لجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جديد إلى التوراة لتبرير وتفسير العدوان الذي تشنه إسرائيل على فلسطين ولبنان واليمن، متوعدا بتغيير المعادلات بالمنطقة.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي مع الوزير الجديد في مجلس الوزراء الإسرائيلي غدعون ساعر "كما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم".
وأضاف "نعمل بمنهجية على اغتيال قيادات حزب الله وتغيير الواقع الإسترااتيجي في الشرق الأوسط كله".
وأكد أن تغيير توازن القوى يجلب معه احتمالا بتحالفات جديدة في المنطقة لأن إسرائيل حينئذ تنتصر.
وتابع "نعيش حربا في 7 جبهات وحطمنا حماس في غزة وضربنا حزب الله ومنذ ساعة ضربنا الحوثيين في اليمن".
وفي تعليق على الهجمات التي شنتها إسرائيل مساء اليوم على مدينة الحديدة باليمن، قال نتنياهو "ضربنا الحوثيين في اليمن وجميعنا رأى الأهداف والثمن الذي يتكبده كل من يهاجموننا".
وشدد على ضرورة الوحدة الداخلية، قائلا إن "وحدة الصف هي الشرط الضروري لكي نتمكن من الوقوف في وجه أعدائنا والقضاء على حماس".
وكثيرا ما يلجأ نتنياهو وقادة إسرائيليون آخرون إلى نصوص التوراة لتبرير مواصلة العدوان على قطاع غزة وغيره من الجبهات؛ في خطاب متلفز يوم الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استدعى نتنياهو "نبوءة إشعياء" في إطار سعيه لمواصلة حرب الإبادة على قطاع غزة، وقال "نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام".
وأضاف نتنياهو "سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر".
كما استدعى نصا دينيا آخر، حين قال "يجب أن تتذكروا ما فعله عماليق بكم، كما يقول لنا كتابنا المقدس. ونحن نتذكر ذلك بالفعل، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزّة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل".
وكلمة العماليق تحيل إلى قبيلة من البدو الرحل سكنوا شبه جزيرة سيناء وجنوبي فلسطين، وصارت تعني في الثقافة اليهودية "ذروة الشر الجسدي والروحي".
إشعياء النبي
إشعياء نبي من أنبياء الله عند اليهود، ولقب بـ"النبي الإنجيلي" لكثرة كتابته عن المسيح، وهو من نسل ملكي، والده آموص، وقيل إنه أخو أمصيا ملك يهوذا. عرف بشخصيته القوية وتأثيره على رجال الدولة، وكان مصلحا اجتماعيا.
امتدت رسالته لما يزيد على 60 عاما، وعاش قرابة 80 عاما، وعاصر ملوك يهوذا: عزيا ويوثام وأحاز وحزقيا، ويعتبره اليهود أحد أعظم أنبياء العهد القديم. وقتل بمنشار خشبي في زمان حكم الملك منسَّى (مَنْ ينسى).
سفر إشعياء
يتكون السفر من 66 إصحاحا، ويعد أحد أعمق الكتابات اللاهوتية والأدبية في الكتاب المقدس. كتبه النبي إشعياء، وجمع السفر على مدار قرنين، بدءا من النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد إلى النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد. وأتت كتابته بشكل شعري ما عدا عدة إصحاحات، وهو ما ميّزه عن غيره، حتى عده اليهود أعظم أنبياء العهد القديم.
يعد "سفر إشعياء" نصا رئيسيا من العهد القديم، وهو ليس بنبوءة واحدة، وإنما عدة نبوءات، منها ما تحدث عن سبي الشعب اليهودي إلى بابل وعودته، بالإضافة إلى إعادة بناء الهيكل في القدس، وهو حسب غالبية الدراسات الكتابية عمل جماعي، نصفه تقريبا كتبه النبي إشعياء والباقي تلاميذه نقلا عنه، ويتكون من 66 فصلا، ويتناول نهاية منفى الشعب اليهودي، وإعادة بناء الهيكل في القدس، ونهاية الزمان.
ويتحدد مجال نبوءاته في 3 أوجه: الأول نبوءات دنيوية عن إسرائيل، والثاني نبوءات مشؤومة عن سقوط بعض الدول ودمارها، والثالث خلاص اليهود، وشمل إلى جانب ذلك جوانب دينية وسياسية وتاريخية.
وكانت الإصحاحات من 1 إلى 5 عبارة عن لوم لبني إسرائيل، إذ يوبخهم إشعياء ويلومهم أشد اللوم بسبب تورطهم في الرشاوى وبسبب فساد قضائهم وظلمهم للمساكين، وبذخهم وترفهم، وطمعهم وسكرهم وانعدام الأخلاق لديهم. ثم يشير لاحقا إلى عودة اليهود من ضلالهم وانحرافهم وتجاوزاتهم.
وذكر في الإصحاح أن دمشق والسامرة ستسقطان، وتنبأ بتمدد حكم الآشوريين على الشرق الأوسط، وذكر أن بابل ستشكل خطرا على مملكة يهوذا، وأن على الأخيرة ألا تعتمد على مصر في محاربة الآشوريين، وذكر أن الخلاص والنصر "بيد الله وأنه السند والحليف الوحيد لبني إسرائيل".
نتنياهو و"نبوءة إشعياء".
يبدو أن نتنياهو استمد تشبيهه من فقرات 1-2 في الإصحاح 9 من سفر إشعياء يقول "لكن لن يخيم ظلام على التي تعاني من الضيق، فكما أذل الله في الزمن الغابر أرض زبولون ونفتالي، فإنه في الزمن الأخير يكرم طريق البحر وعبر الأردن، جليل الأمم. الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما، والمقيمون في أرض ظلال الموت أضاء عليهم نور"، وكأن إسرائيل هي أهل النور الذين يجب أن ينتصروا على أهل الظلام أي الفلسطينيين، في السياق الجيوسياسي الحالي.
مصير مصر
كما تحيل كلمة نتنياهو أيضا إلى الإصحاح 60 وعنوانه "إشراق نور الرب"، والذي يقول "ولا يُسمع بعد ظلم في أرضك، ولا دمار أو خراب داخل تخومك، بل تسمين أسوارك خلاصا، وأبوابك تسبيحا".
وفي الجزء الثاني من حديثه عن القتال والنصر، فقد يكون قصد ما ذكر في إصحاح 11، الذي يقول "فيعود الرب ليمد يده ثانية ليسترد البقية الباقية من شعبه، من أشور ومصر وفتروس وكوش وعيلام وشنعار وحماة، ومن جزائر البحر، وينصب راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ومشتتي يهوذا من أطراف الأرض الأربعة، وينقضون على أكتاف الفلسطينيين غربا ويغزون أَبناء المشرق معا، ويستولون على بلاد أَدوم وموآب، ويخضع لهم بنو عمون".
وفيما بقي يتكلم الإصحاح 11 بعنوان "مصير مصر" عن خراب مصر وما سيحل بها وعن جفاف نيلها وأرضها، وأنه سيولى عليها ملك عنيف قاس، وستكون مصدرا للذعر والرعب لكثير من الأمم، وستهزم من قوى خارجية، وستكون في فترة ملجأ آمنا للمعوزين والمضطهدين، ثم تعود للرب عبر تقديم النذر والتضحيات، وبعدها تتحالف مع آشور.
وانتقدت عالمة الكتاب المقدس آن ماري بيليتييه "الإشارة المبتذلة"، وقالت إن الذي يسير في الظلام في سفر إشعياء ليس "العدو" المجاور، بل الشعب اليهودي نفسه، الذي يمر "بكل تأكيد بمحنة سياسية وروحية"، مشددة على أن معنى النص لا يدعم ما ذهب إليه نتنياهو، خاصة أن هذا الكتاب معقد للغاية و"لا يمكن فهمه إلا في ضوء السياق التاريخي في ذلك الوقت".
يشار إلى أنه لم يرد في القرآن ولا السنة النبوية ذكر لنبي بهذا الاسم، وليس هناك دليل على إثبات نبوة "إشعياء" أو نفيها.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك