عقدت الحكومة اليمنية، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، اليوم، عبر تقنية الاتصال المرئي، الاجتماع التحضيري لتقييم برنامج عمل اسطنبول (IPoA) للعقد المنصرم، والمساهمة في بناء أجندة العقد القادم للبلدان الأقل نموا والتباحث في مقتضيات مرحلة ما بعد الصراع في اليمن، وتحقيق التعافي والانتعاش الاقتصادي والتنموي إثر ما واجهته البلاد من أزمات وبمقدمتها انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا على الشرعية الدستورية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية.
وضم الاجتماع الحكومة اليمنية ممثلة بوزراء التخطيط والتعاون الدولي الدكتور واعد باذيب، والمالية سالم بن بريك، والكهرباء والطاقة أنور كلشات، والأشغال العامة والطرق المهندس مانع بايمين، والشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور محمد الزعوري، وعدد من الشركاء الإقليميين والدوليين ممثلين بالأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتورة روال دشتي، وسفير المملكة العربية السعودية الشقيقة لدى اليمن، المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن محمد آل جابر، والمدير القُطري لمجموعة البنك الدولي ويس مارينا، والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن اوكي لوتسما، وممثلين عن برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند)، ووزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ووزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة في السعودية، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وصندوق أبوظبي للتنمية.
وسلط الاجتماع الضوء على برنامج عمل اسطنبول للعقد المنصرم 2011 - 2020م، وبرنامج خاص بالبلدان الأقل نموا في الإقليم هي اليمن وموريتانيا والسودان والصومال، وسُبل مواجهة التحديات والخروج بإستراتيجية شاملة لتغطية الـ 10 السنوات القادمة، للمساهمة بتمكين البلدان الأقل نموا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال البناء على أسس متينة وتنشيط الشراكة العالمية، وكذا إطلاق الإسكوا عملية إقليمية تهدف إلى جمع آراء البلدان والهيئات الإقليمية المتخصصة، وإعداد تقرير يتضمن رصد وتحليل الجهود الثنائية والمتعددة الأطراف العربية لدعم الدول العربية الأقل نموا، وتلخيص التحديات التنموية والأولويات الوطنية التي تريد اليمن التركيز عليها لإدراجها في جدول الأعمال العالمي للعقد القادم 2020 - 2030م، إضافة إلى التباحث في مقتضيات مرحلة ما بعد الصراع وما تتطلبه من رؤى واستراتيجيات إنمائية شاملة، ومن بناء لقدرات المؤسسات اليمنية للمساهمة الفعالة في عملية التعافي وإعادة الإعمار وتنفيذ برامج الاستقرار وتنسيق الجهود مع الشركاء المحليين والإقليميين والدوليين، وذلك في سبيل البدء، بالتعاون مع الحكومة اليمنية ومختلف الشركاء التنمويين، بوضع متطلبات هذه المرحلة، على مستوى الخطط والبرامج موضع التنفيذ بشكل تكاملي وتراكمي.
وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور واعد باذيب، يطيب لي في مستهل أعمال هذا الاجتماع التحضيري حول تقييم برنامج عمل اسطنبول للمساهمة في بناء أجندة التنمية للعقد القادم للبلدان الأقل نموا، ان أتقدم باسمي ونيابة عن الحكومة اليمنية بأسمى آيات الشكر والامتنان والعرفان لجميع شركاء اليمن الإقليميين والدوليين على الدعم والمساندة لليمن في هذه الظروف الحرجة والصعبة التي يمر بها والتي نأمل ان نتغلب عليها ونستأنف مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بوتيرة متصاعدة لنتخطى عقبات التخلف إلى رحاب التنمية والازدهار والرفاهية.
وأضاف: لقد كان الهدف الطموح لبرنامج عمل إسطنبول للعقـد المنصرم 2011 - 2020م، هو التغلب على التحديات الهيكلية التي تواجهها الدول الأقل نموا ومنها اليمن وتحقيق نمو اقتصادي بمعدل لا يقل عن 7 في المائة من خلال تعزيز طاقتها الإنتاجية وتحقيق أهداف الألفية والشروع في التنمية المستدامة 2030م على النحو الذي يسمح لها بالخروج من فئة الدول الأقل نموا، بالإضافة إلى تعزيز التنمية البشرية والاجتماعية وتمكين المرأة وتعزيز الحكم الرشيد، وقد تعاملت اليمن بإيجابية عالية مع البرنامج وحاولت استيعاب مكونات البرنامج بشكل أو بآخر في خططها وسياستها وحققت بعض الإنجازات واخفقت في البعض الآخر، إلا ان التحديات الناشئة والأزمات المتعاقبة والكوارث الطبيعية والبيئية والتطورات السياسية غير المواتية التي داهمت اليمن والمنطقة قد حالت دون الوصول إلى الغايات المأمولة.
واستعرض أبرز تطورات العقد الماضي المليئة بالصعوبات والتحديات والأزمات غير المسبوقة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، شملت المطالبة بالتغيير والتنمية والدولة المدنية والحرية والعدالة والمساواة، وافضت إلى التوافق على مرحلة انتقالية وفقا للمبادرة الخليجية وانتقال سلس للسلطة وحوار وطني واسع النطاق وقدم اليمنيون نموذجا رائعا في الحوار الوطني، إلا أن الحوثيين انقلبوا على الشرعية الدستورية وعلى مخرجات الحوار الوطني واستولوا على الدولة ومؤسساتها وادخلوا اليمن في دائرة الصراع والحرب والهشاشة منذ عام 2014م وحتى الان.
وأشار الوزير باذيب، إلى تفاقم التحديات واستفحال الأزمات وتداعيات الانقلاب الحوثي والحرب على كل جوانب الحياة، ففي الجانب التنموي شهد الاقتصاد تدهورا حادا في النشاط الاقتصادي وانكماشا في النمو الاقتصادي إلى أكثر من 50% من الناتج المحلي وخسر الاقتصاد خلال السنوات الست الماضية أكثر من مائة مليار دولار، كما ارتفعت معدلات الفقر إلى حوالي 78% من السكان وفقدت مئات الآلاف من القوى العاملة وظائفها، وشهد قطاع الخدمات هو الآخر تدهورا حادا وانهيارا غير مسبوق، فضلا عن التحديات في الجانب الإنساني كارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى أكثر من 60% وتدهورالحياة المعيشية للسكان وارتفاع أعداد النازحين إلى أكثر من 3.6 مليون نسمة في الداخل وحوالي مليون نازح في الخارج، إلى جانب تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية والمؤسسية وخاصة الطرق والمنشآت التعليمية والصحية والمستشفيات والجسور وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، فضلا عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية لجائحة كوفيد - 19 التي أدت إلى تعريض حياة الناس وسُبل معيشتهم للخطر ولسنوات قادمة.
ولفت إلى أن تلك التحديات والتداعيات ألقت بظلالها على تآكل الإنجازات والمكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال السنوات الماضية وعلى إمكانية إحراز تقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030م، كما خلّفت جراحات عميقة في جدار النسيج الاجتماعي وروابط المجتمع وفرص التنمية للأجيال الحالية واللاحقة .. مضيفا: أنه رغم تلك التحديات السالفة الذكر، إلا أن الحكومة بذلت جهودا استثنائية لمواجهتها والتخفيف من حِدتها وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار، كما عملت وتعمل على استعادة التعافي والنمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة واستعادة الخدمات الأساسية ومجابهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة، وكان للدعم والمساعدات من شركاء اليمن دورا كبيرا في التخفيف من حجم المعاناة والضائقة الاقتصادية على الرغم من أن الدعم اتجه في معظمه نحو الجوانب الإنسانية والحاجات الإغاثية الطارئة وليس الجوانب الإنمائية.
وتابع وزير التخطيط بقوله: كما ان حكومة الكفاءات السياسية التي تشكلت أخيرا ستمضي وبدعم من شركاء اليمن وفي إطار برنامجها الذي تضمن عددا من الأولويات والتي تتركز في استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب وبناء السلام وتحقيق التعافي الاقتصادي وإعادة إعمار البنى التحتية التي تضررت من الحرب واستئناف النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل منتجة وتحسين مستوى المعيشة والتخفيف من الفقر والبطالة واستعادة الخدمات الأساسية وإصلاح المالية العامة وتحقيق الاستقرار المالي، فضلا عن توفير الاحتياجات الإنسانية للنازحين والفئات المتضررة من الحرب وتشجيع القطاع الخاص وزيادة إسهامه في التنمية وإعادة الإعمار والتعافي وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى معالجة الاختلالات والتشوهات في النشاط الاقتصادي والحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لفايروس كورونا، كل ذلك جنبا إلى جنب مع رفع كفاءة أداء مؤسسات الدولة وتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد.
كما أشاد بحجم الدعم والمساندة من كل الداعمين لليمن .. مثمنا عاليا مستوى التعاون والشراكة مع الدول الشقيقة والصديقة الداعمة وكذلك المؤسسات والصناديق الإقليمية والدولية والهيئات الأممية، مضيفا: فكما عهدناكم في الوفاء والوقوف مع اليمن وقضاياه في أوقات السلم وفي أوقات الحرب كذلك وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والبنك الدولي والبنك الإسلامي والصندوق العربي والصندوق الكويتي وصندوق أبوظبي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وكل من ساهم وساند بصورة مباشرة وغير مباشرة، فاننا نتطلع لمزيد من الاسهام والدعم في المرحلة القادمة ليتمكن اليمن من الخروج من دائرة الصراع ومن الدول الأقل نموا إلى رحاب التنمية والإعمار والسلام وحتى يتبوأ مكانه الطبيعي واللائق به حضاريا ليسهم مع الأسرة الدولية في مسيرة الاستقرار والسلام الإقليمي والعالمي.
من جانبه استعرض السفير السعودي لدى اليمن، المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن محمد آل جابر، ما تحقق من إنجازات ونجاحات خلال المرحلة الماضية في اليمن .. قائلا: إن الاجتماع فرصة سانحة لتبادل الآراء مع الحكومة اليمنية وكبار المانحين والوكالات الإقليمية والدولية المتخصصة وتقييم المنجزات والتحديات التنموية.
وتطرق إلى التحديات التنموية المختلفة .. لافتا إلى الدعم الذي قدمته المملكة في المجالات الاقتصادية والإغاثية والتنموية .. مؤكدا حرص المملكة على العمل مع شركاء التنمية لتلبية متطلبات المرحلة المقبلة وتحقيق التعافي والاستقرار الاقتصادي وإنعاش التنمية .. مشيدا بجهود الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة الدكتور معين عبدالملك وجهود وزير التخطيط الدكتور واعد باذيب، من خلال إيلاء جُل الاهتمام بملف التنمية المستدامة وإعمار اليمن.
بدورها قالت الأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتورة رولا دشتي، إن الفجوة التمويلية هي عقبة رئيسية أمام التنمية في البلدان العربية الأقل نموا، وإن دول الخليج هي من بين كبار المساهمين في تدفقات المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة عبر مؤسسات ثنائية أو متعددة الأطراف، ونعمل على تحديد موقف مشترك لبلدان المنطقة إزاء تصميم برنامج عمل للدول الأقل نموا للمستقبل.
فيما ركزت مداخلات المشاركين في الاجتماع من جانب وزراء الحكومة اليمنية والشركاء الإقليميين والدوليين، على الصعوبات والتحديات التي تواجه اليمن وأسبابها وآثارها وسُبل معالجتها وصولا إلى تحقيق التعافي والانتعاش الاقتصادي والتنموي.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك