تعمل الدبلوماسية المصرية على حل أزمة الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله (الحوثيون) وتستهدف السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر. وعلمت "العربي الجديد" أن القاهرة لا تزال تحافظ على قنوات اتصال مفتوحة مع الحوثيين منذ الفترة الأخيرة. وتعتبر هذه الهجمات قضية حساسة بالنسبة لمصر، إذ تؤثر بشكل مباشر على حركة الملاحة الدولية وإيرادات قناة السويس التي تعد شرياناً اقتصادياً رئيسياً للبلاد. ومع تصاعد التوترات في المنطقة، تعمل القاهرة على احتواء الأزمة من خلال المسارات الدبلوماسية، مع التركيز على أهمية وقف الحرب في قطاع غزة خطوة رئيسية لتهدئة الوضع في البحر الأحمر. وبحسب المعلومات، تفضّل القاهرة الحلول الدبلوماسية وتسعى جاهدة إلى تجنب التصعيد العسكري. وأوضحت المصادر أن القيادة المصرية ترى في وقف الحرب في غزة عاملاً أساسياً لتحقيق استقرار أوسع في المنطقة، ما قد يؤدّي إلى وقف هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر.
وعلى الرغم من أن مصر تشارك في القوة البحرية المشتركة 153 التي تهدف إلى ضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، إلا أنها حريصة على تجنب الانخراط في أي أعمال عسكرية مباشرة ضد الحوثيين مع التزام القوات البحرية المصرية، المتمركزة في البحر الأحمر لا سيما في قاعدة برنيس البحرية، بمهمتها الرئيسية المتمثلة في حماية المصالح المصرية وقواعد الاشتباك الدولية. وتفيد هذه التطورات بأن القاهرة تعزّز سياستها المتمثلة في تبني الحلول الدبلوماسية والعمل مع الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وفي وقت تواجه المنطقة تحديات أمنية معقدة، تؤكّد مصر مرة أخرى نهجها الحذر والمتوازن في التعامل مع الأزمات الإقليمية. وفي ظل التوترات المتصاعدة في منطقة البحر الأحمر والشرق الأوسط، تواجه مصر تحدياً سياسيّاً وأمنياً كبيراً يؤثر على أحد أهم مصادر دخلها القومي: قناة السويس. فقد أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن القناة فقدت 70% من إيراداتها خلال عام 2024، وهو ما يعكس أبعاداً سياسية معقدة في المنطقة.
وتشهد منطقة البحر الأحمر توترات متزايدة نتيجة هجمات الحوثيين على السفن التجارية، والتي أعلن الحوثيون أنها تأتي ضمن حملتهم لدعم القضية الفلسطينية، في ظل استمرار الصراع في قطاع غزة. هذه الهجمات، التي تجاوزت مائة عملية خلال عام 2024، دفعت شركات شحن دولية عديدة إلى تجنب المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس، مفضلةً الطرق البديلة، مثل رأس الرجاء الصالح. وتحاول القاهرة لعب دور دبلوماسي نشط في حل النزاعات الإقليمية، بما في ذلك جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية في غزة والدعوات المتكررة إلى وقف إطلاق النار. ومع ذلك، لم تُحقق هذه الجهود نجاحاً ملموساً، ما يعكس تعقيد المشهد السياسي وتداخل المصالح الإقليمية والدولية. وللتعامل مع التحديات الأمنية في البحر الأحمر، عملت مصر على تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، بالتعاون مع شركاء إقليميين ودوليين. كما جرى إطلاق مبادرات للتعاون البحري والأمني، تهدف إلى تأمين طرق التجارة العالمية. سياسياً، تسعى مصر إلى تشكيل تحالفات أوسع لمواجهة النفوذ الإيراني في البحر الأحمر. وقد دعت القاهرة إلى عقد اجتماعات طارئة مع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي لتنسيق المواقف والضغط من أجل حل سياسي شامل. ومع استمرار الصراع في غزة وغياب أي اتفاق لوقف إطلاق النار، يبدو أن التحديات السياسية والأمنية ستستمر في التأثير على قناة السويس. وتعتمد مصر على تكثيف جهودها الدبلوماسية وتطوير استراتيجيات أمنية مبتكرة لتقليل تأثير هذه التوترات على موقعها الاقتصادي والجيوسياسي.
في السياق، اعتبر مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ"العربي الجديد"، أن "الرهانات المصرية تعتمد على جهود متواصلة بالتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة، وبالشراكة مع قطر، للوصول إلى تهدئة. لكن المشكلة الكبرى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لا يرتبط فقط بالتوافق أو الخلافات الداخلية في إسرائيل، بل يبدو أن للمشهد في الولايات المتحدة تأثيراً قوياً على استمرار العدوان، فمسألة فوز دونالد ترامب بالرئاسيات الأميركية والرهانات الإسرائيلية على هذا الفوز، دفعت إسرائيل إلى التشدد في التعامل مع الوساطات والمطالب التي يقدمها الوسطاء، ولذلك نحن أمام مسألة صعبة الحل". وتابع: "الوضع الراهن يشهد دعماً غير محدود، عسكرياً ومادياً واقتصادياً وسياسياً، من الولايات المتحدة والدول الغربية لإسرائيل، مقابل ضعف كبير من جانبنا. المقاومة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة التي تواجه إسرائيل وحلفاءها بشكل مباشر".
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أكد السفير حسين هريدي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، أن "قضية أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ترتبط بشكل وثيق بكل من إيران وإسرائيل وحرب الأخيرة على فلسطين المحتلة. إذا توقفت الحرب، فإن الاحتمال الأكبر هو النجاح في تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر، مما سيؤدي إلى تداعيات إيجابية على عودة المعدلات الطبيعية للمرور عبر قناة السويس، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة".
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك