شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد الطلاب العرب ومنهم اليمنيين الذين يختارون الدراسة في الصين. ووفقا لبيانات وزارة التعليم الصينية، كان أكثر من 15 ألف طالب عربي يدرسون في الصين، لكن العدد انخفض بشكل حاد خلال جائحة كورونا، وإغلاق البلاد قرابة 3 سنوات.
ووفقا لتقرير حول التعاون الصيني العربي في العصر الجديد، الذي أصدرته وزارة الخارجية الصينية نهاية 2022، فإن الصين قدمت نحو 11 ألف منحة حكومية للدول العربية منذ عام 2013.
وحسب بيانات وزارة التعليم الصينية، فإن عدد الطلاب العرب يزداد بنحو 1% على أساس سنوي.
وبعد سيطرة الصين على الجائحة، والسماح للطلبة بالعودة واستئناف تقديم المنح، يصعب الوصول إلى إحصاءات دقيقة حول العدد الكلي للطلبة العرب في الصين، وعدد الطلبة حسب الجنسية، نظرا لاختلاف طريقة الالتحاق بالجامعة.
ويمكن للطالب الدراسة في الجامعة عن طريق الحصول على منحة تقدمها الحكومة الصينية أو حكومة بلده، أو بالاعتماد على النفقة الشخصية.
وبعد 6 سنوات من وصول محمد البشاري إلى الصين للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة داليان للتكنولوجيا، يتحدث الشاب اليمني الآن لغة الماندرين بطلاقة. أما كريم من مصر، فهو الآخر يتحدث لغة الماندرين بعد 4 سنوات على وصوله إلى الصين لدراسة البكالوريوس في هندسة الحاسوب.
وتعتبر الجنسية اليمنية الأكثر من حيث عدد الطلاب العرب في الصين، إذ تقدر الملحقية الثقافية اليمنية في بكين عددهم بنحو 6 آلاف طالب، تليها الجنسيات السودانية والمصرية.
وخليجيا، تأتي السعودية في المرتبة الأولى حيث يشهد البلدان نموا في العلاقات التجارية والاقتصادية، ومن بعدها الكويتية والعمانية ثم الإماراتية.
أسباب أكاديمية ومادية
تشتهر الجامعات الصينية ببرامجها الأكاديمية القوية ومنشآتها البحثية المتطورة، وهي تجذب الطلاب بشكل متزايد من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك العالم العربي.
وفي مطلع عام 2022، ارتقت 60 جامعة صينية لتصل إلى العالمية، بحسب تصنيف أهم المراتب العالمية للجامعات (كيو إس).
وتعتبر جامعة تسينغهوا (Tsinghua University) الأفضل على الإطلاق في الصين، وتحتل المرتبة 17 عالميا وفقا لتصنيف (Times Higher Education).
هذا الدافع الأكاديمي كان وراء اختيار حسان من مصر لإكمال دراسة الدكتوراه في الصين، حيث حصل على الماجستير من إحدى الجامعات الفرنسية.
يقول حسان للجزيرة نت، إن غالبية الجامعات عالية التصنيف في الصين تطلب نشر أبحاث محكَّمة في أفضل المجلات العلمية كشرط أساسي للتخرج، وهذا ينعكس على المشوار المهني للطالب مستقبلا.
كما أن الحصول على منحة ممولة بالكامل من الحكومة الصينية أثر إيجابا على قراره، لكن الدافع الأكاديمي هو الأساس.
ويرى الباحث في الدكتوراه محمد البشاري، أن التقدم التكنولوجي في الصين والبنية التحتية الجيدة يعززان خيار الدراسة في الصين، لما لهما من أثر إيجابي على مخرجات الدراسة النظرية، خصوصا في مجالات الهندسة والعلوم التكنولوجية.
ويشرح البشاري للجزيرة نت، أن اعتراف عدد من الدول المتقدمة بالبرامج الصينية يعزز فرص التطوير الأكاديمي والمهني بعد الانتهاء من الدراسة والعمل خارج الصين، وزيادة فرص المنافسة للحصول على العمل.
ويضيف البشاري، أن تكاليف العيش والدراسة في الصين يعتبران أقل مقارنة بالدول الأوروبية والولايات المتحدة وغيرها من دول شرق آسيا كاليابان وكوريا الجنوبية.
يؤكد ذلك عماد شهاب من الأردن، الذي وصل لدراسة إدارة المشاريع الهندسية ضمن منحة قدمتها الحكومة الصينية. ويضيف للجزيرة نت، أن النظام التعليمي في الصين نظام عملي متكامل وموجه نحو التطبيق، حيث الفرصة متاحة للمشاركة في المشاريع العملية للتطبيق.
فرص أوسع
تعد الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية نحو 430 مليار دولار في عام 2022، وهو رقم قياسي تاريخي.
وبالاعتماد على ذلك، يعتبر كثير من الطلبة الدراسة في الصين فرصة قيمة لاكتساب المعرفة والرؤى التي ستكون مفيدة في المستقبل.
وحسب صحيفة غلوبال تايمز، فإن استطلاعا للرأي أجري عام 2023 في دبي، واستهدف الشباب العربي، أظهر أن 8 من أصل 10 مشاركين يعتبرون الصين حليفا، مسجلا أكبر عدد من المشاركين في هذا الرأي منذ 4 سنوات. وقالت الصحيفة الصينية إن نتائج الاستطلاع تدل على اتجاه متزايد للمشاعر الإيجابية بين الشباب العربي تجاه الصين.
ويرى كثير من الطلبة ، أن دراسة اللغة الصينية أو تعلمها يفتح الباب أمام مستقبل مهني لهم داخل الصين أو في بلدانهم، مع زيادة توسيع نطاق وعمق التبادلات المباشرة بين الصين والدول العربية في مجالات التكنولوجيا والتعليم والثقافة وغيرها من المجالات.
وتشترط الحكومة الصينية على الطلبة الحاصلين على منحتها دراسة اللغة الصينية، أو دراسة مواد التخصص باللغة الصينية.
تكاليف معقولة
تختلف الرسوم الدراسية من جامعة إلى أخرى، حكومية أو خاصة، لكن غالبية الجامعات الصينية حكومية، حيث يتراوح متوسط الرسوم الدراسية لها بين 2000 و15 ألف دولار لكل عام دراسي، حسب التخصص الدراسي. بينما تتراوح التكلفة في الجامعات الخاصة بين 25 ألفا و50 ألف دولار سنويا.
وبالمقارنة مع بعض الجامعات الأميركية، فإن متوسط تكلفة الدراسة فيها يتراوح بين 30 ألفا و35 ألف دولار، بالإضافة لتكاليف المعيشة المرتفعة، وفق ما تنشر مكاتب خدمات التعليم.
وتقدم الحكومة الصينية منحا كاملة تغطي التكاليف الدراسية والسكن والمعيشة، بالإضافة لبعض المنح الجزئية التي تغطي تكاليف الدراسة فقط.
وحسب معطيات وزارة التعليم الصينية، قدمت البلاد حتى بداية جائحة كورونا نحو 63 ألف منحة للطلبة الدوليين، منها 11 ألف منحة للطلبة العرب، بالإضافة لوجود نحو 430 ألف طالب دولي ممولين ذاتيا يدرسون في الصين.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك