غادر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، ورئيس لجنة الأمم المتحدة لإعادة الانتشار الجنرال باتريك كاميرت، الأربعاء العاصمة اليمنية صنعاء، بعد ثلاثة أيام من اللقاءات بقيادات ميليشيات الحوثي الانقلابية، في محاولة لحلحلة خلافات عميقة تعيق تطبيق اتفاق الحديدة، علاوة على اتفاق الأسرى.
وفيما لم تعلن الأمم المتحدة عن نتائج هذه اللقاءات، واكتفت على لسان المتحدث باسمها بنفي استقالة كاميرت واستمراره في عمله، أكدت مصادر سياسية في صنعاء عدم وجود مؤشرات على حدوث أي اختراق يذكر إزاء تغيير مواقف الانقلابيين الرافضة لعمل لجنة كاميرت، ولتوسيع لجنة المراقبين الدوليين، وللبدء الفوري في تنفيذ إجراءات بناء الثقة تمهيدا لإعادة الانتشار بعد الانسحاب من ميناء الحديدة وميناءي رأس عيسى والصليف، فضلا عن تثبيت وقف إطلاق النار وإزالة الحواجز والعوائق ونزع الألغام والمتفجرات من شوارع وطرقات وأحياء المدينة.
وبحسب المصادر، وضعت الميليشيات الحوثية اشتراطات استباقية إزاء إمكانية استئناف المحادثات حول التسوية النهائية واتفاق سياسي شامل، في الوقت الذي تتعمد فيه إفشال الاتفاق المبدئي بشأن الحديدة والذي يُعد امتحانا أوليا للنوايا وللمصداقية، إضافةً إلى إصرارها على تغيير ورفض التعامل مع كاميرت والتهديد بطرده مع فريقه من الحديدة.
وأبدت أوساط سياسية يمنية تشاؤمها حيال استراتيجية غريفيثس، ولم تستبعد أن يعتمد "حرق المراحل والقفز إلى الأمام" وخلط الأوراق بوضع عربة التسوية النهائية قبل حصان إجراءات بناء الثقة وتنفيذ اتفاق الحديدة.
كما لم تستبعد لجوء غريفيثس إلى "مراضاة الحوثيين" وسحب لجنة كاميرت من الحديدة فعلياً، تحت ذريعة تحويل الاجتماعات إلى الخارج، بدلاً من المباشرة الميدانية التي تنص عليها الاتفاقية وقرارا مجلس الأمن.
وبالفعل، سارت تسريبات في هذا الشأن، بهدف "جس النبض". وسوف يكون من المستحيل بعد خطوة كهذه التعويل على أي تنفيذ فعلي لاتفاق الحديدة.
يأتي ذلك، فيما أفادت مصادر حكومية يمنية، في وقت سابق لقناة "العربية" أن "الخلافات نشبت بين كاميرت وغريفيثس، بعد اعتراض كاميرت على عملية إعادة الانتشار التي قامت بها ميليشيات الحوثي في ميناء الحديدة من خلال سحب عناصرها بلباس مدني، وتسليم الميناء لحوثيين آخرين بلباس قوات خفر السواحل".
وبحسب المصادر، فقد رفض كاميرت أسلوب المراضاة الذي يتبعه غريفثس مع الحوثيين، وأراد التعامل معهم بصرامة.
وجددت الميليشيات الحوثية التصعيد ضد كاميرت واتهامه بالخروج عن مهمته والانحياز للفريق الحكومي، وطالبت بتغييره، بعدما تجاهل الاعتراف بإجراءات أحادية أعلنتها الميليشيا للانسحاب من موانئ الحديدة نهاية الشهر الماضي.
واتهم القيادي الحوثي فضل أبوطالب كاميرت بالانحياز لدول تحالف دعم الشرعية، زاعماً أنه يحاول "حرف مسار اتفاق الحديدة، خارج ما تم التفاهم عليه في مشاورات السويد".
وأفادت مصادر متطابقة أن غريفيثس أخفق في محاولته لمعالجة الأزمة التي تفجرت عقب التصعيد الحوثي ضد لجنة التنسيق الأممية ورئيسها الجنرال باتريك كاميرت بمدينة الحديدة وبلغت ذروتها مع تقييد حرية الحركة والاعتداء على موكبه بالرصاص، وجسدت الرفض العملي لتوسيع بعثة المراقبين الدوليين.
وأثارت الأزمة غضب الأمم المتحدة ومن ورائها المجتمع الدولي وخشيتها على سلامة وحياة موظفيها وطواقمها في الحديدة بعد الاعتداء على كاميرت وفريقه وتلويح الحوثيين بطردهم وإمهال الأمم المتحدة لسحب كاميرت وتغييره.
يذكر أن اللجنة المشتركة التي يقودها الجنرال الهولندي باتريك كاميرت مكلّفة بمراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة بناء على اتفاق السويد، وهو الاتفاق الذي ينص على انسحاب ميليشيات الحوثي من موانئ المحافظة، ثم انسحاب الأطراف المتقاتلة من مدينة الحديدة.