الأمم المتحدة تدعو إلى سرعة إصلاح مينائي "المكلا وعدن" لخفض تكاليف الغذاء

 
دعت الأمم المتحدة، إلى الإصلاح السريع لميناءين رئيسيين في جنوب اليمن لتقليل تكلفة الغذاء المستورد، في وقت يقف البلد الغارق في الحرب على شفير مجاعة واسعة النطاق.
والميناءان في عدن والمكلا الخاضعان لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، جزء من المداخل الرئيسية الأربعة للغذاء والمساعدات إلى اليمن الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب المنظمة الأممية.
وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير نشره أمس الاثنين، إن الانتشار المفاجئ لفيروس كورونا تسبب في أن تصبح أسوأ أزمة إنسانية وتنموية في العالم أكثر فتكًا. كارثة بعد أخرى ويجب على اليمنيين التغلب على التبعات الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية من أجل البقاء على قيد الحياة، ليس إلاّ.
وأشار إلى أنه مع ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي، لا يعرف أكثر من 16 مليون يمني من أين ولا كيف سيحصلون على وجبتهم التالية. ليس بسبب عدم توفر الغذاء، ولكن بسبب الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية.
وأوضح أنه في ظل هذا الوضع، وجب علينا التفكير في كيفية المساهمة في جعل الغذاء ميسور التكلفة وأن نعمل كي نتجنب المجاعة واسعة النطاق. الحل ببساطة هو: "الاستثمار في منافذ الاستيراد اليمنية - موانئ الخليج العربي".
وأكد التقرير، أن الانخفاض الهائل في الإيرادات المالية وتزايد تكلفة الوقود، والغذاء والدواء أدى إلى خلق العقبات أمام اليمنيين الذين يعملون جادين من أجل توفير الرعاية الأساسية لأهاليهم.
وتابع: لقد أُضطر العديد منهم الى الفرار من منازلهم، وترك وظائفهم وشريان حياتهم والبدء في الاعتماد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية والإنمائية، الأمر الذي تسبب في ارتفاع الطلب على تلك المساعدات، وفي ظل النقص المستمر للتمويل، حتى المنظمات الدولية تواجه صعوباتٍ جمّة في توفير المعونات للمحتاجين.
وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن "الموانئ تظل مسؤولة عن 60 إلى 70 في المائة من جميع الواردات الى اليمن، بما في ذلك المساعدات الدولية الإنسانية".
واستدرك: "لكن مع تدني القدرة التشغيلية لتلك الموانئ بسبب الصراع المستمر وعدم صيانتها بشكل منتظم، فقد أصبحت الآن شبه مدمرة، وهي ما كانت تعتبر في السابق محركًا اقتصاديًا وسبباً للاستقرار المالي في البلد".
وأضاف، أنه "بسبب ظروف الحرب، تضطر شركات الشحن لدفع مبالغ عالية للتأمين، وحتى عندما ترسو السفن فإن الموانئ لا يمكنها التعامل إلا مع عدد قليل منها في آنٍ واحد. يؤدي هذا إلى بطءٍ كبير في عملية التفريغ والذي قد يتسبب بتلف المواد المستوردة على السفن".
كما أن العمل الإضافي اللازم من أجل رسو السفن في الأرصفة المتضررة يتحول الى تكلفة إضافية في أسعار السلع والتي تضاف بدورها على كاهل المواطن اليمني. يتسبب كل ذلك في أن يصبح المواطن اليمني، الذي يعاني أصلاً من وضع مالي صعب للغاية، بين خيارين إما تقنين استهلاك الطعام بشكل كبير أو أن يجوع كل أفراد الأسرة معاً.
وقد حذّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الشهر الماضي من أن المجاعة يمكن أن تصبح جزءًا من "واقع" اليمن في عام 2021 ، بعدما سعى مؤتمر للمانحين لجمع 3,85 مليارات دولار من أكثر من 100 حكومة وجهة مانحة لكن تم تقديم 1,7 مليار دولار فقط.
وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أوك لوتسما لوكالة فرانس برس إن "إصلاح الموانئ سيقلّل من تكلفة الغذاء في اليمن".
وأضاف "المجاعة التي تلوح في الأفق في اليمن مرتبطة بالقدرة على تحمل تكاليف الغذاء وليس توافر الغذاء. على سبيل المثال، يقوم 50 في المئة من سعر كيلو القمح على تكاليف النقل، مثل الشحن والتأمين وغرامات التأخير".
بعد أكثر من ست سنوات من الاقتتال بين الحكومة والمتمردين الذين يسيطرون على الجزء الأكبر من الشمال، تسببت الحرب في أضرار جسيمة في ميناءي عدن والمكلا ورفعت قيمة تأمينات مخاطر الحرب ما أدى إلى زيادة أسعار المواد الغذائية المستوردة.
 
وفي تقريره حول تقييم الأضرار، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن هناك حاجة ملحة إلى 49,6 مليون دولار (21,6 مليون دولار في عدن و 28 مليون دولار للمكلا) للحفاظ على عمليات الموانئ الحالية وإعادة عمليات الميناء إلى ظروف ما قبل الحرب.
ويشمل ذلك شراء زورق قطر، وقطع الغيار اللازمة، وتوفير التدريب الأجنبي، مما سيساعد في القضاء على تأمينات مخاطر الحرب ونقل عمليات التفتيش إلى الموانئ نفسها بدلا من تفتيشها في أماكن أخرى.
ويذكر أنّ اليمن يستورد 90 في المئة من احتياجاته الغذائية لإطعام سكانه البالغ عددهم 30 مليون نسمة.
وفي عام 2020، دخل 60 في المئة من إجمالي الواردات الغذائية إلى الدولة الفقيرة عبر موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها المتمردون في الحديدة والصليف، تليها عدن (36 في المئة) والمكلا (3 في المئة).
وقال التقرير "مع اقتراب اليمن من مجاعة واسعة النطاق، أصبح توقيت ترميم الموانئ أكثر أهمية من أي وقت مضى".
وتابع "إذا تم إصلاح البنية التحتية للموانئ مثل العوامات وأنظمة الملاحة والرافعات، فإنّ تكاليف شركات الشحن ستنخفض مما يجعل الغذاء في نهاية المطاف في متناول اليمنيين ويتيح جلب المزيد من المساعدات الإنسانية".
ميناء المكلا :
أنشئَ ميناء المكلا في عام 1985، وقد تم تصميمه كميناء بحري صغير لخدمة الاجزاء الشمالية لمحافظة حضرموت اليمنية.

ومع أن القوة الاقتصادية الرئيسية في المنطقة قد نجحت إلى حد كبير في تجنب الأضرار الناجمة عن الحرب، إلا أنها تعاني من نقص الصيانة الوقائية ومحدودية الوصول إلى الموارد والبنية التحتية الحيوية لذلك فإن الميناء يواجه صعوبةً في إدارة الضغط اليومي المتزايد.
يقول الكابتن مراد شلشل، مسئول الميناء، إنه يعمل في ميناء المكلا منذ عام 1998. وقد حدث تحول منذ عام 2015 أثّر على سير العمل داخل الميناء. ما حدث لبقية الموانئ اليمنية يتكرر الآن مع ميناء المكلا.
وأضاف، أن المعدات والقدرة الاستيعابية المحدودة لدينا في الميناء لا تلبي المتطلبات و الاحتياج المتزايد، ومع ذلك، فإننا نبذل قصارى جهدنا للاستجابة والتكيف مع الوضع الحالي، مع المرونة الملحوظة لدى طاقم العمل في الميناء.
وتابع: "لقد تضررت البنية التحتية السابقة للميناء، ونحن الآن نفتقر إلى الأساسيات التي من شأنها تسهيل عملنا، كالأرصفة، الشاحنات، الرافعات ومعدات الاتصالات ".
يعمل موظفو الشحن في ميناء المكلا ضمن نوبات غير منتظمة لإدارة تدفق البضائع. هذه الحالة تتسبب في عدم استقرار بالنسبة للبعض منهم والذين يكافحون من أجل الحصول على ما يكفيهم بالرغم من مشقة العمل والساعات طويلة التي يقضونها.
في هذا السياق يقول عبدالله الحامدي، مسئول الشحن، إنهم يواجهون صعوبة بسبب زيادة عدد السفن والطاقة الاستيعابية المحدودة للأرصفة وكذلك سوء المعدات المتوفرة لدينا. على الرغم من أن الطاقم يبذل قصارى جهده، إلا أن هذه الصعوبات تؤدي الى تأخير العمل مما يؤثر سلباً على أداء الميناء، ولكننا مقيدي الأيدي.
وأضاف، "ستعمل المعدات الجديدة والحديثة بالتأكيد على تحسين أدائنا. سنتخلص من الضغط وسيكون بمقدورنا استقبال المزيد من الشحنات".
وقال الحامدي، إن "تحسين قدرات الموظفين من خلال تدريبهم وزيادة خبرتهم، إلى جانب الصيانة الدورية وتوفير الآلات و تحسين البنية التحتية، مطلوب لتقليل تكلفة وصول الأغذية الى اليمن وتفريغها من السفن وكذلك توزيعها".
 
وأضاف، "إذا تمكنّا من خفض تكاليف الاستيراد المرتفعة، فسوف تنخفض الأسعار بالنسبة للمستهلكين وسيتمكن اليمنيون من شراء ما يحتاجون إليه لاستمرار حياتهم. لا يمكن تحقيق ذلك بدون دعم المانحين الدوليين وتعاون سلطات الموانئ المحلية".
ميناء عدن
يعد ميناء عدن أحد موانئ اليمن الناشئة، ولكن منذ بدء الصراع، أدى الهدوء النسبي للمدينة إلى الاعتماد على هذه البوابة لسفن التموين.
لكن دون تحديث بنية الميناء التحتية الأصلية والعمل على إنشاء نظام للصيانة الوقائية فإن الميناء يوجه مشاكل متفاقمة خاصة تأخير تفريغ السفن والتعامل معها وكذلك المخاطر التي يتعرض لها العمال.
رأفت رمضان مدير الدائرة الفنية من ميناء عدن يؤكد أن  ميناء الحاويات يعتبر من أكبر موانئ الحاويات وأفضلها أداءً في البلاد، ولكن، بسبب قِدم المعدات فيه فإنه غير قادر على العمل بكامل طاقته.
وأضاف، يعتبر ميناء عدن الحاويات عجلة اقتصادية مهمة تغذي المدينة وسكانها، لكن التصعيد السياسي والأمني أثر سلباً على قدرته التشغيلية. لقد حدثت العديد من التقلبات.
 
وتابع: "حلمي الرئيسي هو أن أرى ميناء عدن مزدهرًا ومتطورًا مثل أي ميناء آخر في العالم. الأمر الذي سيؤدي إلى دفعة كبيرة للاقتصاد وسيؤثر بشكل إيجابي على الناس".
برج المراقبة في ميناء عدن مسؤول عن مراقبة حركة المرور والإشراف على جميع السفن الواصلة الى الميناء والمغادرة منه.
 إنه بنية تحتية هامة وحيوية من أجل سلامة الأشخاص على متن السفن أثناء رسو تلك السفن. يعتمد دور قبطان الميناء بشكل أساسي على جودة المعدات وأنظمة الاتصالات الراديوية لضمان دخول وخروج السفن في الميناء بكفاءة وأمان.
من جهته يقول القبطان وضاح محمد، مساعد قبطان الميناء من برج المراقبة في ميناء عدن إنه "يعمل الميناء بنظام اتصالات قديم (نظام التعرف الآلي) لإدارة حركة السفن. نحن بحاجة إلى نظام أكثر تطوراً وحداثة (خدمة مرور السفن) لتسهيل العمليات داخل الميناء، والأهم من ذلك، لضمان سلامة السفن.
وأضاف، "نحن في المراحل الأولى من إنشاء النظام الجديد بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. آمل أن يتم الانتهاء من تثبيته قريبًا، لأنه سيوفر لنا الكثير من الوقت في مراقبة السفن ومساعدتنا في التعامل مع الطلبات المتزايدة. كما يجب أن تحل الشاحنات والقوارب الجديدة محل القديمة ".
أما خالد علان، مدير القَطر في ميناء عدن فقال إن "إعادة تأهيل الميناء هو نجاحٌ لنا جميعاً: سيجد الشباب فرص عمل، وفي نفس الوقت ستتحسن مهام الميناء أيضاً. تطوير الميناء هو تطورٌ لنا أيضاً. الميناء مصدر دخلنا وهذا بلدنا. نود أن نرى الميناء في حالٍ أفضل ".
ويضيف: "بدون تدخل، سيستمر كلٌ من ميناء عدن وميناء المكلا بالعمل، ولكن بإنتاجية محدودة. يتمتع موظفو الميناءين بالتزام وحماسة وقدرة على استقبال المزيد من السفن، لكنهم يحتاجون من أجل النجاح إلى معدات جديدة وتدريب وأساليب حديثة للصيانة".
وقال التقرير الأممي إنه "بعد الانتهاء من التقييم، سيتخذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إجراءات لدعم سلطات الموانئ اليمنية في تحسين ظروف العمال، زيادة القدرة على إيصال الغذاء والوقود والأدوية، وبالتالي توفير التكلفة اليومية على المواطن اليمني. هذه الموانئ حيوية وضرورية لمنع أكبر مجاعة في القرن الحادي والعشرين. تحسين حال الموانئ اليمنية سيعني إعادة تشكيل ديناميكيات مستقبل اليمن.
يلتزم كلٌ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الحكومة الهولندية، وميناء روتردام بدعم السلطات في مينائي عدن والمكلا من أجل تحديد الأولويات قصيرة، متوسطة، وطويلة المدى. شراكة فريدة من نوعها تهدف، في حال توفر التمويل الكافي، الى أن تساعد في تقليل تكلفة القيام بالأعمال التجارية وتخفيف الضغط المالي على المجتمعات اليمنية.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress



اقرأ ايضا :
< رئيس الوزراء يزور كلية الشرطة بحضرموت ويطلع على سير برامج التدريب
< أمير قطر يتلقى دعوة من العاهل السعودي لزيارة المملكة
< إجراء عملية تبادل أسرى جديدة بين الحوثيين والجيش
< الفنانة اليمنية بلقيس أحمد فتحي تعلن رفع قضية خلع ضد زوجها
< وفاة اللواء يحيى الشامي بعد أسابيع من وفاة زوجته ونجله
< محافظ شبوة يوجه بصرف إكرامية للمعلمين
< رئيس الوزراء يزور قطاع تلفزيون حضرموت في المكلا

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: