من الصعب التنبؤ بنتائج قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية على الحوثيين وعلى اليمن بشكل عام، والمتوقع صدوره من الإدارة الأمريكية قريبا. ومع ذلك؛ يمكن القول بأن هذا القرار سيؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الحوثيين، وسينقل مشهد الصراع في اليمن إلى مربع جديد. وفي النقاط التالي سنحاول الإشارة إلى جملة من التأثيرات المحتملة:
- التأثيرات السلبية لن تقتصر على الحوثيين ولكنها ستطال كل اليمن، وكل اليمنيين بدرجات متفاوتة؛ فالحركة الحوثية ليست حركة معزولة في منطقة صغيرة من اليمن، أو تعمل في الخفاء كما هو حال تنظيم القاعدة، ولكنها حركة تسيطر على أكثر من ثلثي سكان اليمن، وعلى مناطق مهمة من اليمن بما فيها عاصمة الدولة. وهي بهذا الحجم والنفوذ تُـصعب من حصر العقوبات عليها فقط، ولهذا فإن العقوبات ستشمل جميع اليمنيين في داخل اليمن وخارجه.
- سيؤدي التصنيف إلى زيادة عزلة الحركة الحوثية سياسيا، وسيجعل من الصعب الاعتراف بها مستقبلا كطرف شرعي حاكم لجزء من اليمن، أو اليمن ككل كما تتمنى الحركة. كما أن هذا التصنيف سيكشف زيف الصورة التي روجها اللوبي الحوثي الناعم في الدول الغربية عن الحركة، ومن ذلك: أن الحوثية حركة تدافع عن حقوق الأقلية الزيدية وتمثلها، وأنها حركة يمنية خالصة وليست أداة من أدوات إيران، وأن الحركة هي قوة محلية محاربة لتنظيم القاعدة وداعش وبأنها بذلك قوة سلام في اليمن.
- من المحتمل أن لا تخرج الحركة الحوثية من قائمة المنظمات المصنفة إرهابية في المستقبل؛ حيث أن إخراجها من هذه القائمة يتطلب اشتراطات يصعب على الحركة تنفيذها، لأنها تتناقض مع مقومات وأسس وجود الحركة، ومن ذلك شعار الحركة و ايديولوجيتها. وتخلي الحركة الحوثية عن ايديولوجيتها يعني انتفاء وجود الحركة فعليا.
- من المحتمل أن تحذو دول أخرى حذو الولايات المتحدة وتصنف الحوثية منظمة إرهابية، وهذا سيزيد من عزلة الحركة.
- رغم أن التصنيف هو أمريكي إلا أن قوة أمريكا الاقتصادية والسياسية تجعل العقوبات مؤثرة وخاصة في الجانب الاقتصادي.
- بما أن طبيعة العقوبات المرتبطة بتصنيف المنظمات الإرهابية هي اقتصادية ومالية؛ فإن الأثر المباشر على هذا التصنيف سينعكس على التجارة مع اليمن وحركة الأموال. وفي هذا الشأن من المتوقع أن تتوقف بعض الشركات، وتحديدا الشركات الغربية من التعامل التجاري مع اليمن خشية التعرض للعقوبات، أو أن يتم التعامل مع اليمن عبر دولة ثالثة. وفي كل الأحوال فإن بعض السلع قد تختفي من اليمن أو تصبح أسعارها أعلى مما هي عليه الآن.
- قد يؤدي هذا القرار إلى تخفيض الأموال السنوية التي يتم تخصيصها لبرامج الإغاثة في اليمن، وكما هو معلوم فإن أمريكا هي أكبر ممول لهذه البرامج حيث أنها ساهمت في عام 2022 بما يقارب المليار دولار، وبما يزيد عن نصف مليار دولار في 2023. وفي حال ألغت أو قلصت أمريكا من مساهمتها وتبعتها دول أخرى؛ فإن الكثير من البرامج ستتوقف وخاصة برامج الغذاء والصحة. وحدوث هذا الأمر سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن والتي تصنفها الأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم.
- تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية سيصعب عمل منظمات الإغاثة في مناطق الحوثيين، فهذه المنظمات قد تحتاج إلى استثناءات من الحكومة الأمريكية لتنفيذ برامجها في اليمن، وهذه الاستثناءات ستبطئ من عمل المنظمات، وهو ما سينعكس سلبا على أدائها.
- من المحتمل أن توقف شركات تحويل الأموال الدولية مثل شركة ويسترن يونيون وغيرها، التعامل مع اليمن، وفي هذه الحالة فإن حركة تحويل الأموال من و إلى اليمن قد تصبح صعبة وأكثر كلفة. وأكثر من سيعاني من هذا الأمر هم المغتربين اليمنيين في أمريكا؛ حيث أن تحويل الأموال من أمريكا لليمن ستخضع لقيود كثيرة.
- اللوبي الحوثي في أمريكا، وهو لوبي نشط، سُيضعف نشاطه العلني في أمريكا، وهذا لا يعني بأنه سيتوقف عن النشاط بشكل كامل، إلا أن أفراد هذا اللوبي معرضين من الناحية النظرية للعقوبات بعد التصنيف.
- كثير من شركات الملاحة الدولية قد توقف تعاملها مع اليمن وبالذات مع الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما سيرفع من تكلفة أسعار السلع المستوردة لليمن.
- بعد تصنيف الحركة منظمة إرهابية ستفقد الحركة الكثير من التعاطف الخارجي، في حال استؤنفت الحرب ضد الحوثيين من أطراف محلية أو خارجية، وهذا قد يسهل هزيمتها أو إضعافها عما كان عليه الحال قبل التصنيف.
- قد يتأثر سلبيا كل من يحمل الجواز اليمني في خارج اليمن، ومن التأثيرات المحتملة: رفض بعض البنوك فتح حسابات بنكية لليمنيين في بعض الدول، أو إلغاء هذه الحسابات لمن لديهم حسابات فيها، وتشديد إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول للكثير من الدول. وفي هذا الصدد لن يتم التفريق بين من هو حوثي أو معادي للحوثي بل ستشمل الإجراءات كل من يحمل الجواز اليمني بغض النظر عن طبيعة علاقته بالحوثيين.
- بما أن الحركة الحوثية حركة معزولة وغير معترف بها شرعيا من الخارج، إضافة إلى أن نشاطاتها الاقتصادية تتم عبر قنوات غير مرئية ويصعب مراقبتها ومن ثم التحكم بها؛ فإن الأثر المباشر وخاصة في الشق الاقتصادي لن يكون ملحوظا أو كبيرا على الحركة الحوثية خاصة في المستقبل القريب.
يتضح مما ذكرنا أن الكثير من التأثيرات يصعب قياسها بالمسطرة والقلم، وتبقى في خانة التوقعات والاحتمالات، ومع ذلك فإن هذا القرار سيؤثر على مستقبل الأوضاع في اليمن، ويجعل من فكرة السلام، والتي تم ترويجها في الفترة الأخيرة أبعد منالً.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك