حرائق لوس أنجليس تلتهم منازل الأثرياء وشركات تأمين أمام خطر الإفلاس

 

لم تقتصر خسائر أصحاب المنازل الأثرياء في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا الأميركية، على الحرائق التي التهمت منازلهم ومقتنياتهم، بل امتدت إلى تضاؤل فرص الحصول على تعويضات كافية من شركات التأمين عما فقدوه من منازل ومقتنيات. بينما يخشى آخرون تداعيات هذه الحرائق على القطاع العقاري في كاليفورنيا والتي يمكن أن تمتد للاقتصاد الأميركي بأكمله.

ويقدر خبراء وفقاً لموقع ياهو فاينانس "Yahoo Finance" سعر المنزل الواحد بنحو 3.5 ملايين دولار في المنطقة الراقية باسيفيك باليساديس التي كانت إحدى خمس مناطق طاولتها الحرائق في لوس أنجليس. كما تفيد تقارير أميركية بأن معرفة المدى الكامل للأضرار الناجمة عن الحرائق التي لم تهدأ بعد سوف تستغرق أسابيع. والتهمت خمسة حرائق نحو 29000 فدان من الغابات والمنازل في جميع أنحاء لوس أنجليس والمناطق المحيطة في الولاية والتي تعاني من الجفاف الذي دام شهورًا.

مخاوف من انهيار السوق العقاري في كاليفورنيا

تضرر أو دمر أكثر من 5000 مبنى بسبب حريق باليساديس، ولا تزال أربعة حرائق كبرى أخرى مشتعلة في جميع أنحاء المدينة مع تعرض أكثر من 57000 مبنى لخطر شديد وإجلاء أكثر من 150 ألف شخص. وفقا لوكالة بلومبيرغ. وفي وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، قدرت شركة جي بي مورغان تشيس أن الأضرار المؤمن عليها قد تتجاوز 20 مليار دولار، فيما من المؤكد تقريبًا أنه سيصبح أغلى حريق غابات في تاريخ الولايات المتحدة.

كما يتوقع بنك ويلز فارجو وقوع خسائر مشمولة بالتأمين بذات المبلغ. وقال إن الضرر الاقتصادي الإجمالي الناجم عن الكارثة قد يتجاوز 60 مليار دولار، وفقاً لوكالة رويترز. بينما نقلت بلومبيرغ عن خبراء مناخ أنهم كانوا يراقبون بقلق مثل هذا السيناريو، مدركين في السنوات الأخيرة أن حرائق الغابات لديها الآن إمكانية مماثلة لانهيار النظام مثل الزلزال الكبير الذي قد يقلب حياة الناس ويزعزع استقرار سوق العقارات السكنية في كاليفورنيا التي تبلغ قيمتها 10 تريليونات دولار.

وقررت مجموعةٌ وفقاً للوكالة ذاتها، اجتمعت لدراسة أسوأ السيناريوهات أن ثلاث مناطق محددة في الولاية معرضة للخطر بشكل خاص وقادرة على التسبب في تداعيات بعيدة المدى. كانت إحدى هذه المناطق هي باسيفيك باليساديس، وهي حي في لوس أنجليس تحول إلى رماد هذا الأسبوع بسبب إحدى موجات الحرائق الخمس على الأقل التي اندلعت في جميع أنحاء المدينة.

 

وقال مايكل وارا، الباحث الكبير وخبير حرائق الغابات في جامعة ستانفورد: "إن منطقة باسيفيك باليساديس تبرز حقًا، حتى في سياق المناطق عالية الخطورة في كاليفورنيا". وكان وارا عضوًا في مجموعة الخبراء قبل خمس سنوات التي عملت على تصور المسؤوليات الكابوسية لشركات المرافق العامة في الولاية. "إنها مثل عين الثور من حيث أحد المواقع التي يمكن أن تخسر فيها صناعة التأمين أكبر قدر من المال في غضون 24 ساعة".

ويتوقع خبراء مناخ في تصريحات لبلومبيرغ، أن يشهد جنوب كاليفورنيا اندلاع المزيد من الحرائق الشديدة خلال أشهر الشتاء، مما يترك ملايين السكان - وبعض العقارات الأكثر قيمة في البلاد - في مرمى النيران. وهو ما دفع السيناتور الديمقراطي عن الولاية شيلدون وايتهاوس للتعبير عن مخاوفه من انهيار القطاع العقاري في كاليفورينا ومن ثم امتداده لباقي الاقتصاد الأميركي متسببا في أزمة مالية جديدة على غرار الأزمة المالية في 2008.

وقال للوكالة ذاتها، إن "هذه الكوارث سوف تجعل شركات التأمين أكثر حذراً بشأن تأمين المنازل والشركات في المجتمعات المعرضة للخطر. وهذه هي الطريقة التي تبدأ بها الإخفاقات المتتالية: فالممتلكات غير القابلة للتأمين غير قابلة للرهن العقاري، والممتلكات غير القابلة للرهن العقاري تفقد الكثير من قيمتها مع تقلص مجموعة المشترين المتاحين". وأضاف وايتهاوس: "كما رأينا مع الأزمة المالية في عام 2008، فإن الانهيار في قيم الممتلكات سرعان ما يتحول إلى انهيار على مستوى الاقتصاد بأكمله". لقد ترك النزوح المتصاعد لشركات التأمين الخاصة شركة التأمين المدعومة من الدولة كملاذ أخير. 

ولا تأخذ بعض تقديرات الخسائر الاقتصادية في الاعتبار تكاليف الرعاية الصحية، "ومع ذلك، فإن تقديرات الأضرار هذه لا تأخذ في الاعتبار التأثيرات الصحية المرتفعة المحتملة للدخان، والتي تتسبب في تكاليف خفية مرتبطة بالصحة تقدر بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة سنويًا" وفقا لبلومبيرغ.

حرائق لوس أنجليس تهدد بخطر إفلاس شركات التأمين 

تهدد حرائق الغابات في لوس أنجليس بدفع سوق التأمين الهشة في كاليفورنيا إلى حافة الهاوية. فقد قامت سبع من أكبر 12 شركة تأمين على المنازل بتقييد تغطيتها في الولاية على مدى العامين الماضيين؛ ويشكل ارتفاع مخاطر الحرائق بسبب تغير المناخ جزءًا من السبب. وفي الوقت الحالي، لا يملك أصحاب المنازل في كاليفورنيا في المناطق عالية الخطورة سوى خيارات قليلة للتأمين. وقد لجأ العديد منهم إلى خطة كاليفورنيا فير "California FAIR"، وهو برنامج خاص أنشأته الولاية وصُمم ليكون شركة تأمين ضد الحرائق كملاذ أخير.

وعادةً ما تكون التغطية أكثر تكلفة وأقل شمولاً من بدائل التأمين الخاصة، لكن سكان كاليفورنيا يتجهون إلى البرنامج بأعداد كبيرة، حيث كان هناك حوالي 452000 بوليصة سكنية سارية المفعول اعتبارًا من سبتمبر/أيلول 2024، أي أكثر من ضعف المستوى في سبتمبر 2020، بحسب ياهو فاينانس اليوم الأحد. وعلى الرغم من أن خطة FAIR لديها ما يصل إلى 458 مليار دولار من الأصول المؤمن عليها، اعتبارًا من سبتمبر الماضي، فقد اعترفت سابقًا بأن لديها أصولًا وإعادة تأمين أقل بكثير لتغطية الأضرار.

كانت عدة شركات تأمين تنزف الأموال في كاليفورنيا في السنوات الأخيرة مع اشتداد حرائق الغابات. كان حريق كامب فاير في شمال كاليفورنيا في عام 2018 هو أعنف وأكثر حرائق الغابات تدميراً في تاريخ الولاية، حيث دمر بلدة بارادايس وتسبب في خسائر مؤمنة بلغت حوالي 10 مليارات دولار. ومع مرور الوقت، اتسعت الفجوة بين ارتفاع تكلفة المخاطر وما يمكن لشركات التأمين أن تفرضه بعد حرائق الغابات المدمرة في عامي 2017 و2018، عندما خسرت شركات التأمين الخاصة عقودًا من الأرباح وبدأت في الانسحاب من الولاية.  

وتراجعت أسهم شركات التأمين الأميركية في نهاية تعاملات الأسبوع أول من امس الجمعة،  بعدما قدر محللون أن الخسائر المشمولة بالتأمين والناجمة عن حرائق الغابات في لوس أنجليس قد تصل إلى 20 مليار دولار، مما قد يجعلها الكارثة الأعلى تكلفة في تاريخ ولاية كاليفورنيا.