ظهرت علامات تعثر في مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري، تجلت في "شروط" أو مطالب حددها النظام للموافقة على المضي قدما في هذه العملية، وسط تواصل الجهود الروسية لدفع الطرفين إلى تحديد موعد للاجتماع على مستوى وزراء الخارجية، بعد الاجتماع الذي جرى نهاية الشهر الماضي بين وزير الدفاع التركي و"وزير الدفاع" في النظام، إضافة إلى الجانب الروسي.
كما أفاد مصدر مطلع على المفاوضات بين الجانبين وكالة "رويترز" بأن نظام الأسد يريد من تركيا سحب قواتها من مناطق في الشمال السوري، ووقف دعمها لثلاثة فصائل رئيسية من المعارضة. وأضاف المصدر أن النظام يريد أن "يلمس تقدما بشأن تلك المطالب من خلال لجان متابعة قبل الموافقة على اجتماع لوزراء الخارجية".
وخلال اجتماعه الخميس الماضي مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، قال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إن اللقاءات على صعيد التقارب مع تركيا يجب أن تُبنى على أساس "تنسيق وتخطيط مسبق بين سورية وروسيا حتى تكون مثمرة".
وأضاف الأسد أنه من "أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سورية، فإن هذه اللقاءات يجب أن تنطلق من الثوابت والمبادئ المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب"، في إشارة إلى مطالب النظام لتركيا بضرورة انسحابها من الأراضي السورية، ووقف دعمها فصائل المعارضة السورية.
شروط النظام السوري
وفي الإطار ذاته، قال عضو لجنة المصالحة السورية (تابعة لمجلس الشعب)، عمر رحمون، إن مسار المصالحة السورية التركية طويل، وإن هناك شرطين أساسيين لا يمكن له أن ينجح دون تحقيقهما، وهما خروج القوات التركية من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم المجموعات المسلحة في سورية.
وأضاف رحمون، في تصريحات تلفزيونية، أن "الاجتماع السوري التركي ليس هدفاً في حد ذاته، بل الهدف هو الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية"، معتبرا أن القصف التركي على مواقع للنظام بريف حلب الشمالي، فضلا عن هجمات الفصائل المدعومة من تركيا، يشير إلى عدم جدية الأخيرة في "خلق مناخ مؤات للصلح"، بحسب تعبيره، مشيرا في الوقت ذاته إلى الاستهداف التركي لمواقع في غرب الفرات في ريف حلب لا وجود فيها لمليشيات "قسد".
النظام يرفض تحديد موعد للاجتماع
وفي السياق أيضا، نقلت قناة "الميادين" اللبنانية المقربة من النظام السوري، الخميس، عن مصادر وصفتها بـ"الرفيعة"، أن النظام السوري يرفض حتى اللحظة تحديد موعد للاجتماع بين وزيري خارجية النظام فيصل المقداد والتركي مولود جاووش أوغلو، ويشترط "انسحاب الجيش التركي من كامل الأراضي السورية".
ووفق هذه المصادر، فإن "حكومة أردوغان لديها أهداف انتخابية من التقارب مع القيادة السورية، ودمشق غير معنية بتقديم هذه الورقة".
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن الجانب الروسي يعمل لتنظيم لقاء يجمع وزراء خارجية روسيا وتركيا والنظام السوري، لكن "حتى الآن لم تحصل الموافقة".
ونقلت وسائل إعلام روسية عن زاخاروفا قولها: "من الناحية العملية، لم تتم بعد الموافقة على موعد محدد، ويجرى العمل على عقد مثل هذا الاجتماع".
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو قد قال، خلال مؤتمر صحافي الخميس، معلقا على المواعيد التي يجرى تداولها لعقد الاجتماع الوزاري مع النظام السوري: "من الذي أتى بهذه المواعيد، نحن لا نفهم، لقد قدمنا المعلومات من قبل، قلنا إن هناك بعض عروض المواعيد للأسبوع المقبل، وإنها لا تتناسب مع جدولنا الزمني، وإننا نعمل على اقتراحات مواعيد جديدة".
وأكد الوزير أنه "لا يوجد تاريخ محدد بعد، لكن قد يعقد اللقاء الثلاثي في أقرب وقت ممكن، ربما في بداية (فبراير) شباط المقبل".
ورأى الكاتب والصحافي غازي دحمان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "النظام السوري، ورغم تلهفه ضمنا على الانفتاح التركي عليه، والذي قد يمهد لخطوات مماثلة من أطراف أخرى، إلا أنه يحاول كعادته استثمار أي تطور لجني أكثر ما يمكنه من المكاسب، خصوصا مع قراءته للموقف التركي بأنه متلهف لإحراز تقدم على هذا الصعيد قبل الانتخابات التركية منتصف العام الجاري".
واستبعد دحمان أن يستجيب الأتراك لهذه المحاولات من جانب النظام السوري، لافتا إلى أنهم قد يسعون إلى تفعيل اتفاق "أضنة" لعام 1998، مع توسيعه ليشمل حق دخول الأتراك مسافة 30 كلم بدلا من 5 كلم، وبعد ذلك، ربما يسعون إلى إيجاد صيغة لإشراك الفصائل التي يدعمونها في الشمال السوري مع قوات النظام في إبعاد "قسد" وتوابعها عن هذه المنطقة، وبذلك يستجيبون جزئيا لمطالب النظام السوري بشأن دعم أنقرة لتلك الفصائل، كما يقول.
مشروع أميركي لتقليص سيطرة "قسد"
إلى ذلك، نقل موقع "باسنيوز" الكردي عن مصدر مقرب من "قسد" قوله إن الولايات المتحدة لديها مشروع جديد، يهدف إلى دعم فصائل معارضة في مناطق شمال شرقي سورية، وإشراك المكون العربي بشكل أوسع في مؤسسات "الإدارة الذاتية".
وقال المصدر إن واشنطن تعتزم بناء تحالف جديد بين "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) وأطراف سورية معارضة، بهدف مشاركة المكون العربي في المؤسسات القائمة في المجالات الإدارية والسياسية والعسكرية، بهدف تشكيل تحالف واسع بالتزامن مع عملية التطبيع الجارية بين تركيا والنظام السوري.
وأشار المصدر إلى أن فصيل "لواء ثوار الرقة"، الذي يقوده أحمد علوش الملقب بـ"أبو عيسى"، سوف يعود للواجهة من جديد بدعم أميركي.
وكانت شبكات إخبارية محلية تحدثت عن إرسال التحالف الدولي، خلال اليومين الماضيين، معدات عسكرية إلى مقر "الفرقة 17"، وجرى تسليمها لـ"لواء ثوار الرقة".
وذكر المصدر أن الولايات المتحدة تحاول من خلال مشروعها الجديد إزالة مخاوف تركيا بشأن هيمنة "قسد" على مناطق شرق سورية، ومخاوف المكون العربي في شمال شرق سورية من خلال مشاركة واسعة له في مؤسسات "الإدارة الذاتية" القائمة، غير أن مصادر محلية في شرق الفرات قللت من أهمية مثل هذه التسريبات.
وقال الناشط محمد الفراتي، لـ"العربي الجديد"، إن "مثل هذه الجهود الأميركية ليست جديدة، لكن جميع المساعي السابقة لم تكلل بالنجاح نتيجة هيمنة العناصر غير السورية على مفاصل القيادة في (قسد) و(الإدارة الذاتية)".
وأضاف الفراتي أن واشنطن تكتفي بإسداء النصح لقادة "قسد"، لكنها لا تمارس ضغوطا جدية عليهم، فضلا عن أن الفاعلين الأساسيين في "قسد" هم في جبال قنديل، وليس داخل الأراضي السورية.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك