عصف حالة من الانقسام الحاد بصفوف حزب المؤتمر الشعبي العام إثر الاجتماع الذي عقد الأحد في العاصمة اليمنية صنعاء وأفضى إلى تكليف صادق أمين أبوراس بمهام رئيس الحزب في أجواء افتقرت إلى سيادة القرار وحرية الاختيار، نظرا لوقوع المدينة بقبضة ميليشيا الحوثي المتورّطة في قتل مؤسس المؤتمر ورئيسه السابق علي عبدالله صالح.
وتوالت ردود الأفعال الرافضة لمخرجات اجتماع اللّجنة العامّة للمؤتمر، كاشفة عمق الشرخ الذي أصاب الحزب وصعّب من مهمّة إعادة جمع شتاته.
وإلى جانب بيانات عدة صدرت عن فروع المؤتمر في المحافظات اليمنية، أصدرت قيادة المؤتمر في الداخل والخارج المحسوبة على جناح الرئيس الراحل علي عبدالله صالح بيانا عبّرت فيه عن رفضها المطلق لأي محاولة لتطبيع العلاقة مع الحوثيين واستئناف الشراكة بين الطرفين والتي أعلن رئيس الحزب عن فضّها في آخر خطاب له قبيل مقتله.
وذكّر البيان بسلسلة الانتهاكات التي مارستها الميليشيا الحوثية بحق كوادر وقيادات المؤتمر منذ مقتل رئيسه صالح وأمينه العام عارف الزوكا في الرابع من ديسمبر الماضي، في إشارة إلى محاولة بعض قيادات المؤتمر التي حضرت اجتماع صنعاء القفز على تلك الممارساتوتجاهلها.
وأكد البيان الذي نطق باسم معظم أعضاء اللجنة العامة المتواجدين في اليمن والقاهرة ومسقط وعدد من العواصم العربية الأخرى وصول أي تفاهمات مع الميليشيا الحوثية إلى طريق مسدود، وأنه لم يعد أمام المؤتمر الشعبي العام سوى إظهار موقفه الواضح في الخارطة الوطنية، ولوحة الصراع القائم متبرئا من أي تحالف أو اتفاق مع تلك الميليشيا، مؤكدا فك أي شكل من أشكال الارتباط أو الشراكة معها تأكيدا لما سبق وأن أعلنه صالح.
ووصفت قيادات المؤتمر في بيانها ما صدر عن اجتماع صنعاء بأنه “ارتداد واضح” عما أعلنه صالح ودفع حياته ثمنا له.
ومن جانبه أشار الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي ياسر العواضي في تغريدة له على صفحته في “تويتر” إلى رفضه لأي مواقف صدرت عن اجتماع صنعاء لا تتضمن فك الشراكة مع قتلة صالح والزوكا.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن تدخل الحوثيين بشكل مباشر في مجريات الاجتماع من خلال حضور بعض العناصر الحوثية المسلحة بذريعة تأمين الاجتماع، ولفتت المصادر إلى ممارسة قيادات حوثية لضغوط هائلة وصلت حد التهديد بالقتل على أعضاء اللجنة العامة المتواجدين في صنعاء.
وفي تصريح لـ”العرب” قال عضو اللجنة الدائمة في حزب المؤتمر ونائب رئيس دائرة المنظمات الجماهيرية محمد علي علاو إن ما صدر عن اجتماع صنعاء الذي تم في أحد الفنادق والموقع زورا باسم المؤتمر، هو بيان غير قانوني ومخالف للنظام الداخلي للمؤتمر وغير ملزم للمؤتمريين لأن من حضروا الاجتماع في حكم الرهائن لدى الميليشيا الحوثية.
ويرى العديد من المراقبين السياسيين أنّ ما يدور في كواليس حزب المؤتمر الشعبي العام هو محاولة لقيام بعض قيادات المؤتمر وكتله بإحداث مراجعة شاملة لمواقفها في ضوء التطورات الأخيرة ومن ثم تغيير حالة اصطفافها، وهو ما تدركه الجماعة الحوثية التي تسعى لاحتواء المؤتمر واختطاف صوته.
وحاولت جهات مساندة لعقد اجتماع صنعاء التسويق له كخطوة تكتيكية هادفة إلى التعامل مع المعطيات الجديدة كأمر واقع.
واعتبر المحلل السياسي السعودي علي عريشي في تصريح لـ”العرب” أن محاولة الحوثيين إدارة دفة حزب المؤتمر تأتي نتيجة شعورهم بالخطأ الفادح الذي اقترفوه بقتل علي عبدالله صالح، والذي كان يوفر لهم الغطاء السياسي في الداخل وأمام المجتمع الدولي.
وقال عريشي إن مساعي الحوثيين تلك تتعارض مع رفضهم أن يكون المؤتمر حزبا حقيقيا يمارس أدواره خارج بيت الطاعة، وهو ما يفسر الصورة المشوهة التي ظهر عليها اجتماع صنعاء، بعد أن تصدرت واجهة الاجتماع ومقاعده الأمامية شخصيات حوثية أمثال محمد المقالح عضو اللجنة الثورية وحنين قطينة المعيّن محافظا لصنعاء من قبل الحوثيين، والقيادي الحوثي علي القحوم وخالد الشريف، وكلها أسماء لا تنتمي لحزب المؤتمر وإنما هي أذرع لميليشيا الحوثي.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك