في ظلال الغربة، حيث تتلاشى أحيانًا ألوان الوطن وتخفت أصداء الذكريات، يظل هناك من يحمل شعلة الانتماء، ويُشعل في القلوب جذوة الحب للوطن.
في نيروبي، تلك المدينة الأفريقية الصاخبة، يتجلى هذا الدور بكل وضوح في شخصية سعادة القائم بالأعمال بسفارة الجمهورية اليمنية، الأستاذ عبدالسلام العواضي شابٌ يمنيٌّ أصيل، لم تكن مهمته مجرد وظيفة دبلوماسية، بل رسالة حياة، وعهدٌ بأن يكون خير سفير لوطنه وشعبه.
لقد ضرب الأستاذ العواضي مثالًا يحتذى به في الدبلوماسية الشابة والنشطة.
لم يكن مكتبه مجرد مكان لإنجاز المعاملات، بل كان خلية نحل تضج بالحياة، وملتقى لكل يمني يبحث عن يد العون أو كلمة الدعم.
لقد أحب الجالية بصدق، وعمل من أجلها بلا كلل أو ملل.
كانت مصالح المواطنين اليمنيين قضيته الأولى، يحملها في قلبه وعقله، ويتابعها ويعالجها، ويقدم كل ما بوسعه لمساعدتهم.
في زمنٍ عصيب، كان هو الملاذ، هو الصوت الذي لا يتعب، والعين التي لا تغفل عن شؤون أبناء وطنه.
ولعل من أجمل ما قدمه سعادة القائم بالأعمال، تلك المبادرة الرائدة في إحياء الاحتفالات بالأعياد الوطنية اليمنية في كينيا.
قبل مجيئه، كانت هذه المناسبات تمر غالبًا في صمت، تائهة في زحام الحياة اليومية.
لكن بفضل رؤيته وهمته، تحولت هذه الأعياد إلى كرنفالات وطنية، تجمع القلوب على حب اليمن.
تخيل المشهد: يمنيون ولدوا في كينيا، أو فارقوا تراب وطنهم منذ عقود طويلة، يجتمعون تحت راية اليمن، يشعرون بالفخر، ويتغنون بأمجاد بلادهم.
هذه اللحظات ليست مجرد احتفالات عابرة، بل هي جرعات مركزة من الانتماء، تجعل من الأبناء والأحفاد يتواصلون مع جذورهم، ويتشربون حب اليمن في دمائهم.
هذا هو الدور الحقيقي للنخب القيادية، أن تكون جسرًا يربط الماضي بالحاضر، ويعزز الهوية في نفوس الأجيال.
إنَّ مثل هذه الشخصيات القيادية هي التي تصنع الفارق الحقيقي في علاقة الأفراد بأوطانهم.
فالولاء والانتماء لا يُفرضان قسرًا، ولا تُعلّمان في الكتب وحدها، بل يزرعهما القادة المخلصون بأفعالهم قبل أقوالهم.
إنهم كقادة الجند في ساحات الوغى، لولا كاريزما القائد وشجاعته وإقدامه، لما ثبت الجيش في وجه الأعداء، ولخارت قوى الجند.
هكذا هو السياسي، سواء كان رئيسًا أو وزيرًا أو سفيرًا؛ إذا كانت قيادته صادقة، وملهمة، ومُتفاعلة مع هموم الناس، فإنها تصبح المعيار الحقيقي للولاء والانتماء.
إنها تُشعل في القلوب شعلة العشق للوطن، وتجعلهم يفخرون بهويتهم، ويضحون من أجله.
فالشخصية الكاريزمية المفعمة بالوطنية، والتي تحمل هموم شعبها وتتفاعل معها بصدق، هي من تبني الجسور بين الوطن والمواطن في المغترب.
الأستاذ عبدالسلام العواضي، بروحه الشبابية، وطاقته المتجددة، وحبه الصادق لجاليته، أثبت أن الدبلوماسية ليست فقط بروتوكولات ومراسيم، بل هي فن احتواء، وعلم خدمة، وقبل كل شيء، ضمير حيٌّ ينبض بحب الوطن.
لقد غرس في نفوس اليمنيين في كينيا بذور الفخر، وأسقى شجرة الانتماء بماء الإخلاص والعطاء، فاستحقت هذه البذور أن تنمو لتثمر جيلاً جديدًا من اليمنيين الذين يفتخرون بهويتهم، ويحملون راية بلادهم أينما حلوا.
عن الكاتب / عبدالله الشرعبي
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك