هل انتهى شهر العسل الفني بين القاهرة والرياض؟

هل انتهى شهر العسل الفني بين القاهرة والرياض؟
 
انتهى شهر العسل بين الفنانين المصريين والإنتاج السعودي. فبعد سنواتٍ شهدت استقطاباً متزايداً للفنانين المصريين إلى المملكة، باتت القطيعة اليوم واضحة وعلنية، مع انطلاق النسخة الجديدة من موسم الرياض من دون أي حضور مصري، خلافاً للمواسم السابقة. اللافت أن الحملة الدعائية للموسم التي تبنّاها رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية تركي آل الشيخ، اعتمدت على إبراز غياب المصريين عن النسخة الجديدة، من خلال تلميحات متكرّرة حول الاكتفاء بالفنانين السعوديين، ودعم السوريين، مع الإشارة إلى أنّ دولاً مجاورة "تحارب موسم الرياض" بدافع الغيرة والتنافس، تحت شعار "سحب القوة الناعمة" منها.
 
من المؤكد أن قرار مقاطعة الفن المصري في الرياض ليس قراراً فردياً، بل هو انعكاس لخلافات أعمق، إذ تزامن مع مؤشرات على فتورٍ سياسي بين القاهرة والرياض، تجلّى في المعارك الإلكترونية بين مناصري النظامين على مواقع التواصل. هذا المشهد يعيد التذكير بأهمية استقلال صناعة الفن، سواء في مصر أو السعودية، وضرورة ترك حرية الاختيار للجمهور وسوق الإنتاج بدلاً من التوجيه السياسي. 
 
مرت العلاقة بين الفن المصري والإنتاج السعودي بمحطات متقلبة، على غرار العلاقة السياسية بين البلدين، لكن الحساسية المتبادلة ظلت السمة الثابتة في كل المراحل. فالفنانون المصريون تعرّضوا لهجوم من الجمهور المحلي بسبب عملهم في السعودية، ولا سيما نتيجة المبالغة في المجاملات لمسؤولي الترفيه هناك، في حين ارتفعت أصوات سعودية تنتقد الاعتماد المفرط على الفنانين المصريين بدلاً من دعم المواهب المحلية. تفاقمت هذه الحساسية مع اتجاه المملكة إلى تجنيس عدد من الفنانين ومنح آخرين الإقامة الذهبية، مثل المايسترو هاني فرحات، ومحمد هنيدي، وبيومي فؤاد، وأنغام وغيرهم. بعضهم فضّل عدم إعلان حصوله على الجنسية السعودية، لكنّها منحتهم امتياز الاستمرار في العمل رغم المقاطعة. أنغام، مثلاً، كانت المصرية الوحيدة التي أحيت حفلاً في موسم الرياض، إنما من دون فرقتها الموسيقية، مستعينةً بعازفين أجانب. والأمر نفسه مع هنيدي وبيومي فؤاد اللذين قدّما عروضاً مسرحية بصفتهما "فنانين سعوديين".
 
الخسائر لم تقتصر على النجوم، بل طاولت المئات من العازفين والفنيين والعاملين الذين فقدوا مصدر رزقهم فجأة، بعدما كانت المملكة تمثّل لهم منفذاً حيويّاً في ظلّ تراجع النشاط الفني في مصر. أما النجوم الكبار فخسارتهم أقل، إذ حظوا سابقاً بدعم مباشر من هيئة الترفيه، لكنّ الجميع، بما فيهم الجهات الإنتاجية الرسمية المصرية كشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، باتوا يعتمدون على السوق السعودي، سواء في تسويق الأعمال أو تمويلها، حتى إن بعض مسلسلات رمضان الأخير أُنتجت بدعم مباشر من هيئة الترفيه.
 
مع ذلك، لا يمكن تحميل السعودية وحدها مسؤولية البطالة أو تراجع الإنتاج الفني المصري. فالأزمة أعمق وتتعلق بانغلاق السوق المصري واحتكاره، وحرمان الجمهور من حقّه في خيارات حرة. الجمهور المصري خسر حفلات فنّانيه بانسحابهم نحو الرياض، بينما وُضعت الساحة السعودية في منافسة غير متكافئة مع الأسماء المصرية الكبرى. حين دخلت الجهات السعودية السوق المصرية، وجدت نفسها أمام احتكار شركة المتحدة للإنتاج الدرامي والسينمائي، ما أدّى إلى بطالة واسعة وغياب للمنافسة. لذلك كان العمل في السعودية هروباً من الاحتكار والركود أكثر منه طمعاً في المال. في المقابل، لم تستفد الحركة الفنية السعودية كثيراً من استقطاب المصريين، إذ أعاق ذلك صعود السينما المحلية، بفعل تركيز هيئة الترفيه على دعم الأفلام التجارية المصرية، والسعي المحموم وراء "الأفلام العالمية"، بينما بقيت الأفلام السعودية (المدعومة من صندوق البحر الأحمر وهيئة السينما) محدودة الأثر. بهذا تحوّل السوق السعودي إلى سوق تابع للقرارات السياسية، معتمد بدوره على الفن المصري لتشغيل مئات دور السينما والمسارح الجديدة التي تجاوزت 600 شاشة عرض.
 
افتتاح المهرجان الوطني للفيلم 25: تساؤلات عن لجان التحكيم (الموقع الإلكتروني للمهرجان)
سينما ودراما
عن لجان تحكيم سينمائية: ما آليات العمل؟ ما معايير الاختيار؟
تبقى السينما القطاع الأوفر حظاً بالاستمرار رغم المقاطعة، لكون شاشات العرض السعودية في حاجة إلى محتوى دائم، في ظل قلة الإنتاج المحلي، وحاجة الأفلام المصرية إلى إيرادات شباك التذاكر السعودي. لكنّ استمرار المقاطعة قد يؤدي إلى تراجع وجود الأفلام المصرية تدريجيّاً، عبر وقف الدعم الإنتاجي عنها. ويبدو أن هذا ما بدأ فعلاً، مع توقف الحديث عن صندوق "بيغ تايم" الذي أطلقه رئيس هيئة الترفيه بالتعاون مع شركات مصرية وسعودية لإنتاج أفلام ضخمة حتى عام 2026. كان رئيس الهيئة قد أعلن أن هدف الصندوق تحقيق الربح وإنتاج سينما "بمعايير عالمية" وترويج موسم الرياض، في اعتراف ضمني بأهمية العنصر المصري. إلا أنه عاد أخيراً ليصرّح بأن "موسم الرياض لا يحتاج إلى أحد، بل يضيف إلى من ينتسب إليه"، ما يثير التساؤلات حول مصير الصندوق وحجم خسائره، ومصير الأفلام المشتركة مثل فيلم "الست"، وهل ستُمنع من العرض أو الترويج؟
 
وكان رئيس هيئة الترفية تركي آل الشيخ قد نشر صورة له مع عدد كبير من الفنانين السوريين وقال بأن هنالك اعمال ومفاجآت قادمة مع هؤلاء الفنانين ، ما اعتبره مراقبون بأنه رسالة للمصريين بأنه تم الإستغناء عنهم .
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


اقرأ ايضا :
< صراع الإيرادات بين المركز والمحافظات.. القرار المالي الذي يحدد مصير الشرعية والإصلاح الاقتصادي
< وزير الأوقاف اليمني يوقع مع نظيره السعودي اتفاقية ترتيبات موسم حج 1447هـ
< الجوف.. حملة عسكرية حوثية تفرض حصاراً خانقاً على قبائل آل قباص بالحميدات
< صرف الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي في صنعاء وعدن لليوم الأحد
< رئيس جيبوتي يترشح لولاية سادسة
< وفاة وإصابة أربعة أطفال اختناقًا داخل سيارة مُهملة في الحبيلين بلحج
< ما هي السيناريوهات المحتملة لمستقبل الحوثيين في ظل الأزمات الداخلية والخارجية ؟
اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة: