بدا مصير هدنة اليمن التي أعلن عنها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وسلطنة عُمان، حتى عصر أمس الخميس، غامضاً مع عدم صدور أي موقف رسمي من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية بتأكيد الموافقة على الاتفاق، في وقت تمسكت فيه الحكومة بموقفها الذي يطالب باعتماد المرجعيات الأساسية لأي حل، من دون أن تعلن موقفاً رسمياً من الهدنة المفترض أن تبدأ مساء السبت.
وشهدت العاصمة السعودية الرياض أمس الخميس حراكاً دبلوماسياً، إذ التقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، مساعد وزير الخارجية الأميركي تيم ليندر كينغ، والسفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر. وقال موقع وكالة الأنباء اليمنية بنسختها الحكومية، إن الاثنين حملا "رسائل عدة من الوزير كيري تحمل الاعتذار عما حصل وفُسر في وسائل الإعلام التي أخرجت الأمر عن سياقه"، من دون أن توضح جزئية الاعتذار على وجه التحديد، بناء على مخرجات لقاء مسقط، التي أعلن عنها كيري يوم الثلاثاء الماضي.( إلا أن الخارجية الأمريكية قالت أنه توضيح وليس إعتذار ) .
ونقلت الوكالة اليمنية عن المسؤول الأميركي الذي التقى هادي أنه "لا يمكن للسلام أن يتحقق إلا بقيادة اليمن الشرعية باعتبارها أساس السلام وداعية دائمة له خلال محطات السلام والمفاوضات المختلفة". وأضاف: "خارطة الطريق هذه (إشارة لخطة المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد المرفوضة حكومياً) لا تعد اتفاقية بل مرشداً ودليلاً أولياً لبدء واستئناف المفاوضات التي يمكن طرح فيها ومن خلالها ما يمكن لإنجاح فرص السلام من دون تدخّل أو ضغوط من أحد باعتبار الحل في النهاية يصنعه اليمنيون أنفسهم".
فيما أفادت مصادر سياسية يمنية قريبة من الحكومة لـ"العربي الجديد" بأن لقاء مساعد وزير الخارجية الأميركي والسفير الأميركي بهادي جاء في إطار مساعي الولايات المتحدة لإقناع الحكومة الشرعية بالتعامل الإيجابي مع "خارطة الطريق" الدولية المقدمة من المبعوث الأممي ودعم استئناف وقف إطلاق النار في الموعد المحدد الذي أعلن عنه كيري في ختام زيارته إلى مسقط، بحيث كان من المقرر أن يبدأ الخميس، غير أن مصيره بدا غامضاً.
وفيما كان منتظراً من الحكومة اليمنية أن تعلن موقفاً رسمياً تجاه الهدنة، شهدت الرياض أمس اجتماعاً للرئيس اليمني بمستشاريه، أكد خلاله هادي "موقف الحكومة الواضح والصريح من خطوات ومسارات السلام الحقة التي يمكن لها حقن الدماء ووضع حد للصراع وتأسيس مستقبل آمن بعيداً عن ترحيل الأزمات"، معتبراً أن ذلك يأتي "انطلاقاً من تطبيق مرجعيات السلام المتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216". وتجاهل المجتمعون الحديث عن الهدنة بما يعني الرفض الضمني لها، وفقاً للموقف الذي سبق أن أعلنه وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، من أن الحكومة لم تكن على علم بما صرح به كيري ولا يعنيها.
على الجانب الآخر، ممثلاً بجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحزب "المؤتمر" الذي يترأسه صالح، بدا التعامل مع الهدنة أكثر جدية. وأكدت مصادر مطلعة قريبة من الجماعة لـ"العربي الجديد" أنه جرى التوقيع في العاصمة العُمانية مسقط، على اتفاق مبادئ لحل سلمي في البلاد، يتضمن أبرز النقاط التي أعلن عنها كيري في ختام زيارته لمسقط، والموضحة أيضاً في بيان لوزارة الخارجية العُمانية يوم الثلاثاء الماضي.
ويشمل الاتفاق، الذي جرى تسريب وثيقة منه، ورفضت الجماعة وحلفاؤها نفيها أو تأكيدها، الموافقة على استئناف الهدنة ابتداءً من 17 نوفمبر/تشرين الثاني ووفقاً للأحكام والشروط الواردة في اتفاق وقف الأعمال القتالية في العاشر من إبريل/نيسان الماضي، بالإضافة إلى إرسال الجماعة وحلفائها ممثليهم للمشاركة في اجتماعات لجنة التنسيق والتهدئة التي كان الانقلابيون يرفضون إرسال ممثليهم للمشاركة باجتماعاتها في ظهران الجنوب السعودية، بما يجعل الموافقة على إرسال الممثلين خطوة إلى الإمام، من شأنها ان تعزز موافقة التحالف على الهدنة. ويشمل الاتفاق أيضاً ووفقاً للوثيقة، موافقة شريكي الانقلاب على استئناف المشاورات قبل نهاية نوفمبر الحالي وفقاً لبنود خارطة الطريق المقدّمة من المبعوث الأممي، وبما يؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل نهاية العام الحالي في "صنعاء الآمنة" (أي بعد انسحاب الحوثيين منها كما فُسر من متابعين).
وحتى مساء أمس، بدا مصير الهدنة غامضاً مع عدم إعلان موقف رسمي من التحالف تجاهها، فضلاً عن غياب وجود بيان رسمي صادر عن الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يحدد موعد الهدنة على وجه الدقة، وفي العادة يبدأ الموعد في الساعة 11.59 مساءً، أي قبل دقيقة واحدة من دخول اليوم التالي.
الجدير بالذكر، أنه ووفقاً لمصادر حكومية مطلعة، فإن اتفاق مسقط جرى بين الحوثيين والأميركيين بشكل مباشر وبحضور وإشراف من سلطنة عُمان، في وقت لم يصدر فيه عن أي من دول التحالف بيان رسمي يحدد موقفاً من الاتفاق، باستثناء ما صرح به كيري، من أنه تواصل مع وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وأنهما وافقا على الهدنة والبنود الأخرى المتعلقة بتشكيل حكومة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك