أصبحت سيئون مليئة بالوجوه التي لا نعرفها بعد أن كانت مجتمع متقارب يتعرّف الناس فيه على بعضهم البعض من ملامح الوجه، وربما نبرة الصوت وبعض الخصائص والصفات الوراثية.
اليوم ازدحمت المدينة وتراجعت العديد من خصائصها المجتمعية بفعل تغيرات ديموغرافية ونزوح الآلآف من أبناء الوطن المكلوم إليها، فيحصل أن تمر بالسوق العام وتخرج من زحامه دون أن تعرف أحد !!
لقد أعطت سيئون وأهلها مابوسعهم، حتى تلاشت ملامح المدينة في بعض البقاع.. فحين تمر ببعض الأماكن في سوقها العام تشعر لوهلة أنك في "سوق الحَصبة" لكن في حقيقة الأمر لا يبعد عنك قصر سيئون سوى ١٠٠ متر !!
ترى زمرة من الشباب بحلاقات ملفتة وملابس الموضة المقطعة يلعبون البلياردو على ناصية الطريق فكأنك في "شارع المعلا" بينما أنت في ناحية من "الجزائر" أشهر شوارع المدينة.
بعد الثورة والحرب فتحت سيئون ومدن وادي حضرموت أبوابها للجميع دونما تمييز أو مِنّة، وأقتسم أهلها الهواء الذي يتنفسونه مع الوافدين وكل المارين فيها، وراحوا يوزعون ابتسمات صادقة مصحوبة بكلمة الترحيب السيئونية الدارجة "ياحيّابكم"، الأمر الذي ترك انطباع جيّد عنها وعن أهلها..
مع كل هذا الإنفتاح والعطاء والتعايش لم تحصل سيئون ومدن الوادي على ما تستحقه من الخدمات الممكنة، ولا من الإهتمام الكافي، وتعرف حكومة البلاد طريق سيئون وقت حاجتها لحكمة أهلها وثقافتهم المدنية الكبيرة، ثم ما تلبث أن تتناساها وتهملها.
تضيق البلاد.. وتتسع قلوب أهل سيئون.
اليوم تعاني المدينة من قصور كبير في مختلف الخدمات من الأمن إلى الكهرباء مرورا بالغاز وصولا إلى ضعف وانقطاع الماء عن بعض البيوت !!
ناهيك عن شوارعها التي ضاقت بأهلها وآلاف العربات الوافدة..
فهل من المعقول السكوت عن كل ذلك ؟
أين حصة هذه المدن من حقول المسيلة النفطية ومنفذ الوديعة ومطار سيئون وغيرها من المرافق الحيوية ؟!
كيف تسير الامور الإدارية وما هو حجم العبث والفساد فيها ؟ وهل من حسيب ورقيب ؟!
تطبيع الحياة على هذا الواقع المرير مرفوض، وعلى قيادة المحافظة والوادي تحديدا مسؤلية كبيرة حيال تردّي الخدمات، عليها أن تحزم في الإدارة وترفع صوتها أمام حكومة المركز.
تمر البلاد بحرب وندرك ذلك، لكن من الضحك على الذقون السكوت عن فساد نستطيع مكافحته، والقبول بخلل ممكن تجاوزه، ومن غير المنطقي أن تبقى مقدرات المدينة ومقوماتها بذات المستوى وقد ارتفع عدد قاطنيها إلى الضِّعف.
إقتربوا من سيئون واستمعوا لها.. قبل أن تتغير عليكم.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك