تحسّن نسبي أمام العملات الأجنبية.. ما أسباب الانتعاش المفاجئ للعملة الوطنية؟

 
شهد الريال اليمني تحسناً ملحوظاً خلال اليومين الماضيين، بعد موجة انهيار غير مسبوقة، على خلفية إجراءات جديدة اتخذها البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن لضبط سوق الصرافة.
وبحسب مصادر مصرفية، فإن سعر صرف الدولار وصل مساء الأربعاء إلى 2400 ريال يمني للدولار الواحد في المدن المحررة، بعد أن كان قد تجاوز حاجز 2900 ريال خلال الأيام الماضية، كما سجل سعر صرف الريال السعودي إلى 630 ريال، مع فروقات بين محال الصرافة.
يأتي هذا التحسّن بعد أيام من قرارات للبنك المركزي،  تمثلت في تشكيل لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد، بهدف احتواء الفوضى الحاصلة في الأسواق النقدية والمصرفية وعمليات استيراد السلع والبضائع إلى البلاد، وإلغاء تصاريح 30 شركة صرافة مخالفة، واستكمال نقل المنظومة المصرفية إلى عدن، وهي خطوة وصفها المحافظ أحمد غالب المعبقي بأنها "نقلة نوعية" لتعزيز الرقابة وتفعيل أدوات السياسة النقدية.
وقال المحافظ، الأربعاء، خلال اجتماع حكومي، إن البنك اتخذ سلسلة من التدابير العاجلة، منها التدخل المباشر في السوق، ووقف طباعة العملة، وتفعيل أدوات الدين العام، بالإضافة إلى التنسيق مع الجهات الأمنية لضبط الأنشطة غير القانونية،  مشيرا إلى أن هيكلة الشبكة الموحدة للبنوك ستُمنح قيادتها للقطاع المصرفي، بما يُمكّن من رقمنة العمليات المالية بدعم من البنك الدولي، وتعزيز الشمول المالي، وتطوير أنظمة المدفوعات.
ويرى خبراء أن هذا التحسُّن يعكس تأثير الإجراءات إذا ما استمرت، لكنهم حذروا من أن استمرار المضاربات وانعدام الاستقرار قد يعيدان العملة إلى مربع الانهيار.
امتلاك القرار وتفعيل لجنة المشتريات 
يقول الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، إن عودة "الريال اليمني إلى التعافي مجددا بشكل طفيف، أمام العملات الصعبة، بعد أن شدد البنك المركزي اليمني في عدن قبضته على عملية بيع وشراء العملات، عبر ضبط أدوات المضاربة، والمتلاعبين بقيمة العملة"، مؤكدا أن المسألة هو امتلاك القرار والإرادة والقدرة على التنفيذ وضبط أدوات ومنافذ المضاربة.
وشدد صالح في منشور له على إجراءات استمرار العمل بهذه الوتيرة،  وعدم إتاحة السوق مجددا للمضاربين والشبكات المالية الموازية، التي تلاعبت بقيمة بالريال طوال الفترات الماضية.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إن "التقلبات الحادة في سعر الصرف لم تكن طبيعية، سواء في الانهيار السريع خلال الأيام الماضية أو في التحسن المفاجئ خلال ساعات قليلة، ما يعكس هشاشة السوق النقدية وغياب الاستقرار".

وأضاف نصر أن "المضاربة وفوضى سوق الصرافة لعبت دورًا رئيسيًا في تعميق الأزمة، لذا فإن الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي في عدن – بما في ذلك تفعيل لجنة المشتريات وتشديد الرقابة على شركات الصرافة – كان لها أثر إيجابي ملموس، وينبغي استمرار هذه الجهود للقضاء على السوق الموازية المنفلتة، رغم التحديات المتوقعة".
وأكد نصر في منشور على صفحته في الفيسبوك تابعة يمن شباب نت، أن الأسباب الجذرية للتدهور لا تزال قائمة، وأبرزها شح الموارد من النقد الأجنبي نتيجة توقف تصدير النفط وأخطاء في السياسات المالية والنقدية. 
وشدد أن معالجة هذا الملف أو الحد منه من جانب السلطة الشرعية أمر مهم لضمان الاستقرار، مؤكدا أن المطلوب من مؤسسات الدولة هو دعم البنك المركزي اليمني وتوفير الغطاء السياسي، والعمل العمل على استعادة الموارد وتحقيق الحد الأدنى من الاستدامة المالية، والابتعاد عن دور المتفرجين والبحث الشهري عن المرتبات فقط، لأن غياب الحلول المستدامة يهدد أي تحسن في قيمة العملة.
وتابع نصر: "استمرار حالة عدم اليقين والانقسامات بين مكونات الشرعية يعرقل أي مسار إصلاحي. إصلاح منظومة الشرعية وآليات اتخاذ القرار بإرادة سياسية جادة هو الخطوة الأولى قبل أي إصلاح اقتصادي، رغم أهمية تكاملهما معًا".
ووجه مصطفي نصر نصيحة للمواطنين بالقول: لا تنجروا وراء المضاربة أو الفخاخ التي ينصبها المتلاعبون بالعملة، ومن لديهم حسابات لدى شركات الصرافة فعليهم الحذر، لأن ضياع الأموال مسألة وقت في ظل غياب الرقابة الصارمة.
الآثار المتوقعة للإجراءات
من جانبه، وصف أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، الدكتور محمد قحطان، السياسات الأخيرة التي بدأ البنك المركزي اليمني تنفيذها في العاصمة المؤقتة عدن، بأنها "الخطوة النقدية الصحيحة الأولى منذ سنوات"، مشيرًا إلى أنها ستسهم في استقرار سعر صرف الريال اليمني وتعافي الدورة الاقتصادية في البلاد.
وقال الدكتور قحطان في مقال له، إن الإجراءات الأخيرة للبنك – وفي مقدمتها وضع سقف أعلى لسعر صرف العملات الأجنبية مقابل الريال، والتخفيض التدريجي لهذا السقف، مع تشديد الرقابة على السوق النقدية – تمثل بداية مسار إصلاحي جاد، طالما دعا إليه الخبراء والمختصون خلال الفترات الماضية.
وأضاف أن نجاح هذه السياسة يتطلب دعما حكوميا مباشرا، خاصة من قبل أجهزة الأمن القومي والرقابية، باعتبار أن الانهيار الاقتصادي يمثل تهديدًا للأمن القومي. وشدد على ضرورة فرض الالتزام بتعليمات البنك في قطاع الصرافة، ومواجهة المضاربة بالعملات بكل حزم.
وأشار إلى أن توحيد الجهاز المصرفي سيسهم في إعادة الدورة النقدية إلى طبيعتها، ويدفع بعجلة الاستثمار والتنمية، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على الوضع الاقتصادي والإنساني، ويخفف من حدة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< صرف الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي في صنعاء وعدن لليوم الخميس
< أميركا تفرض أكبر حزمة عقوبات على إيران منذ 2018 ( تفاصيل)
< ما التسونامي؟ وكيف يحدث؟
< تشات جي بي تي يتجاوز اختبار "أنا لست روبوتا" المرعب
< بايرن ميونيخ يعلن رسميا ضم لويس دياز من ليفربول
< 14 قتيلاً فلسطينياً بنيران إسرائيلية قرب مراكز مساعدات في غزة
< تعرف على أكثر 10 سيارات شعبية ومبيعا في العالم

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: