لماذا لم تصل المساعدات إلى المحتاجين في ضواحي الحديدة رغم أنهم الأقرب للميناء؟ بل على العكس ظلت صورهم تنتشر وهم يعانون الجوع». يسأل البراء شيبان الباحث السياسي اليمني، ويقول عن المنظمات الأممية التي تعمل في اليمن حاولت أن تلعب دوراً أكبر من حجمها، بأن يعتقدوا أنهم سيستطيعون تغطية دور الحكومة... ولقد أخبرناهم من قبل أنكم لا تستطيعون لعب دور الحكومة، ومرت الأشهر واتضحت المسألة».
شيبان ومحللون آخرون يتساءلون كثيرا عن نجاعة الدور الذي تلعبه المنظمات الأممية في اليمن، فهناك مليارا دولار بحسب تغريدة أطلقها وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني صرفت للمساعدات الإنسانية، لكن من يمعن النتائج فإنه يجدها أقرب إلى أن تكون باهتة مقارنة بما رصد لها.
«الشرق الأوسط» تحدثت مع محللين حول دور المنظمات الإنسانية في اليمن، وأرسلت إلى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أسئلة لم يجب عنها المكتب منذ الثاني من سبتمبر (أيلول) وحتى السادسة بتوقيت لندن أمس.
ويرى عبد الله الجنيد الكاتب السياسي البحريني أنه «يجب إدراك أن أغلب المنظمات قد تشكلت هويتها السياسية إبان الحرب الباردة، لذلك فإن منهجيتها قائمة على توظيف علاقاتها السياسية مع المجتمع الدولي».
وفي اليمن، يقول الجنيد إن «الضغط القائم الآن من هذه المنظمات على الشرعية اليمنية عبر استهداف الجهد السعودي والإماراتي في اليمن يتزامن مع حملات إعلامية في الولايات المتحدة وبريطانيا تحديداً من منظمات وشخصيات إعلامية ذات مواقف مسبقة لكل ما تمثله السعودية والإمارات مثل حملة مزاعم وجود معتقلات تعذيب إماراتية في اليمن».
ويمهد نجيب غلاب الباحث السياسي اليمني تعليقه بالقول: «تبدو المنظمات الدولية المهتمة بالإغاثة والحقوق أنها تعمل وفق معايير مهمومة بالإنسان أولاً، وهذا التأسيس الدعائي لعملها يحجب واقع هذه المنظمات كوظيفة في صراعات كبار المتصارعين على النفوذ الدولي وواقع مصالحها الذي أصبح بيروقراطية مهمومة بمصالحها أولاً، وتحولت إلى (لوبي) دولي منظم وشبكات مصالح بآليات رقابية ضعيفة وقابلة للاختراق والتوظيف، وهذا جعل بعض قطاعاتها محترفة في ابتزاز الدول والأنظمة وبشكل لم يتخيله أكثر المتشائمين في استغلال المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية».
والتجربة تكشف عمل هذه المنظمات في أكثر من صراع - والحديث لغلاب - «فقد ظهرت وكأنها مكملة لسياسات الدول الأكثر تأثيراً في المنظومة الدولية وأداة من أدواتها لتمرير سياسات مناهضة للسلام وأمن والشعوب، وأصبحت الحقوق كقيم وفلسفة شعارات لإدارة النزاعات والصراع على النفوذ السياسي والاقتصادي». ويقول: «من تجربة هذه المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية سنجد أنها تعمل بمعايير مزدوجة وحسب حاجات الأقوياء وسياسات الابتزاز ومصالح البيروقراطية الضخمة التي كونتها هذه المنظمات، وأصبح تشغيلها بحاجة إلى المآسي أو تعظيمها وهذا قد يدفع الفاسدين إلى العمل كمافيا متعاونة مع من يريد المأساة أداة لإنفاذ جريمته كما هو الحال مع الحوثية. كثير من التقارير التي تعتمدها المنظمات الحوثية يتم إعدادها ورصدها من قبل شبكات التنظيم الحوثي ناهيك بأن موظفين في فروع التنظيمات لديهم علاقات ذات طابع متعدد مما جعلهم متحيزين للحوثية والمنظمات التابعة لها بل إن الإغاثة الإنسانية أصبحت أهم أدوات تمويل الحرب الميليشاوية للحوثية»، ويكمل غلاب قائلاً: «باعتبار أن المأساة الإنسانية من المنظور الخميني ووكيله اليمني (الحوثية) هي الطريق الذي يراهنون عليه لإنقاذ انقلابهم، وفرض مشروعهم الطائفي الكهنوتي، فإن تضخيم هذا الملف أصبح يخدم طرفين، الحوثية والمنظمات التي ينخرها الفساد وأصبح البعد الإنساني والحقوقي بفعل أعمال منظمة نقطة الضعف الأولى للشرعية والتحالف، رغم الجهود المبذولة والاتفاقات الضخمة الموظفة في معالجة نتائج الحرب لكنها تذهب في ثقب أسود ينمي حرب الميليشيات لتكون مستدامة، ويشبع جشع مافيا المنظمات، وهذا يتطلب من الأمم المتحدة إجراء تحقيق لكشف هذا الجانب المظلم من عمل منظماتها».
يعود الجنيد هنا ليقول: «لقد أثبت تحول مواقف بعض المنظمات مثل (اليونيسيف) من قضايا محددة، مثل تجنيد أنصار الله (الحوثيين) للأطفال في الصراع الدائر في اليمن، أو من جهد التحالف في الجانب الإغاثي ومحاربة انتشار وباء الكوليرا»، مضيفاً أن «منظمة الصحة العالمية الآن على اتصال مباشر مع مركز الملك سلمان للإغاثة للوقوف على واقع مكافحة وباء الكوليرا، بعد أن أثبتت التجربة أن تلك المصادر اليمنية (في الشمال) تحديداً عدم موضوعية أو مصداقية، وأن تعاطيها مسيَّس».
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك