أعلنت إثيوبيا إتمام عملية الملء الثاني لسد النهضة، مبكراً بنحو ثلاثة أيام عما كان متوقعاً سلفاً، ولكن دون تخزين كمية المياه المرجوة لهذه المرحلة، غير أنها أكدت للمرة الثانية استئثارها بتحديد مواعيد بدء الملء والانتهاء منه دون استشارة مسبقة لدولتي المصب.
وبصورة دعائية تحمل عبارات النجاح والفخر، نشر التلفزيون الرسمي الإثيوبي مقاطع فيديو تظهر مياه الأمطار تنهمر بكثافة على بحيرة سد النهضة وتفيض من فوق الممر الأوسط بعد وقف تعليته عند حوالي 574 متراً، مع استمرار تشغيل مضختي المياه الضخمتين اللتين تدفعان المياه الزائدة من البحيرة إلى وادي النيل لتصل إلى بحيرة سد الروصيرص.
وقالت مصادر فنية مصرية ، إن الإثيوبيين استطاعوا حجز ما بين مليارين وثلاثة مليارات متر مكعب من المياه أعلى من مستوى الملء الأول، لتبلغ إجمالي الكمية المخزنة حالياً بين سبعة وثمانية مليارات متر مكعب تقريباً، وذلك مع الحفاظ على تشغيل مضختي المياه إلى بحيرة سد الروصيرص حتى نهاية فترة الملء الثاني، بتدفق يصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً لكلا الفتحتين.
وأضافت المصادر أن استمرار الملء لفترة أخرى أصبح مستبعداً الآن بسبب تضاؤل فرص توقف الأمطار، مما سيمنع استئناف جهود تعلية الممر الأوسط.
وذكرت المصادر أن تعلية الممر الأوسط للسد في هذا الصيف لم تكن ستزيد في أحسن الأحوال على 577 متراً بعد التباطؤ الشديد في الإنجاز خلال الربيع، وفي ظل زيادة كميات المياه المخزنة، إذ كانت إثيوبيا ترغب بتعلية 595 متراً لتتمكن من تخزين 13.5 مليار متر مكعب من المياه.
وأكدت المصادر أن الفيضان الكبير للنيل هذا العام ربما يتسبب في مشكلات للسودان كما حدث العام الماضي، ولكن ستنتفي معه احتمالات الضرر المائي لدولتي المصب بشكل نهائي.
لكن الواقع العملي والتغيرات الاستراتيجية التي ستترتب على إنجاز سد النهضة تنبئ بأن الأضرار لا يمكن قياسها بهذه الأرقام المجردة لتغيرات حصة المياه، فحتى تتمكّن مصر من تلافي هذه الأضرار فإنها ستضطر إلى دفع ضريبة غالية من قوت يوم مواطنيها، فبحسب السيسي نفسه يتطلب مشروع تطبين الترع، الذي أدخل جزءاً منه ضمن مبادرة حياة كريمة التي يمولها رجال الأعمال، أكثر من 60 مليار جنيه، كان من الممكن إنفاقها في مرافق أخرى أكثر احتياجاً بصورة عاجلة إذا لم تكن مصر معرضة بالفعل لنقص ملحوظ في حصتها المائية التي لا تفي باحتياجاتها أصلاً.
كما أن غياب المعلومات وانعدام الشفافية من قبل الجانب الإثيوبي حتى مع الإخطار الدوري قبل الملء، يعرقل الاستجابة المشتركة للتغيرات الفنية والمناخية الطارئة، كما يحيط الجانب الإثيوبي الإجراءات بالغموض وصعوبة توقع المشاكل الوارد حدوثها، الأمر الذي لا يمكن احتسابه ضمن حدود الضرر المادي في الأوضاع العادية، بل سيمثل حالة ضرر مفاجئة يمكن تفسيرها من قبل أديس أبابا بالاستثناء الطارئ.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك