بسقوط مدينة المخا التاريخية ومينائها الاستراتيجي في يد قوات الجيش الوطني اليمني٬ تصبح واحدة من المدن الهامة التي حررتها قوات الشرعية بدعم من قوات التحالف٬ بعد العاصمة المؤقتة عدن ولحج والضالع ومأرب والجوف وغيرها من المحافظات والمدن التي تحررت من قبضة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية التابعة لإيران.
ومنذ الانقلاب على الشرعية واحتلال العاصمة صنعاء من قبل ميليشيات الحوثيين٬ وبالتواطؤ من قبل القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح٬ في 21 سبتمبر (أيلول) ٬2014 كانت السلطة الشرعية تخوضا صراعا مسلحا محدودا٬ غير أن الصراع اتسع نطاقه بعد تدخل دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية بناء على طلب من الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي٬ وذلك من خلال عملية «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل»٬ لتبدأ الحرب الحقيقية لتحرير المحافظات والمدن اليمنية من قبضة الميليشيات.
ويرى مراقبون يمنيون تحدثت معهم «الشرق الأوسط»٬ أن تحرير المدن والمحافظات التي باتت تحت سيطرة الشرعية لم يكن أمرا سهلا٬ في ظل تحول الجيش الذي بناه الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى ميليشيات موالية له وللحوثي ومن ورائهما إيران.
يقول باسم الشعبي٬ رئيس مركز «مسارات» للاستراتيجيا والإعلام إن «تحرير المناطق ليست مسألة سهلة٬ خاصة المناطق في الساحل الغربي احتاج إلى وقت وإعداد جيد٬ علما بأن الميليشيات هناك تقاتل كعصابات مسلحة وليس كجيش رسمي٬ وهو ما يعقد الأمور أكثر أمام الجيش الوطني والمقاومة الشعبية٬ لكن ضعف الانقلابيين بدا واضحا ولم يعودوا قادرين على الاحتفاظ بالمناطق التي تحت سيطرتهم لوقت أطول بسبب الإنهاك٬ وربما الخلافات فيما بينهم فضلا عن تفوق جيشنا الوطني في الترتيب والتنظيم ومشاركة سلاح الطيران وسلاح البحرية والبوارج الحربية التابعة للتحالف».
ويؤكد المراقبون أن دول التحالف٬ وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة٬ عملت بشكل مكثف في تكوين الجيش الوطني وإعادة تكوينه قبل تحقيق هذه الانتصارات٬ يضيف الشعبي: «الإعداد السريع للجيش الوطني اليمني يكشف بصورة جدية أن هناك دعما غير عادي من قبل التحالف بالأسلحة والمعدات المتطورة٬ بالإضافة إلى التدريب الذي تلقته عدد من الكتائب التي تقود المعارك في المخا على يد قوات التحالف٬ خاصة إذا ما علمنا أن أعدادا كبيرة من مقاتلي الشرعية هم من الشباب٬ هذا بالإضافة إلى وجود قيادات كبيرة وذات خبرة تقود وتشرف على المعارك أمثال اللواء هيثم قاسم طاهر وزير الدفاع اليمني الأسبق».
وباتت الأنظار٬ حاليا٬ تتجه إلى إكمال عملية «الرمح الذهبي»٬ والانطلاق نحو بقية مدن الساحل الغربي٬ الذي انطلقت العملية من أجل تحريره٬ فالمدينة المرتقب تحريرها هي الخوخة٬ التي تبعد نحو 50 كيلومترا شمال المخا٬ وهي أولى المديريات في محافظة الحديدة وإقليم تهامة عموما.
لكن الناشط السياسي٬ نيزان توفيق٬ يؤكد أن تأمين المخا والمدينة السكنية ومحطة الكهرباء أولوية حاليا للجيش قبل التوجه نحو سواحل محافظة الحديدة.
وكما أدى تحرير عدن إلى استقرار الرئاسة والحكومة فيها٬ بدأت العاصمة المؤقتة تشهد انتعاشا اقتصاديا وحركة إعادة إعمار لما دمرته الحرب٬ هي والمدن المماثلة٬
فإن المأمول لدى قطاع واسع أن ينتعش ميناء المخا وليمثل مدخلا لتحرير تعز٬ من خلال إنزال الأسلحة والعتاد العسكري والقوات لدحر الميليشيات من المناطق التي تسيطر عليها تعز٬ كما قال الناشط السياسي٬ محمد سعيد الشرعبي لـ«الشرق الأوسط».
كما أن تحرير المخا٬ أدى إلى دق طبول الحرب في محافظة الحديدة٬ إذ علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في العاصمة المؤقتة عدن أن هناك قوات خاصة قد يطلق عليها اسم «النخبة التهامية» ستتولى تحرير تهامة إلى جانب قوات الجيش الوطني النظامية٬ وهذه القوات هي عبارة عن متطوعين من المقاومة الشعبية التهامية٬ وجرى تدريبها في مناطق لم يعلن عنها٬ كما يقول القيادي في الحراك التهامي٬ أيمن جرمش٬ الذي يؤكد أن «تحرير محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر٬ هو بمثابة قطع الشريان الرئيسي للانقلابيين».
عمليا٬ بدأ الانقلابيون بالفعل٬ في تنفيذ حملة إعلامية تستجدي المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لعدم استهداف الحديدة٬ كونها الشريان الرئيسي بالنسبة لليمنيين٬ حسب تعبيرهم٬ وذلك عقب استهدافهم مؤخرا للفرقاطة السعودية بعملية انتحارية وبعد حساباتهم للنتائج التي سيؤدي إليها ذلك العمل الإرهابي.
وتتجاوز أهمية الحديدة بالنسبة للانقلابيين٬ كثيرا٬ أهمية المخا٬ فالحديدة هي الميناء الثاني على مستوى اليمن والأول والرئيس في المناطق الشمالية. وبحسب المعلومات فإن الانقلابيين بدأوا بترحيل عائلاتهم من الحديدة نحو صنعاء وغيرها من المناطق الجبلية٬ فيما ينتظر أبناء تهامة «أن يتخلصوا من ضيم الإمامة وعهد صالح وظلم مئات السنين»٬ حسب تعبير جرمش.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك