يتواصل القلق الدولي من قوة الدولار ونفوذه على الاقتصادات النامية والناشئة، ما تسبب في إفلاس بعض الدول ومعاناة اقتصادها وبحْث أخرى عن عملات بديلة للتسويات المالية والتجارية، وحتى المقايضة، كما تفعل تركيا مع بعض الدول الأفريقية.
وحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، قال نائب رئيس مجلس الدوما الروسي ألكسندر باباكوف، الشهر الماضي، في نيودلهي، إن روسيا تقود الآن تطوير عملة جديدة، وسيتم استخدامها للتجارة عبر الحدود من قبل دول "بريكس" التي تتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وبعد أسابيع من تصريحات المسؤول الروسي في الهند، قال الرئيس البرازيلي في بكين لويز إيناسيو لولا دا سيلفا: "أسأل نفسي كل ليلة، لماذا يتعين على جميع البلدان أن تبني تجارتها على الدولار".
كما ذكرت تقارير غربية، في هذا الصدد، أن مجموعة بريكس التي ستعقد قمتها السنوية في 14 يونيو/حزيران المقبل بجنوب أفريقيا ستناقش إنشاء عملة خاصة بها للتعامل التجاري والتسويات المالية.
ويرى محللون أن الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار جعل المزيد من الدول تعرب عن قلقها بشأن هيمنة الدولار الأميركي على النظام المالي العالمي، واستخدام واشنطن له كأداة لممارسة النفوذ على الدول التي تعارض سياستها عبر الحظر المالي والاقتصادي وتسليط المؤسسات الدولية عليها.
ويرى محللون أن الدولار أعلى من قيمته الحقيقية وبات عملة سياسية تستخدم في الحظر والسياسة الخارجية الأميركية.
وفي هذا الصدد أيضاً، قال مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، في بداية الشهر الجاري، إن السعر الحالي للدولار أعلى من قيمته الحقيقية بنسبة تراوح بين 5 و10% بسبب الزيادة المستمرة في سعر الفائدة.
كما كشف مسح لمجلس الذهب العالمي أن العديد من البنوك المركزية، لا سيما تلك الموجودة في الأسواق النامية والناشئة، تسعى إلى تعزيز احتياطياتها من الذهب لاستخدامه لاحقاً كبديل للدولار. ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، فقد انخفضت حصة الدولار في الاحتياطيات الرسمية من العملات الأجنبية في العالم من 71 في المائة في عام 1999 إلى 58 في المائة في نهاية العام الماضي.
عقبات التحول من الدولار
ورغم كل هذا الحراك نحو عملة بديلة للدولار، يرى محللون أن هنالك عقبات عديدة تواجه مساعي التحول من الدولار الذي بني عليه "النظام المالي والنقدي" العالمي منذ العام 1944؛ إذ إن الصين التي يعول على عملتها لتكون بديلاً، أكبر المستثمرين في الدولار، إذ تفوق احتياطاتها من الدولار أكثر من ثلاثة تريليونات دولار.
ويقول تحليل في نشرة "أنيرجي إنتيليجنس" الأميركية، إنه ربما لا يكون التحول من الدولار إلى اليوان بديلاً سهلاً للاقتصاد الصيني. وحسب التحليل، لم تُظهر بكين أي استعداد حتى الآن لتقديم التضحيات في السيطرة على اقتصادها وشركاتها التي تعتمد على السوق الأميركي والأسواق المالية الأميركية.
موقف
هكذا تهيمن أميركا على العالم
على صعيد تحول تسعير النفط عن الدولار، تستبعد "أنيرجي إنتيليجنس" تخلي العالم عن "البترودولار"، على الرغم من الإغراءات التي تقدمها بكين للدول المصدرة للنفط. ويقول التحليل: "قد يتخلى العالم عن النفط قبل أن يتخلى النفط عن الدولار".
وعلى الرغم من تدهور علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة في الآونة الأخيرة وتقوية روابطها الاقتصادية مع الصين، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للمملكة وأكبر مورد للنفط الخام للصين، حيث شحنت أكثر من 87 مليون طن، لكن يرى محللون أن التحول من الدولار إلى اليوان قد يكون محفوفاً بالمخاطر.
وحسب تقرير بصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، في عددها الصادر اليوم، قالت السعودية إنها منفتحة لتسعير نفطها بعملات غير الدولار.
ومن بين الدول العربية التي تتجه للتعامل باليوان مصر، التي تدرس إصدار سندات مقومة باليوان، وذلك في محاولة لاستقرار اقتصادها ودعم قيمة الجنيه المصري.
وحسب تقرير "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، لجأت مصر إلى الاقتراض الضخم، ما أدى إلى مضاعفة ديونها السيادية أربع مرات خلال العقد الماضي. ولقد أثرت خدمة هذا الدين المقوم بالدولار على تدهور معيشة الأسر المصرية، وترى أن السندات المقومة باليوان ربما تساعد الحكومة في تجنب المآزق المالية الناجمة عن الكلفة الباهظة للاقتراض بالدولار.
18 دولة بينها الإمارات
في الآونة الأخيرة، أجرت روسيا محادثات مع إيران حول خطة لإدخال عملة مشفرة مدعومة بالذهب، بينما اقترحت البرازيل والأرجنتين أيضاً إنشاء عملة مشتركة لاقتصاد كل منهما. وفي اجتماع عُقد في سنغافورة، ناقش مسؤولون سابقون في حكومة جنوب شرق آسيا خطط إزالة الدولرة عبر الابتعاد عن الدولار، كما تحقق الإمارات العربية المتحدة والهند في استخدام الروبية في تداول السلع غير النفطية. ووافقت حتى الآن 18 دولة على التجارة مع الهند باستخدام الروبية.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك