بدأ اجتماع لوزراء الخارجية ووزراء الدفاع ورؤساء هيئات الأركان ومديرو أجهزة المخابرات في دول جوار سورية في العاصمة الأردنية عمّان، اليوم الأحد، في ظل التطورات الأمنية التي تشهدها سورية والاشتباكات العنيفة في الساحل. وقالت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان الخميس، إن الاجتماع، الذي يضم الأردن وتركيا والعراق ولبنان، بالإضافة إلى سورية، "سيبحث سبل إسناد الشعب السوري في جهوده لإعادة بناء وطنه على الأسس التي تضمن وحدته وسيادته وأمنه واستقراره، وتخلصه من الإرهاب، وتضمن ظروف العودة الطوعية للاجئين، وتحفظ حقوق جميع أبنائه، وآليات عملية للتعاون في محاربة الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح، ومواجهة التحديات المشتركة الأخرى".
وقبيل الاجتماع، أجرى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، مباحثات موسّعة في عمّان، مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس وكالة الاستخبارات الوطنية التركية إبراهيم كالن.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية، فقد جرى أيضاً بحث جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وإرسال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة إلى مختلف أنحاء القطاع، والتحركات المستعدة لإطلاق أفق حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين والعلاقات الثنائية. وأجرى الصفدي والحنيطي وحسني مباحثات منفصلة مع نظرائهم، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق المشترك، والتطورات في المنطقة.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قد قال في منشور على منصة إكس، أول أمس الجمعة، إنّ "محاولات دفع سورية نحو الفوضى والفتنة والصراع جرائم تمثل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة".
من جانبه، أكد الناطق الرسمي باسم الخارجية الأردنية سفيان القضاة، الجمعة، "إدانة كل المحاولات والمجموعات والتدخلات الخارجية، التي تستهدف أمن سورية وسلمها ومؤسساتها الأمنية، وتحاول دفع سورية نحو الفوضى والفتنة والصراع"، مشدداً على "وقوف الأردن إلى جانب الحكومة السورية في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمن سورية واستقرارها وسلامة شعبها، ولحفظ القانون والسلم الأهلي". ودعا إلى "ضرورة تكاتف كل الجهود لدعم سورية في عملية إعادة بناء الدولة السورية الجديدة على الأسس التي تحمي وحدتها وأمنها واستقرارها وسيادتها، وتحفظ حقوق كل أبناء الشعب السوري الشقيق".
توقع تفاهمات أمنية من دون تدخل في سورية
وقال أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال، حسن الدعجة لـ"العربي الجديد"، إن اجتماع دول الجوار السوري في الأردن "يمكن أن يساهم في تعزيز التنسيق بين هذه الدول لمواجهة التهديدات المشتركة، مثل تهريب المخدرات والسلاح، وتحركات الجماعات المسلحة، وعدم الاستقرار في بعض المناطق السورية. كما أنه قد يهدف إلى تبادل المعلومات الاستخبارية لضبط الحدود ومكافحة الإرهاب، ولا سيما مع قلق الأردن والعراق وتركيا من نشاط الجماعات المتطرفة والتهريب عبر الحدود السورية".
وأضاف الدعجة: "سياسياً، قد يكون الاجتماع جزءاً من الجهود الإقليمية لإعادة سورية إلى المشهد الدبلوماسي عبر قنوات أمنية، مما قد يمهد لاحقاً لمزيد من التواصل السياسي"، مشيراً إلى أن تركيا التي دعمت فصائل معارضة لسنوات، قد تسعى إلى تفاهمات أمنية جديدة مع دمشق، خاصة في ظل تحولات في سياستها الخارجية. ولفت إلى وجود مصلحة لكل من الأردن والعراق ولبنان في تحقيق استقرار نسبي في سورية، نظراً إلى الانعكاسات المباشرة على أمنهم الداخلي وأوضاع اللاجئين.
واستبعد الخبير أن يكون هناك تحرك عسكري واضح من أي طرف لصالح دمشق، "لكن يمكن توقع نوع من التفاهمات الأمنية غير المعلنة، مثل تعاون استخباري لمواجهة تهديدات التهريب والإرهاب". وقال إن تركيا قد تسعى إلى ترتيبات تقلل من نفوذ الفصائل المسلحة القريبة من حدودها مقابل ضمانات معينة، بينما قد تركز الأردن والعراق على تعزيز أمن الحدود من دون الانخراط المباشر في دعم حكومة دمشق. وخلص إلى أن الاجتماع "يركز على إيجاد تفاهمات أمنية إقليمية أكثر من كونه محاولة لدعم دمشق عسكرياً أو سياسياً مباشرة".
وتوقع المحلل استمرار التوترات الأمنية في سورية، خصوصاً في المناطق التي تشهد تصعيداً مثل الساحل السوري والجنوب، مضيفاً: "قد نشهد زيادة في الضربات الجوية أو العمليات العسكرية المحدودة، سواء من قبل القوات السورية وحلفائها، أو من جهات أخرى تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة، ومن المحتمل أيضاً أن تستمر عمليات تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود، مما سيدفع دول الجوار إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحتها، وربما تعزيز التنسيق الأمني مع دمشق رغم الخلافات السياسية".
وعلى الجانب الاقتصادي، رجح الدعجة أن تزداد الأوضاع سوءًا مع استمرار العقوبات وصعوبة حصول الحكومة السورية على الموارد اللازمة لإنعاش الاقتصاد، مما قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان الداخلي، وربما تصاعد الاحتجاجات في بعض المناطق، خاصة في الجنوب حيث تتفاقم الأزمات المعيشية. وقال: "يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد استمرار الأزمات دون حلول جذرية، مع تصاعد الأوضاع الأمنية في بعض المناطق، ومحاولات إقليمية لإدارة الأزمة بدلاً من حلها نهائياً".
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك