في خطوة من شأنها أن تمهّد لإنهاء أزمة عميقة تهدّد الأمن الغذائي العالمي، أشرف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، عصر اليوم الجمعة، على توقيع اتفاق يسمح لأوكرانيا باستئناف شحن الحبوب من البحر الأسود إلى الأسواق العالمية، كما يسمح لروسيا بتصدير الحبوب والأسمدة.
ويأتي التوقيع الذي جرى في قصر "دولما بهجة" بتأخير لافت لنحو 40 دقيقة في عملية التوقيع عن الساعة 16:30 بالتوقيت المحلي (13:30 بتوقيت غرينتش) التي كانت مقررة لعقد المؤتمر الصحافي، غداة إعلان مكتب الرئيس أردوغان، أمس الخميس، أن أوكرانيا وروسيا وتركيا والأمم المتحدة بحضور أمينها العام ستوقع اتفاقية لاستئناف صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، وأكد أردوغان، قبل التوقيع اليوم، أن الاجتماع سيحمل للعالم أخبارا جيدة بخصوص صادرات الحبوب.
وشارك في مراسم التوقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والأمين العام للأمم المتحدة، علما أن الوفد الروسي المشارك هو برئاسة وزير الدفاع سيرغي شويغو، فيما سارع الاتحاد الأوروبي إلى المطالبة بـ"تنفيذ سريع" لاتفاق إسطنبول.
غوتيريس أثنى على جهود أردوغان في تسهيل التوصل إلى الاتفاق، مؤكدا أن الطرفين الروسي والأوكراني تجاوزا العراقيل، وقال: "من دون هذه الاتفاقية لما تمكنا من مساعدة الفئات الهشة في العالم وإعادة الاستقرار إلى أسعار الغذاء التي بلغت مستويات قياسية حتى قبل الحرب وأصبحت هاجسا يقض مضاجع العالم الثالث"، مضيفا أن "الاتفاقية لم تكن سهلة".
وبالمناسبة، قال أردوغان: "قمنا بجهود مضنية مع الجانبين لإخراج شحنان الحبوب من موانئ البحر الأسود"، مضيفا "أن مساندة المجتمع الدولي كانت مهمة جدا"، معتبرا أن من شأن توقيع الاتفاقية أن يلجم مستويات التضخم الجامحة حول العالم، متحدثا عن التداعيات التي يتحملها العالم بسبب الصراع الروسي - الأوكراني. وأمل "أن يتوقف هذا النزاع في أقرب وقت، ولن يكون هناك أي منهزم عندما ينتصر السلام".
أنقرة أوضحت، أمس، أنه تم التوصل إلى اتفاق عام على خطة اقترحتها الأمم المتحدة خلال المحادثات التي جرت في إسطنبول الأسبوع الماضي، علما أن الأمم المتحدة وتركيا كانتا تعملان منذ شهرين للتوسط، فيما أوضح غوتيريس أنه اتفاق على "حزمة" لاستئناف صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود وتسهيل شحنات الحبوب والأسمدة الروسية.
من جهته، قال نائب وزير الزراعة الأوكراني تاراس فيسوتسكي، أمس الخميس، إن أوكرانيا قد تستأنف الصادرات بسرعة. وقال للتلفزيون الأوكراني إن "غالبية البنى التحتية للموانئ في منطقة أوديسا الأوسع نطاقا، حيث يتبقى 3 منها، قائمة، لذا فإنها مسألة عدة أسابيع في حالة وجود ضمانات أمنية ملائمة".
وبعد يوم من انتهاء محادثات إسطنبول الأسبوع الماضي، سعت الولايات المتحدة إلى تسهيل تصدير الغذاء والأسمدة الروسية من خلال إعادة طمأنة البنوك وشركات الشحن والتأمين بأن هذه المعاملات لن تنتهك العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الأسبوع الماضي، إن الاتفاق يتضمن ضوابط مشتركة لفحص الشحنات في الموانئ. كما ستقيم تركيا مركز تنسيق مع أوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة لصادرات الحبوب. وعن هذه النقطة تحديدا، قال مسؤولون إن الاتفاق ينص على إنشاء مركز تحكم في إسطنبول بإشراف وزارة الخارجية التركية يعمل فيه مسؤولون من الأمم المتحدة وتركيا وروسيا وأوكرانيا، وسيدير وينسق صادرات الحبوب، وسيجرى تفتيش السفن للتأكد من أنها تحمل الحبوب والأسمدة وليس الأسلحة، كما ينص على المرور الآمن للسفن.
وفي تغريدتين متتابعتين على "تويتر" قبل التوقيع، أوضح رئيس مكتب رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ميخايلو بودولياك، بخصوص اتفاقية "تصدير الحبوب" 3 نقاط:
1 - أن أوكرانيا لا توقع على أي وثائق مع روسيا، بل اتفاقية مع تركيا والأمم المتحدة وتتعهد بالتزامات تجاههما. كما توقع روسيا اتفاقية نسخة طبقة الأصل مع تركيا والأمم المتحدة.
2 - عدم مرافقة النقل بالسفن الروسية وعدم وجود ممثلين روس في الموانئ الأوكرانية. وفي حال حصول استفزازات، فسيكون الرد العسكري فوريا.
3 - تُجرى جميع عمليات التفتيش على سفن النقل من قبل مجموعات مشتركة في المياه كلما دعت الحاجة لذلك.
وقد رحبت الولايات المتحدة، أمس الخميس، بالاتفاق بين روسيا وأوكرانيا بشأن تصدير الحبوب، وذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس الذي قال: "نرحب بأي اتفاق حول تصدير الحبوب من أوكرانيا"، داعيا روسيا إلى تنفيذ الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه.
ونوه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بالجهود الدبلوماسية التي بذلها الأمين العام الأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس وتركيا، في هذا الخصوص.
ويأتي توقيع الاتفاقية فيما تعاني الكثير من بلدان العالم من أزمة حبوب نتيجة عدم تمكن سفن الشحن من مغادرة الموانئ الأوكرانية، بسبب الحرب المندلعة منذ 24 فبراير/شباط الماضي.
والأسبوع الماضي، توصل الجانبان إلى اتفاق مبدئي بشأن خطة للأمم المتحدة من شأنها أن تمكن أوكرانيا من تصدير 22 مليون طن من الحبوب والمنتجات الزراعية الضرورية الأخرى، العالقة في موانئ أوكرانيا على البحر الأسود بسبب الحرب، علما أن رفع الحظر عن مخزونات الحبوب سيساعد في تخفيف أزمة الغذاء التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مثل القمح والشعير.
وقد أثار غوتيريس لأول مرة الحاجة الماسة لإعادة المنتجات الزراعية الأوكرانية والمنتجات الروسية من الحبوب والأسمدة إلى الأسواق العالمية خلال اجتماعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في أواخر إبريل/نيسان. واقترح عقد اتفاق شامل في أوائل يونيو/حزيران، وسط مخاوف من أن الحرب تهدد الإمدادات الغذائية للعديد من الدول النامية، وقد تؤدي إلى تفاقم الجوع لما يصل إلى 181 مليون شخص.
وأوكرانيا هي واحدة من أكبر مصدري القمح والذرة وزيت عباد الشمس في العالم، لكن الغزو الروسي والحصار المفروض على موانئها أوقفا شحناتها. وتُنقل بعض الحبوب عبر أوروبا عن طريق السكك الحديد والطرق والأنهار، لكن الكمية صغيرة مقارنة بالطرق البحرية.
وسبق أن تبادل المسؤولون الروس والأوكرانيون الاتهامات بمنع شحن الحبوب، حيث اتهمت موسكو أوكرانيا بعدم إزالة الألغام البحرية في الموانئ للسماح بشحن آمن، وأصرت على حقها في فحص السفن القادمة بحثا عن أسلحة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك