كشفت مصادر مطلعة أن المفاوضات بين طهران وواشنطن بخصوص تبادل سجناء، كانت قد بدأت خلال فبراير/ شباط الماضي بوساطة سويسرية، موضحة أنها حققت "تقدما كبيرا" خلال الشهر الماضي "لكنها لم تصل بعد إلى حد إنجاز صفقة".
وأضافت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن "ما حصل هو اتفاق أولي ولم تكتمل الصفقة بعد ويجري العمل لإزالة العقبات التي حالت دون إكمالها حتى الآن"، من دون تسمية هذه العقبات، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن "تولي اهتماما كبيرا بملف السجناء" الأميركيين في إيران، وهم من أصول إيرانية ويقضون عقوبة السجن بتهم "التجسس".
وبيّنت أن "المفاوضات بشأن صفقة تبادل السجناء تجري بعيدا عن مباحثات فيينا" غير المباشرة بين الطرفين بوساطة أطراف الاتفاق النووي، لكنها أوضحت أن أجواء التفاؤل التي خيمت على مفاوضات فيينا خلال الآونة الأخيرة "ساهمت" في دفع مفاوضات صفقة التبادل إلى الأمام، "لكن الملفين منفصلان تماما".
وأضافت المصادر أن الطرف الإيراني الذي يجري المفاوضات مع الجانب الأميركي بواسطة "ليس الحكومة الإيرانية وإنما منظمة استخبارات الحرس الثوري"، مصرحة بأن المفاوضات تجري في طهران وما يجري حاليا "هو الجولة الثانية".
تفاصيل الصفقة
وعن تفاصيل الصفقة، قالت المصادر ذاتها إنه "يفترض أن تفرج إيران عن سجناء أميركيين مقابل إفراج الولايات المتحدة عن سجناء إيرانيين اعتقلوا بتهمة الالتفاف على العقوبات"، لكنها لم تكشف عن عدد السجناء الذين سيفرج الجانبان عنهم.
ورجحت مصادر "العربي الجديد" أن يكون المعتقلان سيامك نمازي ووالده محمد باقر نمازي من ضمن المعتلقين الذين قد تفرج عنهم طهران في حال إتمام الصفقة. وكانت السلطات الإيرانية قد اعتقلت سيامك، مدير التخطيط الاستراتيجي لشركة "كرسنت" النفطية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بتهمة "التجسس لصالح الولايات المتحدة". أما والده فتم اعتقاله خلال زيارة له إلى إيران لمتابعة ملف ابنه سيامك. ويقضي الاثنان عقوبة السجن لمدة عشر سنوات في الوقت الراهن.
وكشفت المصادر أن الولايات المتحدة فضلا عن مطالبتها بالإفراج عن سيامك وباقر، تطالب بأن تتضمن الصفقة المحتملة الإفراج عن التاجر الإيراني اليهودي مراد طاهباز، الذي يحمل الجنسية الأميركية، بالإضافة إلى الجنسية البريطانية، واعتقله جهاز استخبارات الحرس الثوري في ینایر/ كانون الثاني 2018، ضمن مجموعة عُرفت بـ"نشطاء البيئة".
وأوضحت المصادر أن إيران مصرة على الإفراج عن أرصدة مجمدة لها في الخارج كجزء من صفقة التبادل، "لكن الولايات المتحدة كانت ترفض بشكل قاطع في البداية تضمين ذلك الصفقة، لكنها أبدت مرونة خلال الفترة الأخيرة بشأن الإفراج عن هذه الأرصدة".
وقالت المصادر إنه "لم تُحدد بعد المبالغ التي ستفرج عنها والتفاوض يجري بشأن الإفراج عن أكثر من 6 مليارات دولار، لكن الولايات المتحدة لم توافق بعد على المطلب الإيراني بهذا الخصوص".
من جانبه، قال المندوب الإيراني الدائم في الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، إن إيران تؤكد دوما على تبادل شامل للسجناء بين طهران وواشنطن، مشيرا إلى أنه حتى الآن "لا تأكيد للأنباء" عن التوصل إلى صفقة بهذا الشأن.
صفقة بريطانية إيرانية
وبخصوص صفقة بريطانية إيرانية للإفراج عن المواطنة البريطانية من أصل إيراني نازنين زاغاري راتكليف مقابل إفراج بريطانيا عن أموال إيرانية تقدر بنحو 400 مليون جنيه إسترليني، قالت مصادر "العربي الجديد" إن المفاوضات بين طهران ولندن بهذا الخصوص "ليست أمرا جديدا"، مشيرة إلى أنها تعود إلى ما قبل عامين تقريبا.
وأوضحت المصادر، أن بريطانيا توافق مبدئيا على إعادة الدين الإيراني، لكن "ما حال حتى الآن دون إنجاز الصفقة أن إيران تطالب بدفع أرباح الدين أيضا خلال العقود الخمسة الماضية أيضا بالإضافة إلى أصل المبلغ المدفوع لشراء الدبابات".
وأضافت أن "مبلغ الدين أكثر مما ورد في الإعلام وهو نحو 580 مليون جنية إسترليني"، مشيرة إلى أن طهران تطالب بهذا المبلغ وأرباحه خلال العقود الخمسة الماضية".
وأضافت أنه كان يفترض أن تتم الصفقة بين لندن وإيران مع انتهاء فترة محكومية زاغاري راتكليف خلال مارس/آذار الماضي، لكن "لم يتم الأمر وهو ما دفع إيران إلى تحريك ملف قضائي آخر للسيدة زاغاري راتكليف ومحاكمتها بتهمة الدعاية ضد النظام".
وخلال الشهر الماضي، أصدرت السلطة القضائية الإيرانية حكما على زاغاري راتكليف بـ"السجن لمدة عام ومنعها من مغادرة البلاد لمدة عام بتهمة الدعاية المناهضة للجمهورية الإسلامية".
وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قد كشف في سبتمبر/ أيلول 2019، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفقاً لما أوردته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية حينها، أنه كان مستعداً لبذل جهود للإفراج عن زاغاري راتكليف مقابل تسديد لندن دينها لطهران، البالغ 400 مليون جنيه إسترليني، وقد دفعها النظام الإيراني السابق لبريطانيا في سبعينيات القرن الماضي، في إطار صفقة لشراء دبابات بريطانية، لكن الصفقة ألغيت بعد قيام الثورة في إيران عام 1979. وأشار ظريف إلى أن وزير الخارجية البريطاني الأسبق فيليب هاموند، هو الذي اقترح عليه الإفراج عن زاغاري راتكليف مقابل تسديد الدين، إلا أن الوزير الإيراني أكد في الوقت ذاته، أنه بعد مغادرة هاموند الوزارة، عارض وزير الخارجية البريطاني الأسبق جيريمي هانت الصفقة.
وشهد ملف المعتقلين لدى إيران ودول غربية، خصوصاً الولايات المتحدة، انفراجات خلال السنوات الخمس الأخيرة، عبر إتمام صفقات لتبادل السجناء بين الطرفين، وخلال سنوات حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مهندس استراتيجية الضغوط القصوى ضد إيران تمت صفقتان بين البلدين.
لكن أشهر وأكبر صفقات التبادل بين طهران وواشنطن تعود إلى 16 يناير/ كانون الثاني 2016 في عهد إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما. بموجب هذه الصفقة، أفرجت إيران عن 5 مواطنين أميركيين كانوا معتقلين بتهمة "التجسس"، أربعة منهم من أصول إيرانية يحملون الجنسية الأميركية أيضاً. في المقابل، أفرجت الولايات المتحدة عن 7 مواطنين إيرانيين، كانت قد اعتقلتهم بتهمة "الالتفاف على العقوبات".
كما دفعت واشنطن ملياراً و700 مليون دولار خلال أكبر صفقة تبادل، أرسلتها عبر طائرة سويسرية إلى طهران.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك