تأسّس موقع "فيسبوك" قبل 20 عاماً، وأصبح بمرور الوقت شركة عملاقة لا تزال تستمر في النمو. وبات الموقع الأزرق مكاناً للتواصل مع أي شخص تقريباً في أي مكان، وبحلول عام 2023 بات يُستخدم من قبل أكثر من 3 مليارات شخص شهرياً، ما يعني نمواً بنسبة ثلاثة في المائة مقارنة بعام 2022.
بدايات "فيسبوك"
عام 2003، بدأ مارك زوكربيرغ، خبير الكمبيوتر البالغ من العمر 19 عاماً، العمل في السكن الجامعي في جامعة هارفارد على شبكة عبر الإنترنت تهدف إلى ربط طلاب الجامعة الأميركية المرموقة. في 4 فبراير/ شباط 2004 أطلق موقع thefacebook.com مع ثلاثة من أصدقائه.
وكان الموقع في الأصل مقصوراً على طلاب كلية هارفارد، ثم أصبح متاحاً للطلاب في جامعات أميركية أخرى، قبل فتحه للعموم في 2006.
ترك زوكربيرغ جامعة هارفارد، وانتقل إلى وادي السيليكون في كاليفورنيا. وتلقت الشركة الجديدة أول استثمار خارجي رئيسي لها بقيمة 500 ألف دولار من المؤسس المشارك لـ"بايبال"، بيتر ثيل.
"فيسبوك" يحصد النجاحات
عام 2008، أطاح "فيسبوك" "ماي سبيس"، ليصبح موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في العالم، وأطلق أول تطبيق للهاتف المحمول في العام التالي.
مع ارتفاع أعداد المستخدمين بشكل صاروخي، لعب الموقع دوراً متزايداً في تشكيل النقاش العام. ففي 2011، لعب دوراً رئيسياً في إعطاء صوت للشباب العربي وسط ثورات الربيع العربي.
وبَنَت الشركة قوتها على شراء أو تقليد المنافسين المحتملين، حتى باتت عندها "عائلة" من التطبيقات، أبرزها "إنستغرام" و"واتساب".
وفي 2012، اشترت الشركة تطبيق مشاركة الصور "إنستغرام" مقابل مليار دولار. وفي أكتوبر/تشرين الأول من 2012، تجاوز عدد مستخدمي "فيسبوك" المليار.
ومع السنوات نجح "إنستغرام" في منافسة "سناب شات" و"تيك توك" اللتين تحظيان بشعبية كبيرة لدى المراهقين، عبر استنساخ أبرز ميزاتهما في عرض المحتوى، وهي المقاطع القصيرة و"القصص" (stories).
ويوصف شراء "إنستغرام" كأحد أفضل القرارات التجارية التي اتخذتها الشركة. فقد أدّت هذه الخطوة إلى القضاء على أحد المنافسين، وتوفير منصة جديدة للإعلانات، وجذبت مستخدمي الإنترنت الشباب الذين فقدوا اهتمامهم بـ"فيسبوك".
عام 2014، ركز "فيسبوك" على مستخدمي الهواتف الذكية الأصغر سناً عن طريق شراء منصة المراسلة "واتساب" مقابل 19 مليار دولار.
وضرب "فيسبوك" أيضاً على وتر حساس من خلال إضافة "المجموعات" التي تتيح للمستخدمين إنشاء مجتمعات حول اهتمامات مشتركة مثل الرياضة أو المشاهير أو الزراعة، بحيث تضمن التواصل حولها عبر الإنترنت وكذلك في العالم الحقيقي.
ومن الشائع أيضاً استخدام قسم التسوّق الذي يتيح للأشخاص البيع والشراء عبر الموقع الأزرق.
أزمات "فيسبوك"
يُنسب إلى "فيسبوك" الفضل في المساعدة في فتح الباب أمام "انتشار المحتوى على نطاق واسع"، وتغذية المواقع الإخبارية بالزيارات عبر الإنترنت.
وكلما زاد عدد المستخدمين الذين يتفاعلون مع الشبكة الاجتماعية، زادت قدرتها على تقديم إعلانات لكسب المال، مستغلةً المعلومات التي يقدمها المستخدم لها من أجل استهدافه بإعلانات تناسبه هو بالضبط.
لكن استخدام معلومات المستخدمين، الذي جعل "فيسبوك" يستهدفهم بالإعلانات المخصصة ويكسب منهم ثروة، كان سبباً لظهور شكاوى وتكبيد الشركة غرامات متتالية.
فعام 2016، تورط "فيسبوك" في جدل حول استخدام روسيا المزعوم له ولمنصات التواصل الاجتماعي الأخرى لمحاولة التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أوصلت دونالد ترامب إلى السلطة.
وعام 2018، اتضح أن شركة الاستشارات البريطانية "كامبريدج أناليتكا" جمعت البيانات الشخصية لملايين مستخدمي "فيسبوك" خلسة واستخدمتها لأغراض سياسية، بما في ذلك حشد الدعم لترامب.
وتعرض زوكربيرغ للاستجواب في الكونغرس الأميركي، وتعهد ببذل المزيد من الجهود لمكافحة الأخبار الزائفة والتدخل الأجنبي في الانتخابات وخطاب الكراهية وتشديد إجراءات حماية خصوصية البيانات.
وعام 2021، تعرضت الشركة لانتقادات بسبب اتهامات المبلغين عن المخالفات بأن المديرين التنفيذيين يعطون الأولوية للربح على حساب سلامة وراحة المستخدمين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، اتهمت عشرات الولايات الأميركية "ميتا" بالإضرار بالصحة العقلية للأطفال والمراهقين. واستجابت "ميتا" لاحقاً بخطط لتشديد قيود المحتوى على المراهقين على "إنستغرام" و"فيسبوك".
وفي العام نفسه، فُرضت على الشركة غرامة قياسية قدرها 1.2 مليار يورو (1.3 مليار دولار) في أيرلندا بسبب نقل البيانات الشخصية بشكل غير قانوني بين أوروبا والولايات المتحدة، في انتهاك لقواعد الاتحاد الأوروبي.
من "فيسبوك" إلى "ميتا"
على الرغم من كل الأزمات أعلاه، استمرت "فيسبوك" في النمو والاستثمار في المزيد من الابتكارات، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي.
وغيّرت "فيسبوك" اسم شركتها الأم إلى "ميتا" في أواخر عام 2021، قائلة إن ذلك يرجع إلى رؤية زوكربيرغ للعوالم الافتراضية الغامرة، التي يشار إليها باسم "ميتافيرس"، باعتبارها المنصة الرئيسية في المستقبل.
وفي 3 فبراير/شباط 2022، انخفض سعر سهم الشركة، مما أدى إلى محو أكثر من 200 مليار دولار من قيمتها السوقية بعدما حذّرت من تباطؤ في نمو الإيرادات.
لكن حتى في عام غير مثالي بالنسبة لها مثل 2022، وصلت أرباحها إلى 23 مليار دولار.
وانتعشت أسهم المنصة بشكل مذهل في أواخر عام 2023، وسجّلت رسملة تزيد عن تريليون دولار في أوائل عام 2024.
وفي يوليو/تموز 2023، أطلقت "ميتا" تطبيق "ثريدز"، لمنافسة "إكس"، المعروف سابقاً باسم "تويتر"، بعدما نفّر الأخير المستخدمين بسبب قرارات إيلون ماسك المثيرة للجدل.
وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، بدأت في تقديم اشتراكات مدفوعة خالية من الإعلانات في أوروبا للمستخدمين غير الراغبين في جمع بياناتهم الشخصية.
وصحيح أن المستخدمين الشباب يتخلون عن تطبيقات الشركة بشكل متزايد لمصلحة "تيك توك" و"سناب شات"، ولكن مع ما يقرب من 1.96 مليار مستخدم نشط، تظل "فيسبوك" الشبكة الاجتماعية الأكثر استخداماً في العالم.
وتعد المنصة "جزءاً من المشهد الرقمي"، خاصة بالنسبة لـ"جيل الألفية" الذين وُلدوا في الثمانينيات أو التسعينيات، لذا فإنها لا تزال تحقق الانتشار وتجذب المعلنين.
وتنقل وكالة فرانس برس للأنباء عن المحللة في شركة كرييتيف استراتيجيز للتحليلات، كارولينا ميلانيسي، معلّقةً على قوة بقاء الشبكة الاجتماعية لعقدين: "قد نكون أقل تفاعلاً، لكننا لم ننسحب لأنه لا يوجد بديل حقيقي".
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك