رفض المجلس القومي للمرأة في مصر ما جاء في تقرير حول أوضاع النساء في العالم، لكن بعض أطراف المجتمع المدني انتقدوا جهود الحكومة في مجال حماية المرأة.
وأثار تصنيف القاهرة كـ "أخطر" مدينة كبرى في أنحاء العالم على ظروف معيشة النساء انتقادات من قبل جهات حكومية وبعض العاملين في المجتمع المدني في مصر على حد سواء، ورأى بعضهم أنه رُكز على التحرش دون معايير أخرى شملها التقرير.
ونشرت مؤسسة طومسون رويترز "أول استطلاع دولي لآراء خبراء" حول حظوظ النساء في المدن التي يزيد عدد سكانها على 10 مليون نسمة، وشمل البحث 19 دولة سُئل خبراء منها عن "مدى حماية النساء من العنف الجنسي، ومن العادات الثقافية المؤذية، ومدى وصولهن إلى مستوى جيد من العناية الصحية والتعليم والدخل".
وصنف التقرير القاهرة كأخطر مدينة على النساء، تلتها كراتشي الباكستانية، وكينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية ثم العاصمة الهندية نيودلهي، في حين صنفت لندن كأفضل المدن الكبرى بالنسبة للنساء.
وانتقدت مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة في مصر، "المنهج" الذي اتبعه التقرير، مطالبة القائمين عليه بالإعلان عنه، وقالت لبي بي سي إن التقرير لم يذكر الجهود التي تبذلها الحكومة في مجال حماية المرأة.
وتقول مرسي: "مثل كل مدن العالم، لا ننكر أن هناك حالات تحرش وعنف في مصر.. لكن لا يمكن وصم عاصمة بأنها الأسوأ فقط بناء على رأي 15 خبيرا".
وفي الوقت الذي رفضت فيه جهات من المجتمع المدني ما جاء في التقرير، أنحى بعضهم اللوم على الحكومة المصرية متهما إياها "بالتضييق" على عمل المجتمع المدني في هذا المجال.
وحول هذه الجهود، أشارت رئيسة المجلس القومي للمرأة إلى أن وزارة الداخلية لديها وحدات لحماية المرأة من التحرش في الشوارع، كما تم "تغليظ عقوبة" ختان الفتيات في الآنة الأخيرة إلى جانب العقوبات المفروضة على المتحرشين.
وأضافت أن البرلمان يناقش حاليا مشروع قانون لحماية المرأة من العنف الذي يأتي كجزء من استراتيجية عام 2030.
ومنذ ثورة 2011 في مصر أطلقت عدة مبادرات من قبل المجتمع المدني لحماية النساء في التجمعات الكبيرة. من بين هذه المبادرات "بصمة"، و"خريطة التحرش" و "شفت تحرش".
في الوقت نفسه، رفضت عزة كامل، الكاتبة المستقلة ومنسقة مبادرة "شفت تحرش" - وهي احدى المبادرات البازة في هذا المجال - أيضا ما جاء في التقرير بخصوص عدم كفاية الجهود المبذولة لحماية المرأة.
لكنها ألمحت إلى أن معظم المبادرات لم يعد بامكانها النزول إلى الشوارع والميادين لرصد حالات التحرش، نظرا لتعذر الحصول على التصاريح اللازمة من قبل وزارة الداخلية.
كما هاجم فتحي فريد، المنسق العام لمبادرة "أمان لمجابهة العنف ضد المرأة" وأحد مؤسسي "شفت تحرش" الحكومة المصرية قائلا إنها "مشاركة في الجريمة"، في إشارة إلى تزايد ظاهرة التحرش.
وقال لبي بي سي "في نهاية عام 2014، منعت تصاريح العمل الميداني للجمعيات، وبقي المتطوعون رغم ذلك ينزلون الشارع على مسؤوليتهم الشخصية لحماية النساء في المناسبات العامة كما أن إحدى الجمعيات أصدرت عام 2015 تقريرا بشأن تورط بعض عناصر الشرطة في وقائع العنف ضد المرأة".
وأضاف "كافة الجهود الحكومية والمشروعات التي رصدت لها مبالغ كبيرة يدفعها دافعو الضرائب في مصر حصيلتها صفر. ليس هناك رغبة حقيقية في مواجهة الظاهرة".
وتشهد العاصمة المصرية تزايدا في حوادث التحرش في التجمعات وخلال فترات الأعياد حيث تخرج الفتيات للتنزه في الشوارع والميادين، وهو ما دفع إلى خروج حركات مجتمعية تعمل في مجال مناهضة التحرش الجنسي في الشوارع.
ولكن فتحي فريد لا يزال يرى أملا بفضل "النساء والفتيات اللواتي قررن مواجهة متحرشين في الشارع رغم الضغوط".
واشتهرت قصة هند عبد الستار (29 عاما) التي ظلت لمدة عام تسعى للحصول على "عقوبة مشددة" بلغت 5 سنوات سجن لسائق "التوكتك" الذي تحرش بها في القضية التي عرفت بـ "فتاة حلوان".
وقالت هند لبي بي سي إنها "لا تشعر بالأمان" عند تحركها في شوارع مصر.
"لا أشعر بالأمان اليوم.. عندما أمشي في الشارع أو أركب وسيلة مواصلات ينتابني القلق دائما. حتى لو لم يكن لدى الرجل الذي يمشي ورائي نية إيذائي، لدي دائما إحساس أنه قد يسمعني كلام مزعج أو أنه قد يؤذيني".
وتقول عبد الستار إنها تبذل جهودا فردية لمساعدة عدد من الفتيات اللواتي يتواصلن معها أحيانا للحصول على نصائح للتعامل مع حوادث مشابهة. وتقول إنها تقوم بتشجيعهن على رفع قضايا ضد المتحرشين، لكن معظمهن يخشى الاستمرار بالقضية.
"البنت غالبا ما تكون خائفة؛ فهي قد تهدد بسكب ماء النار عليها أو ضرب أخيها بسكين. حتى أن إحدى الفتيات كانت منقبة وتعرضت لتحرش وشجعتها على الاستمرار لكنها كانت قلقلة من العواقب،" تقول هند.
"أحاول أن أعطي نفسي بعض الأمل. أتمنى أن نمشي بالشارع كما نريد ونرتدي ما نشاء"، تضيف هند عبد الستار.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك