في اليوم الأول من العام الجديد 2025، يثير توقف عملاق الغاز الروسي غازبروم عن ضخ "الوقود الأزرق" عبر المنظومة الأوكرانية لنقل الغاز، قلق المشترين الأوروبيين الذين لا يزالون يعتمدون على الغاز الروسي المورد عبر الترانزيت الأوكراني، وعلى رأسهم سلوفاكيا بعد فشل المحاولات كافة لتمديد عقد عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا، رغم استمرار سريان مفعول العقود طويلة الأجل مع بضع دول أوروبية.
وفي كلمة له اليوم الأربعاء، حذر رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيتسو، الذي زار موسكو في نهاية العام المنصرم، في محاولة منه لإيجاد مخرج من أزمة الغاز، من أن توقف ترانزيت الغاز الروسي عبر أوكرانيا سيؤدي إلى تداعيات قاسية على الاتحاد الأوروبي بأسره، وليس على روسيا وحدها.
وفيما لا تزال لدى المشترين الأوروبيين مهلة لحل مشكلة نقص الغاز، نظراً لامتلاء المستودعات تحت سطح الأرض، لم يسلم السكان الموالون لروسيا في إقليم ترانسنيستريا المدعوم منها في جمهورية مولدوفا السوفييتية السابقة من تداعيات فورية لتوقف الترانزيت، إذ أعلنت شركة تيراس تيبلو إنيرغو المحلية للطاقة قطع التدفئة عن المباني السكنية والجهات الحكومية باستثناء المؤسسات الطبية والاجتماعية.
ومع ذلك، لم تعد دول أوروبية كثيرة تعتمد على واردات الغاز الروسي الذي تراجعت حصته بسوق القارة العجوز بمقدار أكثر من النصف بعد بدء الحرب الروسية المفتوحة في أوكرانيا عام 2022، ولكن بعض الدول لم تزل تعتمد بنسب متفاوتة على الغاز الروسي المورد عبر أوكرانيا، ومن بينها سلوفاكيا والتشيك والمجر وإيطاليا ومولدوفا (دولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي)، بالإضافة إلى النمسا التي ظلت المشتري الرئيسي للغاز الروسي في أوروبا، حتى إن فسخت عقدها المبرم مع "غازبروم" حتى عام 2040، على خلفية الخلاف بسبب شرط جزائي عن تعطل الإمدادات في عام 2022.
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، أعلن "غازبروم" وقف ضخ الغاز اعتباراً من الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت موسكو، نظراً لانتهاء عقد الترانزيت الذي أبرم مع شركة "نفطوغاز" في نهاية عام 2019 لمدة خمس سنوات. وقالت الشركة الروسية في بيان: "على خلفية الرفض المتكرر والواضح من الجانب الأوكراني لتمديد هذه الاتفاقات، حرم غازبروم الإمكانية الفنية والقانونية لضخ الغاز للترانزيت عبر الأراضي الأوكرانية اعتباراً من 1 يناير/كانون الثاني 2025. ابتداءً من الساعة 8:00 بتوقيت موسكو لم يعد يُضَخ الغاز الروسي لنقله عبر الأراضي الأوكرانية".
وأكدت أوكرانيا هي الأخرى توقف الترانزيت، إذ وصفته وزارة الطاقة الأوكرانية بأنه "حدث تاريخي" وخطوة "تصب في مصلحة الأمن القومي" الأوكراني، وذلك بعد أن استبعدت كييف مراراً إمكانية صفقة ترانزيت جديدة مع موسكو، فيما أقرّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الخميس الماضي، هو الآخر باستحالة تمديد عقد ترانزيت الغاز الروسي قبل انتهاء عام 2024 بأيام عدة، مشدداً في الوقت نفسه على أن روسيا لم ترفض يوماً توريد موارد الطاقة إلى أوروبا.
وكانت موسكو وكييف قد وقعتا في نهاية عام 2019 حزمة من الاتفاقات كانت من شأنها تسوية الخلافات القضائية بين شركتي غازبروم الروسية ونفطوغاز الأوكرانية وإإبرام عقد ترانزيت جديد مدته خمس سنوات قابلة للتمديد لعشر سنوات إضافية.
وحينها، نص العقد على ضخ "غازبروم" ما لن يقل مجموعه عن 225 مليار متر مكعب من الغاز، بما فيها 65 ملياراً في عام 2020، و40 ملياراً في كل من أعوام 2021 - 2024. وفي وقت لم يُكشَف فيه عن تعريفة الترانزيت رسمياً، توقع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن يدرّ العقد على بلاده ما لا يقلّ عن 7 مليارات دولار بواقع أكثر من مليار دولار سنوياً.
إلا أن الإمدادات الفعلية في إطار الترانزيت انخفضت إلى 14.6 مليار متر مكعب فقط في عام 2023، بعد توقف ضخ الغاز عبر محطة سوخرانوفكا الواقعة في مقاطعة لوغانسك الأوكرانية التي ضمتها روسيا تحت مسمى "جمهورية لوغانسك الشعبية"، إذ عزفت كييف عن استخدامها منذ مايو/أيار 2022 بذريعة نشوب ظروف قهرية من جهة فقدان أوكرانيا السيطرة على الأراضي الكائنة فيها المحطة.
ومع ذلك، واصل "غازبروم" حتى انتهاء عقد ترانزيت ضخ نحو 42 مليون متر مكعب من الغاز يومياً عبر الأنبوب الأوكراني بواسطة محطة سودجا الواقعة في مقاطعة كورسك الحدودية الروسية، رغم أنها تشهد توغلاً لقوات الجيش الأوكراني منذ أغسطس/آب الماضي.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك