جائزة نوبل للسلام 2018 تذهب إلى المرأة

أعلنت لجنة جائزة نوبل للسلام حصول الطبيب الكونغولي، دينيس موكويج، والعراقية، نادية مراد، على الجائزة لهذا العام 2018، بفضل جهودهما لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحروب.

لم تغب عن المؤتمر الصحفي لإعلان الجائزة، بطبيعة الحال، أصداء حملة #Me Too واسعة الانتشار، والتي بدأت بهارفي واينستين ولم تنته حتى اليوم، بينما تطال تداعياتها كافة الشخصيات والمهن والدول على اختلافها.

وعلى الرغم من اختلاف طبيعة الحملة (#Me_Too)، الموجهة تحديدا إلى العلاقة المشتبكة بين الرجل والمرأة في المجتمع المدني، واستغلال الرجل لسلطته وسطوته، عن الجائزة (نوبل) التي يفترض أن تمنح من أجل السلام العالمي، إلا أن لجنة نوبل هذا العام قررت أن تبعث برسالة إلى العالم من بين طبول الحرب، وأتون الصراعات المسلحة حول العالم، مفادها أن المرأة هي أصل السلام، وأن التمسك بحقوقها، والتعامل مع أي جريمة بحقها بوصفها انتهاكا "جسيما" للقانون الدولي، ومحاسبة المعتدي والمغتصب، من أهم التحديات التي تقف أمام المجتمع الدولي اليوم، في ظل الحروب والصراعات المشتعلة حول العالم.


ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد، في 17 يوليو 1998، على أن من بين الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المادة 5، 7: "الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة.


وأصبحت نادية مراد سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة في قضية "الدفاع عن كرامة الناجين من الاتجار بالبشر" عام 2016، ثم حصلت على جائزة مجلس أوروبا باسم فاتسلاف هافل لحقوق الإنسان عام 2016، وجائزة ساخاروف لحرية الفكر عام 2016 (مشاركة مع العراقية الأيزيدية لمياء حجي بشار)، وها هي تحصل اليوم على جائزة نوبل للسلام للعام 2018.


لا شك أن قصة نادية مراد تصلح لنسج فيلم هوليوودي يحصل على عشرات جوائز الأوسكار بدون أي مبالغة، حيث دخلت التاريخ بكل مراحله بداية من إعلان "داعش" (الدولة الإسلامية في العراق والشام) قيام "الخلافة الإسلامية"، في 29 يونيو 2014، و"مبايعة" أبي بكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، بينما صرح آنذاك الناطق الرسمي باسم "الدولة" أبو محمد العدناني إلغاء اسمي العراق والشام من مسمى الدولة، لتصبح "الدولة الإسلامية" بالألف واللام.

بعدها، كانت نادية شاهدا على مجزرة قرية كوجو مسقط رأسها، غرب محافظة نينوى على جبل سنجار (80 كلم من مدينة الموصل)، ومن بين الضحايا أمها و6 من أخواتها، لتصبح بين ليلة وضحاها "جارية" لدى "الدولة الإسلامية"، وتتعرض للتهديد بالقتل من أجل تغيير العقيدة، ثم للتعذيب والتنكيل والقمع والاغتصاب.

بكل تأكيد، لم تكن نادية مراد وحدها، بل كانت بين 3000 امرأة أيزيدية وقعن ضحايا لتنظيم الدولة الإسلامية. كذلك لم تكن الأولى، وربما، مع الأسف الشديد، لن تكون الأخيرة. لكن مراد كانت الوحيدة التي خرجت عن صمتها لتفضح القبح الإنساني المرعب على هذا النحو، ولتسمي الأشياء بمسمياتها الصحيحة، بكل شجاعة وتصميم، ورغبة انتحارية في الصراخ أمام العالم بالحقيقة، مهما كانت العواقب، ولتواجه المجتمع الدولي بتلك الحقائق، ولتضعه أمام مسؤولياته وتحدياته الحقيقية دفاعا عن الإنسان، وتحديدا عن المرأة.

قد لا يكون هناك مجال للمقارنة بين ظروف الحرب وجرائم استغلال المرأة كضحية حرب، والاتجار بالبشر وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية من جانب، وبين التحرش بالمرأة والتسلط عليها والاعتداء عليها في المجتمع المدني، وفي ظروف الحياة المدنية العادية من جانب آخر، لكن القيم الذكورية التي تحكم الرجل في تسلطه على المرأة واحدة في الحالتين، وامتهان جسد المرأة والكبت، وحوادث الاغتصاب والتحرش اليومي بالمرأة في أماكن العمل، ووسائل المواصلات العامة، بل وتعرية الفتيات واغتصابهن في بعض التجمعات العشوائية، والأعياد والمناسبات والمظاهرات.. كل ذلك يمثل تحديات تتطلب مجهودا محليا وإقليميا وعالميا للحد من تفشي هذه الظواهر، ومواجهة تلك الآفات التي تهدد، فعليا، السلام العالمي.

لذلك فإن الرسالة وراء جائزة نوبل لهذا العام تدور حول المرأة وحقوقها والدفاع عنها ضد أي تمييز أو عنصرية أو انتهاك.. في ظروف الحرب والسلم على حد سواء.

محمد صالح

 

للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress

RT

كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< البنتاغون: كل العواصم الأوروبية في مرمى صواريخ كاليبر الروسية
< أبرز ما جاء في حوار ولي العهد السعودي مع وكالة "بلومبرغ"
< آراء قادة العالم تجاه صناعة العملات الرقمية
< الأجهزة الأمنية بمأرب تضبط 300 صاروخ حديث كانت في طريقها الى الحوثيين
< ولي العهد السعودي يرد على تصريحات ترامب ويجدد رفضه لقيام حزب الله جديد في الجزيرة العربية ويعتبره خط أحمر
< عملية إغتيال جديدة لقيادي بحزب الإصلاح
< المبعوث الأممي " غريفيث " يكشف عن خطة أممية لإنقاذ الريال اليمني

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: