أقل ما يمكن فعله في هذه الأوقات السيئة هو مديح البندقية، هذه الأوقات المعتمة في حياة اليمنيين، تجلب معها الرغبة في امتداح الأشياء القاتلة، ولا شيء يستحق المديح في الوقت الراهن أكثر من إخواننا الذين يقاتلون في الجبهة.
في الوقت الراهن فإن المعركة الوحيدة التي تستحق الإشادة من بين كل المعارك التي يخوضها اليمني على مدار يومه، هي معركته في مواجهة الإرهاب، ومهمة ابن هذه الأرض في اللحظة الراهنة هي الحشد ضد كل هذا السواد القادم من الكهوف وعبر المفخخات. ذلك إننا إن نجحنا في هذا فإننا ننتصر للحياة وللمستقبل.
لا شيء يدمر الأمل في الغد أكثر من هؤلاء البشر الذين نذروا أنفسهم لـ "حزّ الرؤوس وجزّ الرقاب"، ولا شيء يجعلك تفقد الأمل في هذه الأرض أكثر من قتل الإنسان لأخيه الإنسان على هذا النحو البشع والمؤلم، تحت دعوى الجهاد في سبيل الله.
المعركة ليست على الجبهة وحدها، فبعض اليمنيين الذين يعتلون منابر المساجد أو يعتقدون أنهم أقرب من غيرهم للإسلام، لا يتوقفون عن سرد الذرائع لجرائم القتل والإرهاب للقاعدة، هؤلاء يجب مواجهتهم تماماً كما نواجه رجال القاعدة.
أرجو أن لا يتخيل أحد أن هذا الإرهاب الذي يحمل الرايات السوداء قد جاء من خارج هذه البلاد، وسيكون من أفضل الأشياء التي يمكن أن يدركها اليمني من هذه المواجهات هي مناقشة الفكرة التالية: تكاثر رجال الشر وقدرتهم على إلحاق الأذى والألم باليمنيين، لم يكن ليتحقق إن لم يجدوا ما يساعدهم على ذلك مثل الدولة الرخوة والمتدين المتطرف، أو بتعبير إيريك هوفر: "المؤمن الصادق".
لا يمكن لنا مواجهة هذا الكم الهائل من الكراهية والموت الذي يداهمنا برايات سوداء كتب عليها اسم الإله العظيم، سوى بمزيد من الإيمان، الإيمان فعلاً بأهمية بناء هذا البلد ومحاربة التطرف.
عناصر القاعدة ليسوا كل رجال الشر، من يعتدي على الكهرباء ويفجر أنابيب النفط، هم أيضاً رجال سوء وشر، مثلهم مثل من يعجز عن توفير الكهرباء لليمنيين والبترول في المحطات، ولو أن القارئ يستطيع أن يعدد هؤلاء جميعهم، لوقع على اكتشاف مرعب، أن هذه البلاد تضم عدداً كبيراً من الرجال السيئين في مواقع السلطة سواءً داخل الوزارة أو في جوف كهف بعيد وموحش.
في أغلب الأحوال فإن الحياة اليومية للرجل اليمني البسيط تتحول إلى معركة شاقة، وعلى المرء القتال فيها ليحظى بما يمكنه وعائلته من العيش لليوم التالي أو الأسبوع المقبل، والخيارات التي تتركها له الحياة في هذه البلاد محدودة وقاسية، لكن إن كان عليه أن يعيش الحياة كمحارب، فعليه أن يتصدى رغم كل ظروفه لفكر التطرف والعنف، وعليه أن يقاوم كل رجال الشر، وأن يلوذ بالأمل، هذه البلاد كما يقول الأصدقاء سوف تنجو، وهي ستنجو فعلاً، غير أن هذا متوقف على مقاومتنا في كل المعارك التي نخوضها يومياً وباستمرار، تجاه كل رجال الشر.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك