دخل المغرب بقوة على خط صناعة لقاح فيروس كورونا، بما يجعله منصة رائدة في هذا المجال على مستوى إفريقيا والعالم.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، شهد قبل ثلاثة أيام، توقيع ثلاث اتفاقيات مع الصين لإنتاج 5 ملايين جرعة من لقاح "كوفيد-19" شهريا باستثمارات حجمها 500 مليون دولار "لتعزيز الاكتفاء الذاتي.. والسيادة الصحية للمملكة".
ويهدف المشروع إلى إنتاج اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد ولقاحات أخرى رئيسية بالمملكة لتعزيز اكتفائها الذاتي، بما يجعل من المغرب منصة رائدة للبيوتكنولوجيا على الصعيد القاري والعالمي في مجال صناعة "التعبئة والتغليف".
ويروم المشروع، الذي يعد ثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص، إطلاق قدرة أولية على المدى القريب لإنتاج 5 ملايين جرعة من اللقاح المضاد لكورونا شهريا، قبل مضاعفة هذه القدرة تدريجيا على المدى المتوسط.
"صنع في المغرب"
الهدف الأول للمشروع، تطوير لقاحات تحت علامة "صنع بالمغرب"، وضمان الاكتفاء الذاتي للمملكة مع تزويد بلدان القارة السمراء والدول المغاربية.
وقال وزير الصحة، خالد آيت الطالب، في عرض قدمه أمام العاهل المغربي إن "الرؤية الملكية لبلوغ السيادة اللقاحية تعد الرد المناسب، على مخاطر ندرة اللقاحات وكذا على الخطر الطبيعي المتمثل في ظهور أوبئة جديدة".
وأبرز المسؤول أن "من شأن سياسة صيدلانية وطنية جديدة، أن تضمن لعموم المواطنين المغاربة ولوجا عادلا، جغرافيا وماليا، للأدوية والمنتجات الصحية ذات الجودة، وكذا دعم التصنيع المحلي للأدوية في إطار الشراكات القائمة بين القطاعين العام والخاص."
أما فيما يخص البعد الاستراتيجي للمشروع، فقد كشف آيت الطالب أن "تأمين الحاجيات المستعجلة على مستوى لقاحات كوفيد19 يأتي في صدارة الأهداف. أما على المدى البعيد، فيطمح المغرب لبناء منصة قارية للبحث والتنمية، وهو ما سيمكن من تحقيق التأمين البيولوجي للمملكة."
وزير الصحة المغربي، أكد خلال عرضه أيضا، أن المغرب، وقّع منذ مارس 2020 ، وبشكل مبكر، شراكات بهدف ضمان التزود باللقاحات وتهيئة الأرضية لنقل التكونولجيا ، وإطلاق أول اختبار سريري للتلقيح بالمملكة المغربية.
كما لفت آيت الطالب إلى أن "تدبير الوضعية الوبائية بطريقة استباقية بالإضافة إلى حملة التلقيح ضد كوفيد 19 مكنا من تحقيق إنجاز عالمي بمعدل تلقيح نهائي بلغ 34 بالمئة، على الرغم من عدم اليقين بشأن الإمدادات من اللقاحات بفعل ندرة وضعف الإنتاج على المستوى العالمي".
شارك المغرب، منذ ظهور الفيروس، في تجارب مخبرية وسريرية أطلقتها الصين بتعاون مع دول عدة من بينها المغرب، مع كل ما يترتب على ذلك من نقل الخبرة والمعرفة العلمية للبلد.
وجاء هذا التعاون العلمي، كامتداد للمباحثات الهاتفية العام الماضي، بين الملك محمد السادس، والرئيس الصيني شي جين بينغ. من هنا، بادرت الصين إلى الاعتماد على حليف آمن لبناء قدرات تصنيع اللقاحات وتصديرها إلى بقية القارة.
وبذلك، يكون المغرب قد وضع بصمته في مجال ظل حكرا على القوى العالمية الكبرى، منذ بداية الأزمة الصحية. وبدأت صناعته الدوائية، تشق طريقها نحو التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيات.
في هذا السياق، أكد الرئيس المدير العام لمجموعة "سينوفارم ليو جينغ تشن" أن الاتفاقية الخاصة بتصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكورونا بين المغرب والمجموعة الصينية "سينوفارم" ستقدم دعما قويا للوقاية من الجائحة ومراقبتها بالمغرب.
وقال ليو جينغ تشن في مداخلة عن بعد من الصين، خلال حفل إطلاق وتوقيع اتفاقيات تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد المضاد للفيروس ولقاحات أخرى بالمغرب، إن هذا المشروع يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للمغرب والصين في إطار مكافحة جائحة كوفيد-19.
وأضاف المسؤول الصيني أنه سيساهم أيضا في الوقاية من الجائحة ومراقبتها على المستوى الدولي، مشيرا إلى أن هذا المشروع بالغ الأهمية سيمكن من تعزيز مرونة النظام الصحي للمغرب وشعوب افريقيا، كما سيساهم بشكل كبير في تقوية روابط الصداقة الصينية-المغربية.
وأشار ليو جينغ تشن من جهة أخرى إلى أن المملكة المغربية والصين تكافحان معا جائحة كورونا، مبرزا أن قائدي الدولتين، الملك محمد السادس والرئيس الصيني شي جين بينغ، أجريا مباحثات هاتفية وتوصلا إلى اتفاق حول مكافحة مشتركة للجائحة وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري.
وأكد ليو جينغ أن "الرئيس الصيني عبر على وجه التحديد، عن استعداد جمهورية الصين الشعبية للارتقاء بالبحث وتطوير اللقاح المضاد لكوفيد بشكل إيجابي، والتعاون مع المغرب في مجال الانتاج."
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ إطلاق الشراكة الاستراتيجية بين الصين والمملكة المغربية في 2016، عرفت العلاقات بين البلدين مستوى رفيعا من التنمية. ويأتي التعاون في مجال اللقاحات كتتويج لسنوات من البناء.
البُعد القاري
قال خالد فتحي، الأستاذ بكلية الطب بجامعة محمد الخامس بالرباط والباحث في القضايا الصحية أنه "بتصنيعه للقاح المضاد لكوفيد- 19 يصبح المغرب مؤهلا ليصبح منصة قارية لإنتاج وتوزيع اللقاحات.
وأضاف في حوار مع وكالة الأنباء المغربية، أن إفريقيا تحتاج للمغرب لتمكينها من اللقاح، خاصة أن البلاد "عندما سعى إلى تحقيق أمنه اللقاحي عقد العزم على تصدير هذا الأمن اللقاحي إلى الدول الإفريقية الشقيقة والصديقة".
وسجل فتحي أن المغرب يريد أن تكون علاقاته مع الدول الافريقية علاقة "رابح رابح" ، ليثبت للعالم اليوم أنه "دولة يمكن أن يعول عليها الافارقة، وهو الذي يوظف رؤيته المستقبلية لصالح إفريقيا."
كما أكد المتحدث أن المغرب في طريقه ليصبح "صمام أمان لإفريقيا"، خاصة وأنه يدرك بأن الجائحة لازالت مستمرة وعلينا الاستعداد لجوائح أخرى وهو بالتالي يضع الأسس لسياسة لقاحية مستمرة في الزمن، مبرزا، أن المغرب لايريد فقط تحقيق الاكتفاء الذاتي وإنما يسعى لتحقيق ما يطلق عليه ب" السيادة اللقاحية ".
وخلص الباحث في القضايا الصحية إلى أن المستقبل يفرض علينا التوفر على "سيادة لقاحية" لأن تصنيع اللقاح، في نظره، يحميك من ندرة اللقاح ومن تقلبات السوق، ويؤهلك للمقاومة في عالم ما بعد كورونا
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك