أعلنت قوى المعارضة في لبنان، اليوم الأحد، ترشيح وزير المالية السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، وذلك على وقعِ استمرار "حزب الله" و"حركة أمل" بإقفال الباب أمام وصول أي مرشح لسدة الرئاسة، باستثناء من يدعمانه للمنصب الأول في البلاد، أي رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية.
وطالبت قوى المعارضة، رئيس البرلمان و"حركة أمل" نبيه بري بفتح أبواب مجلس النواب المقفلة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، والدعوة سريعاً إلى جلسة لانتخاب رئيس، وترك اللعبة الديمقراطية تقول كلمتها، بعد أن أصبح هناك مرشحان جديان للرئاسة، مشددة على أن أزعور ليس مرشح تحد ولا مناورة ولا مرشح محطّة، بل يحوز على شبه إجماع مسيحي، وأكثرية وطنية، ويتمتع بفرصة جدية للوصول إلى سدة الرئاسة، وقدرة على مساعدة لبنان للخلاص من الأزمة.
وأكدت المعارضة أن يدها ممدودة للتلاقي مع طرحها، لا سيما إلى "حزب الله" و"أمل"، ومن بقي من حلفائهما، مبدية في الوقت نفسه تأهّبها لمواجهة كل مخطّطات التعطيل ومحاربة التهويل.
وبرّرت المعارضة انضمام "تكتل لبنان القوي" (يرأسه النائب جبران باسيل) إليها، بأن التحوّل أتى بعدما طُعِن التكتل من قبل حليفه حزب الله في الحكومة ورفض خياراته وعبّر عن استعداده لمواجهة الفرض، وتحسساً منه لحجم المسؤولية الوطنية التي تحتم إنهاء التحدي، وكسر حلقة الفراغات المتبادلة التي تدمّر الوطن.
وأشارت المعارضة إلى أن المسؤولية تفرض على ترشيح أزعور التحلّي بأعلى درجات وحدة الموقف، منعاً لمزيد من إهدار الوقت والتدمير الممنهج الذي يصيب الوطن، فالمطلوب الحسم وانهاء الفراغ.
وأعلنت قوى المعارضة موقفها، في مؤتمر صحافي عقد مساء اليوم الأحد، في منزل النائب ميشال معوض، مرشحها السابق، الذي سحب ترشيحه بعدما عجز عن الحصول على النصاب القانوني اللازم لانتخابه رئيساً (65 نائباً من أصل 128) على مدى الجلسات الـ11 التي عقدت برئاسة بري، والتي كانت تنعقد بدورتها الأولى، ومن ثم ينسحب نواب "حزب الله" و"حركة أمل" بالدرجة الأولى، لإفقاد نصاب الدورة الثانية (86 نائباً من أصل 128).
وانضمّ تكتل "لبنان القوي" إلى قوى المعارضة، بعد خوضه الجلسات السابقة بالورقة البيضاء إلى جانب "حزب الله" و"أمل"، وذلك قبل إعلان الثنائي تأييد فرنجية على حساب باسيل.
واستبق باسيل مؤتمر اليوم، بإعلانه رسمياً أمس السبت، ترشيح أزعور لرئاسة الجمهورية، علماً أن علامات استفهام عدة حامت حول موقفه، ولا سيما في ظلِّ خلافات داخل حزبه حول الشخصية المراد دعمها، وسط تفضيل نواب، ترشيح أسماء تنتمي إلى التكتل، يتقدمها النائب إبراهيم كنعان، الأمر الذي اعتبر من أسباب تأخير إعلان موقف المعارضة.
ولم ينضمّ "الحزب التقدمي الاشتراكي" (يتزعمه وليد جنبلاط) إلى قوى المعارضة في إعلان مرشحها، رغم أن اسم أزعور كان من بين الأسماء الرئاسية التي طرحها جنبلاط، والذي يعرف عنه مسايرته لرئيس البرلمان نبيه بري، وتفضيله التوافق السياسي، ومن المنتظر أن يعلن هذا الفريق موقفه رسمياً الثلاثاء.
في السياق، علم "العربي الجديد" من أوساط سياسية معارضة، أن "رئيس البرلمان ينتظر موقف فريق جنبلاط لأخذ القرار، ومن المرجح أن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس الأسبوع المقبل، قد يكون الخميس كما اعتاد على اختيار هذا اليوم، وذلك بعدما بات محرجاً امام الإعلان الرسمي للفريق المعارض، لكن هناك عملية حسابية تقام لضمان عدم وصول مرشح المعارضة وانتخابه رئيساً، من هنا يبحث الثنائي بسيناريو الدعوة إلى جلسة ومن ثم افقاد نصاب انعقادها".
وفي المقابل، أكد عضو كتلة حزب الله النيابية، "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله في موقف له اليوم، أن حزب الله يرحب بالدعوة إلى الحوار والتلاقي، و"إيجاد توافقات لانتخاب رئيس للجمهورية بعيداً من الفرض والتحدي".
واعتبر أن دور المجلس النيابي انتخاب رئيس لكل اللبنانيين وليس "رئيساً لفريق سياسي نهجه الفرض والإلغاء، فهم يجيزون لأنفسهم ترشيح من يريدون وعندما تدعم كتل أخرى صديقاً لنا يسمون ذلك فرضاً، لأن عنوان معركتهم هو رفض الرئيس القادر على التواصل مع الجميع محلياً وخارجياً، وفرض الرئيس الذي يحمل صفة المواجهة".
وأضاف: "يتوهمون أنهم يمكنهم بذلك أن يوصلوا مرشحهم إلى الرئاسة، ونقول لهم، لا تتعبوا أنفسكم وتهدروا الوقت فلن يصل مرشح التحدي والمواجهة إلى بعبدا (قصر الرئاسة)، أياً يكن اسمه".
وفي عظة الأحد، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي: "لو استحضر المسؤولون السياسيون الله بحسب رتبهم، لكانوا انتخبوا رئيساً للجمهورية ضمن فترة الشهرين السابقة لنهاية عهد الرئيس ميشال عون وفقاً للمادة 73 من الدستور، ولو يستحضرون الله اليوم بعد مضي 8 أشهر على فراغ سدة الرئاسة وأمام الانهيار الكامل سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً لسارعوا إلى التفاهم والتوافق على انتخاب رئيس يحتاجه لبنان في الظروف الراهنة".
وأضاف الراعي: "نحن نبارك كل خطوة في هذا الاتجاه بعيداً من المقولة البغيضة غالب ومغلوب، بين اشخاص او بين مكونات البلاد، فهذا أمر يؤدي إلى شرخ خطير في حياة الوطن، فيما المطلوب وحدة لبنان وشعبه وخيرهما".
ومنذ عودته من باريس، ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الثلاثاء الماضي، بدأ الراعي حراكاً رئاسياً جديداً، وتواصلاً مع القوى السياسية المختلفة، لوضعها في صورة زيارته الفرنسية، ونتائجها الرئاسية، وإمكانية إحداث خرق في جدار التعطيل وتقريب التوافق بين الأفرقاء لإنجاز الاستحقاق.
ويعقد الراعي أو موفده لقاءات معظمها بعيدة عن الإعلام، وقد شملت فرنجية وباسيل، وسط معلومات تحدثت أيضاً عن لقاء عقده المطران بولس عبد الساتر موفداً من البطريرك الراعي، مع الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، على أن يستكمل جولاته في إطار المبادرة الرئاسية.
وفي وقتٍ يتعرض الراعي لهجوم تتضمنه مواقف مسؤولين وقياديين في "حزب الله" و"أمل" نتيجة دعمه غير المباشر لجهاد أزعور، واستنكاره عدم دعوة بري لجلسة انتخاب رئيس، يقول مصدرٌ مقرب من الراعي لـ"العربي الجديد"، إن "البطريرك يقوم بواجبه الوطني قبل أي شيء بالمساعدة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، هو لا يدعم أي اسم أو فريق بل يدعم التوافق، ومن هنا أتى تأييده لتوافق عدد كبير من القوى على اسم بما يعزز اللعبة الديمقراطية في البلاد".
وكان مجلس النواب اللبنانى قد عقد 11 جلسة لانتخاب رئيس للبلاد بين 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، و18 يناير/ كانون الثاني الماضي، وجميعها باءت بالفشل في انتخاب رئيس جديد.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك