استمرارا لسياسته الواضحة الرامية لتصعيد حدة التوتر في العلاقات بين موسكو وواشنطن إلى أكبر حد ممكن قبل ترك منصبه، نفذ الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، خطوة انتقامية أخيرة بحق روسيا.
وبعد فرضه حزم عديدة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، واتهامه لها بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وترحيله 35 دبلوماسيا روسيا من الولايات المتحدة، أمر الرئيس المنتهي ولايته في أخر أيام توليه زمام السلطة في بلاده بإحالة أحد سجناء معتقل غوانتانامو، المواطن الروسي راويل منغازوف، إلى إدارة النظام العقابي في الإمارات العربية المتحدة، وذلك بصرف النظر عن مطالبة السلطات الروسية بإعادته إلى روسيا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، صباح الجمعة، 20 يناير/كانون الثاني، أن إدارة الرئيس المنتهية ولايتها نفذت آخر عملية لنقل سجناء من غوانتانامو، قبل نقله السلطة في البلاد للرئيس المنتخب، دونالد ترامب.
وأوضح البنتاغون، في بيان رسمي، أن العملية شملت 4 سجاء، مبينا أنهم جبران القحطاني، الذي تم نقله إلى السعودية، وكل من راويل منغازوف وحجي والي محمد ويسيم قاسم إلى الإمارات.
وأعربت الولايات المتحدة، في هذا البيان، عن شكرها "لحكومة الإمارات العربية المتحدة على رسالته الإنسانية" المتمثلة باستقبال الأشخاص المذكورين، مشيرة إلى أن واشنطن نسقت مع أبوظبي أن عملية نقل السجناء ستجري "في ظروف الحراسة الوثيقة وبالتعامل الإنساني" معهم.
من جانبه، أكد البيت الأبيض أن عدد السجناء الموجودين في معتقل غوانتانامو تقلص، بالتالي، إلى 41 شخصا، لافتا إلى أن 5 منهم تم اتخاذ القرار بنقلهم من السجن الخاص لاحقا.
أما بخصوص المعتقلين الآخرين، فأوضح البيت الأبيض أن اللجنة المعنية الخاصة بمراقبة الوضع في غوانتانامو تواصل النظر في قضايا بعضهم، فيما "تم الإقرار بأن الباقين يمثلون تهديدا (بالنسبة لأمن الولايات المتحدة) ويجب إبقائهم في السجن وفقا لقوانين الحرب".
وشهدت فترة رئاسة باراك أوباما، بشكل عام، نقل 196 سجينا من أحد المعتقلات الأكثر إثارة للجدل عالميا، إلا أن هذا الأمر يعني أن الرئيس المنتهية ولايته لم يتمكن من إيفاء تعهداته بإغلاق غوانتانامو، التي شكلت أحد محاور حملتيه الانتخابيتين في عامي 2008 و2012.
واتهم أوباما، أمس الخميس، الكونغرس الأمريكي بفشل مبادرته الخاصة بإزالة المعتقل، منددا بصورة خاصة الحظر الذي فرضه على نقل السجناء من غوانتانامو إلى أراضي الولايات المتحدة ورفضه تمويل عملية إغلاقه.
ويبدو أن أوباما سعى إلى الحصول على الفائدة القصوى قضية غوانتانامو وتوجيهها ضد روسيا عن طريق نقل منغازوف إلى الإمارات.
ويشير عديد من المتابعين إلى أن من الواضح أن أوباما اتخذ جميع هذه الخطوات سعيا للانتقام من روسيا بسبب الخسائر التي تكبدها، لا سيما في مجال السياسة الخارجية.
وكانت الولايات المتحدة قد حبست المواطن الروسي في معتقل غوانتانامو العام 2002 من دون أي تحقيق أو محاكمة، وقضى هناك 14 عاما من دون توجيه اتهامات رسمية.
وأصرت الولايات المتحدة على أن منغازوف، الذي تم إلقاء القبض عليه في باكستان، قاتل في أفغانستان ضمن صفوف حركة "طالبان"، التي قامت بإيواء أسامة بن لادن، "الإرهابي رقم واحد" بالنسبة للولايات المتحدة سابقا.
كما قالت البنتاغون إن المواطن الروسي شارك في أنشطة جماعة متطرفة في أوزبكستان كانت على صلة بتنظيم "القاعدة" المصنف إرهابيا على المستوى العالمي.
أما منغازوف نفسه، فنفى أي ضلوعه له في أي نشاط إرهابي.
وقالت السلطات الأمريكية، ردا على المطالب المتكررة من قبل روسيا بنقل منغازوف إلى بلاده، إنه "يكره الحكومة الروسية ويخشى من الاتهامات التي من الممكن نوجيهها إليه هناك".
واتخذت إدارة أوباما قرار نقل منغازوف من غوانتانامو في شهر يوليو/تموز من العام الماضي.
وأعربت الخارجية الروسية، في إطار ردها على هذه الخطوة، عن أسفها الشديد من تصرفات أوباما في أخر أيام رئاسته، واصفة إياها بـ"غير المهنية".
وقال بوريس دولغوف، مفوض الخارجية الروسية السامي لحقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، في تغريدة نشرها، الجمعة، على حسابه في موقع "تويتر": "تبدو هذه الخطوة المستعجلة وجارية من دون إرسال بلاغ قنصلي مناسب من قبل الإدارة الراحلة نوعا من الإعراب عن شقاوة وصبيانية".
وأضاف دولغوف: "كان يجدر على أوباما إغلاق هذا السجن من القرون الوسطى".
يذكر أن الولايات المتحدة تستأجر قاعدة "غوانتانامو" من كوبا منذ عام 1903، ولا يمكن إلغاء العقد إلا في حال توافق الجانبان على ذلك، وتطالب الحكومة الكوبية برحيل العسكريين الأمريكيين من القاعدة.
وكانت الولايات المتحدة قد أقامت في غوانتانامو سجنا في عام 2002 بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول وبدء التدخل الأمريكي في أفغانستان.
واشتهر هذا السجن باعتقال مئات المشتبه بهم في قضايا إرهاب من مختلف الجنسيات، دون محاكمة، حيث جرى تعذيبهم هناك.
وفي العام 2009، أمر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإغلاق المعتقل، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، حيث تواجه جميع محاولات أوباما لإغلاق المعتقل معارضة حازمة من قبل الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الذين يرفضون تخصيص الأموال الإضافية لنقل معتقلي غوانتانامو إلى سجون أخرى.
جدير بالذكر أن إغلاق واشنطن للمعتقل لا يعني إغلاق قاعدتها العسكرية في جزيرة كوبا.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
وكالات - RT
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك