لأول مرة منذ اندلاع حرب الانقلابيين على الشعب اليمني، يأتي المبعوث الرابع للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبورغ، بأجندة تأخذ من الحوثيين ولا تعطيهم وتنصرف في جانب منها الأذهان عن المعركة العسكريةالمستحقة مع الحوثيين من أجل استعادة الدولة .
سيتعين على جماعة الحوثي أن تستجيب لمطالب أساسية تعالج في شق منها جانباً إنسانيا ملحاً يتمثل في الإطلاق الفوري وغير المشروط للموظفين الأممين والعاملين في السفرات الأجنبية.
وفي الشق الثاني من مهمة المبعوث الأممي سيتم التركيز على التفاهمات وإجراءات بناء الثقة التي كانت دائما تنصرف لصالح الجماعة الحوثية. وهنا سيطالب المبعوث الأممي بإعادة تصدير النفط، مقابل بقاء سياسة الانقسام النقدي التي كرّسها الحوثيون وضمنوا من خلالها سيطرة تخلو من أية كلفة أو التزامات تجاه الشعب اليمني، خصوصاً بعد إبطال القرارات الحاسمة للبنك المركزي اليمني في عدن.
هذه الأجندة تحولت إلى التزامات حصرية على الحوثيين، الذين لطالما تملصوا من الإلتزامات السياسية والعسكرية وهربوا من الاستحقاقات الأساسية للسلام إلى الجانب الإنساني والاقتصادي.
طريقة استقبال المبعوث الأممي من جانب الحوثيين تختلف عن أي وقت مضى، فهناك حفاوة وأمل بإمكانية أن يستعيد الحوثيون اهتمام المجتمع الدولي بالسلام في اليمن على وقع السيناريوهات غير الجيدة بشأن حرب طرفها الآخر الولايات المتحدة وحليفها الصهيوني المدلل.
زيارة المبعوث الأممي تلبي أيضاً جزء من الأهداف التكتيكية السعودية، فهي تصرف الأذهان عن استحقاق التعامل العسكري مع الحوثيين عبر حلفاء المملكة على الأرض.
ذلك أن الرياض في فسحة من أمرها فيما يخص التعامل مع الحوثيين في ظل توفر إمكانية للوصول إلى ما تريد عبر مفاوضات تجري هذه المرة تحت الضغط العسكري الأمريكي-الصهيوني.
التحركات عديمة القيمة السياسية والاستراتيجية للمبعوث الأممي وزيارته لصنعاء؛ على الرغم من صبغتها وأجندتها المختلفة هذه المرة، فإن أكثر ما توحي به هو أن خيار الحرب اليمنية اليمنية، ليست خياراً ملحاً لدى الداعم الإقليمي.
لم يقتصر الأمر على تحريك المياه الراكدة، بل أن غرفة عمليات الأزمة والحرب في اليمن ضاعفت من عملها في إشغال اليمنيين، من خلال الترويج لتقارير منتقاة للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والتي تحدثت عن ملفات فساد، قيل أن مجلس القيادة الرئاسي هو من أثارها ليوحي بأنه قوي وفعال ومسيطر.
والحقيقة أن الفساد في اليمن أوسع من الأرقام المالية المتواضعة التي أثارها تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. فالفساد المالي هو النهج الذي يتحكم بسلوك كل الأطراف الداخلية والخارجية المعنية بالملف اليمني.
والفساد في شقه السياسي ينعكس في التعيينات غير الموفقة لشخصيات تافهة وغير مؤهلة، وفي الصراعات العبثية بين مكونات الشرعية، وفي الانتهاكات الأمنية لمقر الرئاسة في عدن، وفي فرض الأنفصال بطريقة عبثية، وفي وجود السلطة الشرعية خارج البلاد، وفي نظام الرهائن الذي أعيد إحياؤه من خلال إبقاء عوائل القادة في عواصم عربية بهدف التحكم الكامل بسلوكهم وأدوارهم.
والفساد في وجود كيانات مسلحة خارج وزارتي الدفاع والداخلية، وفي غياب مجلس النواب وغياب دور مجلس الشورى، وفي التضاؤل المستمر لنفوذ الدولة اليمنية في أكثر أجزاء الوطن أهمية واستراتيجية من اليمن.
من صفحة الكاتب على منصة X
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك