رغم أن الجزائر تعد من أكثر الدول العربية امتلاكا للخبرة في مكافحة الإرهاب، فإن غيابها عن قائمة الدول المشكلة للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة هذه الظاهرة، يطرح أكثر من تساؤل بشأن أسباب هذا الغياب.
وكانت السعودية أعلنت أمس الثلاثاء تشكيل تحالف عسكري إسلامي يضم 34 دولة -حتى الآن- لمحاربة الإرهاب، يكون مقره العاصمة السعودية الرياض.
وكشفت قائمة الدول المعنية بالتحالف غياب بعض الدول العربية والإسلامية على غرار سوريا وإيران والعراق، وإن كان غياب هذه الدول مبررا بحكم علاقة أنظمة هذه الدول بالمملكة العربية السعودية تحديدا، إلا أن غياب الجزائر يطرح العديد من الأسئلة عن سر امتناع هذا البلد عن الانضمام إلى هذا التحالف الإسلامي، رغم أنها من أكثر الدول المتضررة سابقا من تداعيات الإرهاب.
واللافت أن الامتناع موقف طبع الدبلوماسية الجزائرية في تعاملها مع مختلف المشاريع العربية المماثلة، بحيث أعلنت في وقت سابق رفضها الانخراط في فكرة إنشاء القوة العربية المشتركة، كما رفضت وعارضت فكرة تدخل قوات التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن.
موقف دستوري
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي أكد أن عدم انضمام الجزائر إلى هذا التحالف يأتي تطبيقا لروح الدستور الذي يمنع الجيش من التدخل خارج حدود البلاد.
وأوضح رزاقي للجزيرة نت أن "الوضع الاقتصادي الذي تشهده الجزائر في ظل التقشف الاقتصادي، لا يسمح أيضا بتحمل أعباء مالية يفرضها الانضمام إلى مؤسسات دولية جديدة".
وبحكم أن الجزائر تحكمها اتفاقيات لمكافحة الإرهاب في إطار الاتحاد الأفريقي، فإن ذلك يمنعها -حسب حديثه- من الانضمام إلى مشروع مماثل في مؤسسة دولية أخرى، خاصة أن مشروع التحالف العسكري الإسلامي يضم دولا من مؤسستين دوليتين وهما جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وأضاف رزاقي أنه من اللافت أن الإعلان عن التحالف العسكري الإسلامي جاء في نفس اليوم الذي تم فيه تدشين المقر الرسمي لمنظمة "الأفريبول" بالعاصمة الجزائر.
ويتمثل دور هذه المنظمة في دعم التعاون الشرطي بين الدول الأفريقية من خلال تبادل المعلومات، والممارسات الحسنة في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان والإرهاب.
وبيّن أن الجزائر تفضل الحل السياسي على العسكري، وهي المقاربة التي أثبتت نجاعتها في الأزمة المالية، وحققت نتائج إيجابية في الأزمة الليبية من خلال جمع الفرقاء الليبيين على طاولة الحوار برعاية الاتحاد الأفريقي ومنظمة الأمم المتحدة.
العقيدة الدفاعية
من جانبه يعتقد الكاتب والإعلامي بيومية "الوطن" الناطقة بالفرنسية فيصل مطاوي، أن ثمة عناصر أمنية وسياسية ودفاعية تدعو الجزائر إلى التحفظ على هذه المبادرة، أهمها الغموض الذي يلف تسمية هذا التحالف.
وأوضح مطاوي للجزيرة نت أن امتناع الجزائر عن الانضمام إلى هذا المشروع وغيره من المشاريع العربية المماثلة، سببه العقيدة الدفاعية الجزائرية الملزمة بعدم التدخل العسكري خارج الحدود، وانضمامها إلى التحالف سيوقعها برأيه في حرج، لأنه يتوقع أن يكون هناك تدخل عسكري ميداني للدول المشاركة في التحالف في الدول التي ينتشر فيها تنظيم الدولة الإسلامية، وخاصة العراق.
ورأى أن عدم مساعدة الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي من طرف الدول العربية في مكافحة الإرهاب، أمر يبرر الآن عدم تعاطيها مع أي مبادرات في هذا الشأن، مضيفا أن "بعض الدول الراعية لهذا التحالف كانت تدعم الجماعات المتطرفة والمسلحة في الجزائر مثل السلفية الجهادية، وهو ما عارضته الجزائر حينها بشكل رسمي وعلني".
وأردف مطاوي قائلا إن "هذا لا يعني أن الجزائر لا تبذل جهودا في مكافحة الإرهاب، فهي تقدم الدعم اللوجستي والمعلوماتي لعدة دول أهمها ليبيا وتونس، كما أن هناك تنسيقا أمنيا عالي المستوى بين الجزائر والمغرب ومصر، وهذا أكثر نجاعة من التحالف الذي يضم دولا لها أهداف متباينة، الأمر الذي يعقّد من عملية مكافحة الإرهاب، وهي العملية التي تتطلب سرعة ودقة كبيرتين في التنفيذ".
ويعتقد البعض أن التقارب الجزائري الإيراني أحد أسباب عدم تفاعل الجزائر مع المبادرات العربية، وهو التقارب الذي تعكسه زيارات المسؤولين الإيرانيين للجزائر، على غرار الزيارة التي يقوم بها إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني حاليا إلى الجزائر.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك