خلص تقرير أعدّه فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي، أن اليمن استمر في "انزلاقه نحو كارثة إنسانية واقتصادية"، وأشار إلى أن البلد "لا يزال ممزقاً بشدة، مع تزايد وجود الجماعات المسلحة والفساد المستحكم"، وتحدث عن بروز اقتصادات حرب، كما أكد أن الأطراف والتشكيلات المسلحة المدعومة من الإمارات، لا تزال المصدر الرئيسي لمعارضة الحكومة الشرعية وتهميش دورها في المحافظة الجنوبية.
واحتوى التقرير السنوي، ، وهو عبارة عن رسالة موجهة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي في الـ25 من يناير/ كانون الثاني 2019، تفصيلاً عن أبرز القضايا والحوادث التي شهدها على مدى العقد المنصرم أو المرتبطة بالسنوات الماضية عموماً، وقدم تقييماً للوضع العسكري والسياسي والاقتصادي المرتبط بمختلف الأطراف، وصولاً إلى الانتهاكات المسجلة في فترة ولاية الفريق.
وأشار الفريق إلى أن الحرب البرّية لا تزال منحصرة أساساً في مناطق صغيرة نسبياً، برغم الأنشطة في بعض الجبهات، ولا سيما على طول ساحل البحر الأحمر، وأفاد أن معظم اليمنيين يعيشون في ظل اقتصاد مدمّر بفعل آثار النزاع، منوهاً بمشاورات السلام في السويد في ديسمبر/ كانون الأول برعاية المبعوث الأممي مارتن غريفيث، معتبراً أنها بعثت الأمل، وقال إن المجتمع الدولي مارس ضغطاً كبيراً على التحالف (السعودية والإمارات)، وعلى الحوثيين لوقف القتال في الحديدة.
ونوّه الفريق بأن العمليات العسكرية ضد الحوثيين التي تنفذها القوات الموالية للحكومة على طول الساحل الغربي، لا تزال أولوية عليا لدى حكومة اليمن والتحالف، ورأى الخبراء أن "من غير المرجح أن تتوقف القوات الموالية للحكومة قبل إزالة الوجود الحوثي بالكامل في مدينة الحديدة ومينائها".
وكشف التقرير الدولي عن أن "انعدام وجود مصالح مشتركة داخل التحالف" ضد (الحوثيين)، يفاقم تقسيم البلد، وقال إنه على الرغم من التقدم الذي أحرزته حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وشركاؤها في التحالف ضد الحوثيين، إلا أن "هدف استعادة سلطة الحكومة في جميع أرجاء اليمن بعيد المنال"، وأضاف: "استمر ظهور قوات أمن موازية قوية عام 2018، في وقت طرح فيه قادة محليون صعوبات كبيرة أمام أداء الواجبات والالتزامات، التي هي من الاختصاص الخالص للمسؤولين الحكوميين وقوات الأمن".
وأفاد الخبراء باستمرار تآكل "سلطة حكومة اليمن خلال الفترة المشمولة بهذا التقرير"، واستندوا بتقييمهم إلى عدة عوامل "انتشار المليشيات، وعدم وجود سيطرة فعلية على قوات عسكرية تعمل بالوكالة يموّلها التحالف ويمدّها بالسلاح؛ التحديات التي يطرحها المجلس الانتقالي الجنوبي والعناصر المنتسبة إليه؛ الافتقار الواضح إلى السيطرة على الإيرادات المتأتية من الموارد الطبيعية؛ استمرار سيطرة قوات الحوثيين على صنعاء وغيرها من المحافظات الشمالية".
وأشار التقرير إلى أن ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الذي شُكّل عام 2017 بدعم من الإمارات، هو المصدر الرئيسي لمعارضة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في جميع أنحاء المحافظات الجنوبية، وقال إن حلفاء المجلس، مثل وحدات قوات الحزام الأمني، وقوات النخبة الحضرمية، وقوات النخبة الشبوانية، ومسؤولين حكوميين محليين، يواصلون النهوض بما تسمى "المخططات السياسية الجنوبية"، والعمل في الوقت نفسه "على الدفع بالتطلعات الانفصالية"، وأكد أن هذه القوات لا تزال تحت "الرعاية المباشرة" للإمارات وتشكل الأدوات الرئيسية للسلطة في جميع أنحاء المناطق الجنوبية لليمن، وتهمش قوات حكومة اليمن في أجزاء واسعة من الأراضي المحررة (من الحوثيين)، كما أنها ترفع أعلام الانفصال وشعارات "المجلس الانتقالي"، أثناء حفلات التخرج وعمليات الانتشار.
وقال التقرير إنه على الرغم من أن العلاقات بين حكومة اليمن والإمارات شهدت تحسناً عام 2018، إلا إن "حكومة الرئيس هادي لا تزال غير قادرة على تأكيد ممارسة سلطتها وواجباتها ومسؤولياتها في المناطق المحررة"، مشيراً إلى اللقاء الذي جمع الرئيس عبدربه منصور هادي بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في يونيو/ حزيران الماضي، مع بدء العمليات العسكرية للسيطرة على مدينة الحديدة، كان دليلاً على إحراز تقدم في العلاقات، وثمرة جهود سعودية في السياق شملت أيضاً محاولة تحسين العلاقة بين أبوظبي وقادة حزب الإصلاح.
وأفاد الفريق أن جهود تحسين العلاقة بين الحكومة اليمنية والإمارات، فشلت في تأكيد سلطة الأولى في الميدان، وتفادي تزايد عداء عناصر جنوبية تدور في فلك نفوذ الإمارات تجاه حزب الإصلاح، مؤكداً أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير، كان المسؤولون في الحكومة هدفاً لأعمال عدائية من جانب عناصر متحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، والزعيم السلفي هاني بن بريك، وزير الدولة السابق، حيث تفجرت في يناير/ كانون الثاني 2018 اشتباكات في عدن بين قوات الحماية الرئاسية والتشكيلات الانفصالية المدعومة من الإمارات.
وقال الفريق، إنه حقق في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان المتصلة بحالات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والاختفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القانون، التي قامت بها قوات الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الشبوانية. وتابع أنه "وجد الفريق أدلة على أن حكومة اليمن ليست لها سيطرة فعلية على هذه القوات. وعلى النقيض من ذلك، فهذه القوات أنشأتها الإمارات العربية المتحدة عام 2016، وهي تتلقى مرتباتها منها، كما تتلقى منها السلاح والتدريب". وتلقَّى الفريق أيضاً معلومات تفيد بأن الإمارات هي التي تتولى في الواقع تنظيم عمليات هذه القوات وتنسيقها". وقال إنه يحقق في ما إذا كان ينبغي أن تُنسَب الانتهاكات المحددة المرتكبة من جانب تلك القوات إلى الإمارات أو إلى الحكومة اليمنية. وأضاف "على أيّ حال، فإن كلتيهما ملزَمتان بممارسة العناية الواجبة لمنع تسبب سلوك عناصرها وأطراف ثالثة في أضرار يمكن أن تؤثر في حقوق الإنسان".
وقال التقرير إنه في عام 2018، تلقّى فريق الخبراء معلومات عن أربع حالات ادعاء بوقوع انتهاكات من جانب الإمارات للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان في ما يتصل بالاحتجاز، وفيما قال الفريق إنه يواصل التحقيق، فقد أكد أنه "لم تُبلَّغ أُسَر المحتجزين بمصيرهم في أي من الحالات التي يحقق فيها".
وفي ما يتعلق بالانتهاكات المباشرة بقتل مدنيين، قال الفريق إنه حقق في خمس غارات جوية طاولت مدنيين وأهدافاً مدنية عام 2018، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وأفاد بأن هذه الغارات الجوية أوقعت نحو 78 قتيلاً و 153 جريحاً وألحقت أضراراً كبيرة بالممتلكات المدنية، وتشمل الضربات، استهداف حفل زفاف في حجة في 22 إبريل/ نيسان وقصف حافلة على متنها العشرات من الأطفال في التاسع من أغسطس/ آب الماضي.
وحقق الفريق أيضاً في حالة قصف واحدة في منطقة مأهولة بالسكان، نُسِبت إما إلى التحالف وإما إلى قوات الحوثيين، وأدت إلى مقتل 55 شخصاً وجرح 170 آخرين، إشارة إلى حادثة استهداف سوق السمك وبوابة مستشفى الثورة في الحديدة.
وفي ما يتعلق بالحوثيين، سرد الفريق تفاصيل حول مختلف الحوادث والممارسات، بما فيها الطائرات المسيرة بدون طيار وإطلاق الصواريخ البالستية تجاه السعودية، التي قال إنها توقفت منذ يونيو/ حزيران الماضي، وأفاد الخبراء بأن القيادة الحوثية واصلت إحكام قبضتها على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية؛ ففي الأشهر الأولى من عام 2018، قُلِّصت قيادة المؤتمر الشعبي العام في صنعاء واستوعبت وأرغمت على الانقياد لقيادة الحوثيين. وعلى الرغم من إحكام القبضة تلك، واجه الحوثيون بعض الانشقاقات من مجتمعات محلية في صنعاء ومحيطها.
وأفاد بأنه "منذ وفاة علي عبد الله صالح في ديسمبر 2017، استمالت القيادة الحوثية المؤتمر، ولاحظ الفريق أن الحزب انقسم إلى أربعة فصائل محددة بشكل فضفاض: فصيل في صنعاء، وفصيل في الرياض متحالف مع الرئيس هادي، وفصيل بقيادة سلطان البركاني (مساعد الأمين العام للحزب)، وفصيل يدور في فلك أحمد علي عبد الله صالح".
وأعرب الفريق عن أسفه لعزوف الحوثيين عن السماح له بزيارة صنعاء، للقاء ضحايا الغارات الجوية وتجّار السلع الأساسية، وقال إن الضغط المستمر الذي يمارسه الحوثيون على الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني، لا يحترم الالتزامات التي تعهدوا بها بتيسير مرور الإغاثة الإنسانية بسرعة ودون عوائق، لتصل إلى المدنيين المحتاجين.
وتطرق التقرير إلى مستوى التهديد المحدق بالأمن البحري في البحر الأحمر في 2018، وقال إنه ظل "عالياً جداً"، وأفاد بأنه "على الرغم من أن العدد الإجمالي للحوادث لم يكن أعلى مما كان عليه في العام السابق، فقد ازداد الخطر على النقل البحري التجاري مع استخدام قوات الحوثيين منظومات أسلحة تتطور بشكل متزايد، لمهاجمة ناقلات النفط التي ترفع علم المملكة العربية السعودية"، وسرد بالتفاصيل معلومات حول الحوادث البحرية في العام المنصرم.
يشار إلى أن الفريق أعد تقريره النهائي وفقاً للفقرة السادسة، من القرار 2402 (2018)، وحمل توقيع كل من منسق الفريق أحمد حميش، والخبراء فرناندو روزنفيلد كارفاجيل، وولف - كريستيان بايس، هنري تومسون، ماري - لويز توغاس.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك