/أيلول، بما في ذلك زيارة وفد من الحوثيين إلى الرياض، إلى تجدد التكهنات بأن العملية السياسية السعودية الحوثية ربما تقترب من نقطة حرجة.
وتساءل أستاذ الدراسات الدولية بجامعة أوتاوا، توماس جونو، حول ما إذا كانت إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، تدعم هذه المحادثات، وما هي أهدافها من القيام بذلك، مرجحاً أن طهران لا تعارض السلام باليمن في حال كان سيعزز قوة الحوثيين والمكاسب الإيرانية.
ووفق الكاتب، أدى القرار السعودي بشن تدخل عسكري في اليمن في عام 2015 إلى تغيير عميق في النهج الإيراني. وبينما كانت الجمهورية الإسلامية تزيد بشكل مطرد دعمها للحوثيين، لم تكن العلاقة حتى ذلك الحين ذات أولوية. ولكن عندما رأت طهران منافستها السعودية متورطة في حرب معقدة، كان من الواضح أنها لم تكن قادرة على الفوز، وسرعان ما عززت وجودها في اليمن.
وقد مثل إضفاء الطابع المؤسسي العميق على الشراكة بين إيران والحوثيين عائداً استراتيجياً هائلاً على استثمار مادي متواضع: فبتكلفة منخفضة، اكتسبت طهران موطئ قدم قوي في الطرف الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وساهمت في مستنقع مكلف جعل منافسها السعودي يكافح من أجل تخليص نفسه منه.
ووفق تحليل مطول نشره مركز صنعاء باللغة الإنجليزية – "فإن إيران لا تعارض عملية السلام في اليمن. وفي الواقع، فهي على استعداد لدعمه بنشاط، ولكن مع تحذير رئيسي: يجب أن يؤدي ذلك إلى توطيد قوة الحوثيين والمكاسب الإيرانية وهذا ما يحدث الآن".
وعلى الرغم من الادعاءات في وسائل الإعلام بأن المحادثات تهدف إلى إنهاء الحرب في اليمن، فإن الرياض والحوثيين لا يتفاوضون على سلام مستدام. تحاول المملكة العربية السعودية منذ سنوات تقليل تكاليف انسحابها من الحرب التي أصبحت منذ فترة طويلة قضية خاسرة. إن نتيجة المحادثات السعودية الحوثية، في حال نجاحها، ستكون إضفاء الطابع المؤسسي على سلطة الحوثيين وتوحيد اليمن كدولة مجزأة. إن الدوافع المحلية الأصلية للحرب الأهلية، تلك التي أدت إلى ظهور العنف قبل التدخل السعودي، لم يتم حلها، وليس هناك ما يشير إلى إمكانية معالجتها بنجاح قريبا.
ولأن الحوثيين قد ظفروا في الحرب، فليس لديهم حافز كبير لتقديم تنازلات جدية للمملكة العربية السعودية، ناهيك عن الحكومة الضعيفة والمجزأة والمعترف بها دولياً والتي تدعمها السعودية. هدف الحوثيين هو الحصول على اعتراف دولي وتعزيز هيمنتهم على شمال غرب اليمن. ولأن هذه الأهداف تتشاطرها معهم إيران بالكامل، فإنها مهتمة بشدة بالمساعدة في خلق مساحة سياسية لنجاح المفاوضات.
لكن إذا أدركت إيران أن المفاوضات لا تسير في هذا الاتجاه، فلن تتردد في إفساد العملية وتشجيع الحوثيين على التمسك بمطالبهم المتطرفة. بالنسبة لإيران، فإن إطالة أمد العملية السياسية يعني فقط استمرار المملكة العربية السعودية في النزيف. حيث تقدر طهران، بشكل صحيح، أنها تمتلك ما يكفي من النفوذ لتحمل الصبر.
كانت هناك تكهنات بأن المملكة العربية السعودية ربما تهدف إلى إبعاد الحوثيين عن إيران، وإقناعهم بالتخلي عن راعيهم القديم مقابل السلام والتنمية. وهذا أمر ممكن، ومن المؤكد أن هناك سابقة في التاريخ اليمني لمثل هذه التحولات المفاجئة في التحالفات. لكن القول أسهل من الفعل. فالشراكة بين إيران والحوثيين راسخة بعمق، ولا يزال انعدام الثقة بين الحوثيين (وخاصة المتشددين الذين يتزايدون الآن في الجماعة) والمملكة العربية السعودية، مرتفعا.
علاوة على ذلك، إذا قبلت جماعة الحوثي تقاربًا أعمق مع الرياض، يتوقع أن تنفذ إيران تكتيكها المعتاد المتمثل في تشجيع العناصر المتشددة الموالية لطهران على الانشقاق عن الحركة والحفاظ على شراكة وثيقة معهم، مما يمكّن الجمهورية الإسلامية من الحفاظ على الأقل على بعضاً من تأثيرها.