(1) الدحبشة سلوك.
دعوني أخبركم في مقدمة حديثي هذا بأني أنظر إلى "الدحبشة" بأنها توصيف سلوكي وليس جغرافي، ذلك أنها رديف للفوضى وبسط النفوذ عنوة، كما أنها تنطوي على كثير من العمل العشوائي والغير مدروس، فأن تكون فوضويا وعشوائيا -ولو كنت من مواليد "الوضيع" بلد الرئيس مثلا- فأنت دحباشيا.. ولا مجال للتملص إلا بالاستقامة السلوكية وتحكيم العقل لا العبث وثقافة الأصوات العالية، في المقابل كثير من اصدقائي من "صنعاء" ليسوا من "الدحبشة" في شئ، وهذه وجهة نظري في الأمر لا ألزم بها أحد.
(2) عقلاء لا جبناء.
ترى حقك مهدور وأنت في أمس الحاجة إليه، ثم تسكت، فهذه سذاجة وجُبن لاعلاقة لها بالحكمة والقاعدة الأصولية "درء المفاسد أولى من جلب المكاسب"، وما يميّز العاقل عن غيره في هكذا ظروف.. طريقة المطالبة بذلك الحق وعدم السكوت والاستكانة في كل الأحوال، فما ضاع حقٌ وراءه مطالب، فإن غاب المطالب ضاع الحق.
(3) أحوال حضرموت.
ليس تشاكيا وإنما إقرار بواقع مرير، فمن الجيد تقييم الحال بقصد الخروج إلى أفضل منه، ولا أرى محافظة تعاني من التهميش أكثر من حضرموت، وأنا أعرف أنها أفضل من كثير من نظيراتها، ولكن المقارنة يجب أن تكون علمية، وليس مجرد إسقاطات ساذجة.
ماذا لو كانت ظروف حضرموت ومواردها لأبناء محافظة "شرسة" في شمال البلاد أو جنوبها، هل سيقبلون بتردي ظروف الحياة المعيشية وخدماتها الأساسية ؟
هل سيقبلون بأن يكون "منفذ الوديعة" على سبيل المثال تحت سيطرة قوات وقيادات من خارج محافظتهم، ومنطقتهم العسكرية الأولى كذلك ؟!
هل سيتقبلون أن تكون المحافظة التي ترفد البلاد بأكبر حصة من النفط تعاني من أزمة في المحروقات تسببت أيضا في انقطاع يصل إلى الخمس والست ساعات في التيار الكهربائي ونحن على أعتاب صيف صحراوي ملتهب.
هل سيكون مطار عاصمة المحافظة مغلق إلى الآن ؟
هل.. وهل.. وهل..؟!، والعشرات من الأسئلة التي تحمل إجابة واحدة، قطعا ستكون "NO" !
(4) غابة لا ترحم.
ليس من قبيل المبالغة والتلاعب اللفظي أن نطلق مجازا أننا في شبه غابة، لا مجال أن تكون مثاليا ووديعا، عقلانيا أكثر من اللازم، ليس خيارا أفضل أن تتمثل صفات الحضارم في السماحة والسكينة والرضا بعواقبها السلبية، أن تكون حضرميا في زمن "الدحبشة" فذلك أمر لن يعود عليك بالخير على المستوى القريب، وربما سيضيع حقك وتصبح كـ "الرجل الطيب" الذي يثني عليه الناس ويشفقون عليه في نفس الوقت، فطيبته قد يراها الكثير سذاجة وبرودة فجّة وغير محمودة البتّة، لاسيما وانها تحول بينه وبين الإستفادة املاكه المبعثرة.
(5) ادخلوا من باب واحد، ولا تفرّقوا.
لاينقص حضرموت شئ من المقومات البشرية والطبيعية ولله الحمد، تنقصهم فقط وحدة الكلمة وتوحيد الصف ورفع الصوت بهتاف واحد تسمعه الدنيا حينها، يجب أن نعرف ماذا نريد ككتله واحدة وكيان واحد تحت مظلة واحدة هي حضرموت، القيادات والأعيان والخطباء والإعلاميين كلنا نتبنى خطاب واحد في اتجاه واحد، وهي مسؤلية تأريخية أمام القيادات والأعيان بأن يتقدموا الصفوف ويجمعوا شتات الأمر ففي المجال متسع لكل ذلك، ولكن يجب أن نبدأ ومن الآن.
تجتمع القيادات لكل الأطياف والتكوينات والاحزاب على طاولة واحدة، ماذا نريد لحضرموت وكيف نمضي معا لتحقيق ذلك ؟، عجلة مؤتمر حضرموت الجامع نتتطلع أن تتحرك عاجلا بعيدا عن ضغوط السلطات المحلية والنركزية وسياساتهم، الحضارم يجب أن يقولوا كلمتهم، وكلمتهم فقط بدون أي إملاءات من أي طرف مهما كان.
بمقدور حضرموت أن تفتح قنوات تواصل مباشر مع دول الخليج وبتنسيق وتسهيل من السلطات المركزية، فليست أقل شأنا من غيرها الذين سبقوها إلى ذلك، هناك كم هائل من المشاريع والشراكات الإستثمارية لا أرى مسوّغ فعلي لعدم الشروع فيها، فالمحافظة حقل خصب ومواردها البحرية والطبيعية والجغرافية مذهلة، وستجني البلاد منها ذهب إن حَسُنت أدارتها، فلماذا كل هذا التخبّط في الإدارة وسؤ العمل ؟!
(6) إلى اخواننا من أبناء الوطن.
نحمل لكم كل المشاعر الأخوية، وحضرموت دائما أنموذجا للتعايش وقبول الآخر، يسكن أرضها أبناء الوطن من أقصها إلى أقصاه، لا نرى لأنفسنا أفضليه بمقدار ذرّة، ولا ننظر لغيرنا إلا بكل التقدير وجليل الإحترام والمحبة كذلك، فقط نحتاج أن نكون عند حسن ظنكم، وسنجتهد لنعطي لكم الأمل ونقدّم الأنموذج الذي تفتخرون به أيضا، في قوة أي محافظة في هذه البلاد قوة لنا جميعا، وتهاوي أي منطقة عالة علينا جميعا نحن في غنى عنها بكل تأكيد.
(7) صافرة الإنطلاق من الآن.
لكي تصل إلى رأس الهرم عليك أن تبني قواعده أولا بشكل جيّد، وهذا الذي نحتاجه بكل تأكيد، تمكين كل محافظة من نفسها وبأبنائها، ثم تجتمع محافظات كل إقليم، بعد ذلك تظهر ملامح اليمن الاتحادي.
الغير مبرر هو الانتظار مع إمكانية الانطلاقة، نستطيع أن نبدأ في الإطار الجغرافي الممكن من هذه اللحظة ولو بشكل مبدئي تعمل كل محافظة قادرة من إعادة تموضع لذاتها بما يتلاءم مع ظروفها وامكانياتها المتاحة، والعمل على تقوية نفسها من الداخل أولا، ومن ثم الإستعداد لما بعد ذلك، ولكل حادثٍ حديث، فالعافية لا يأتي دفعة واحدة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك