أثار ظهور العميد طارق صالح، وهو يلقي كلمة في معسكر لقواته في مدينة عدن، موجة ردود واسعة في الوسط السياسي الجنوبي، خصوصاً وأن الكلمة جاءت بعد يوم واحد من مخرجات «الجمعية الوطنية» التابعة لـ«المجلس الانتقالي»، التي دعت إلى طرد القوات الشمالية التابعة لنائب الرئيس عبدربه منصور هادي، الفريق علي محسن الأحمر. وفضلاً عن أن كلمة طارق هي الأولى له من داخل مدينة عدن، فهي تضمنت دعوة لـ«الحفاظ على وطن كل اليمنيين وعاصمته صنعاء».
ومنذ خروج طارق صالح من صنعاء، بعد مقتل عمه الرئيس علي عبدالله صالح في ديسمبر الماضي، ووصوله إلى مدينة عدن، أثار تواجد قواته المتواجدة في بئر أحمد، والمدعومة من دولة الإمارات، انقساماً في الجنوب، حيث اعتبرت فصائل «الحراك الجنوبي والمقاومة» تواجد تلك القوات «صورة من صور الاحتلال»، ونظمت وقفات تطالب بخروجها، فيما ذهب «المجلس الانتقالي» إلى الترحيب بقوات طارق، مبدياً دعم تلك القوات حتى «تحرير صنعاء»، وهو ما عبر عنه اللواء عيدروس الزبيدي، في يناير الماضي.
ويرى مراقبون أن التقارب والتعاون بين قوات طارق من جهة، و«المجلس الانتقالي» من جهة أُخرى، يأتي تحت إشراف الإمارات، وهناك خطوط عريضة للتعاون بين الجانبين، إذ تدعم أبوظبي حزب «المؤتمر الشعبي العام»، التابع لأحمد علي نجل الرئيس صالح، كـ«فرس رهان» لحكم اليمن، بعد التسوية الساسية المرتقبة، وعند تشكيل «المجلس الانتقالي»، دفعت الإمارات بقيادات حزب «المؤتمر» الجنوبية، ومكنت تلك القيادات من أهم مفاصل «المجلس الانتقالي»، وأعطت للقيادي المؤتمري، أحمد لملس، منصب الأمين العام لـ«المجلس». كل تلك الخطوات التي تظهر التقارب والتعاون على المستوى العسكري مع قوات طارق، والسياسي مع جنوبيي «المؤتمر» من قبل «الانتقالي»، برأي مراقبين، لا تنفصل عن مساعي أبوظبي للسيطرة على الشمال بحزب «المؤتمر الشعبي العام»، وعلى الجنوب بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي».
وفي موازاة تلك المساعي الإماراتية، كشفت شخصيات «مؤتمرية» شاركت في مباحثات للسلام متعلقة باليمن، استضافتها فرنسا قبل أشهر، عن أن «قيادات مؤتمرية طرحت إسم عيدروس الزبيدي كرئيس انتقالي بعد مبادرة السلام خلفاً للرئيس هادي».
وأوضحت المصادر، أن شخصيات «مؤتمرية» تقول إن «الزبيدي هو الأقوى عسكرياً جنوباً، إضافة إلى أن منصب رئيس الجمهورية في ظل اليمن الموحد لشخصية جنوبية».
إلى ذلك، ترى قيادات في «الحراك الجنوبي»، أن هدف «المجلس الانتقالي»، أصبح بعيداً عن هدف «استعادة الدولة»، وهو أقرب إلى حزب جنوبي معارض.
وفي حديث إلى «العربي»، يقول أحد قيادات «الحراك الجنوبي»، أن «الصراع بين الانتقالي والشرعية، هو صراع على الأحقية في تمثيل الجنوب مع الشمال»، مضيفاً أن «الانتقالي يسعى إلى إزاحة هادي كممثل للجنوب على رأس النظام الساسي لليمن، ليحل الزبيدي مكانه في المرحلة المقبلة».
وانتشرت ردود أفعال واسعة ومتفاوتة على ظهور طارق صالح في مدينة عدن، وعلق ممثل «المجلس الانتقالي» في أوروبا، أحمد عمر بن فريد، في منشور على «فيس بوك»، أن لا فرق بين الجنوبيين الذين مع الوحدة والشماليين قائلاً «لا فرق عندي بين طميس وطارق عفاش وبن دغر أو أي فرد أو جماعة لا تحترم إرادة شعب الجنوب وقضيته».
من جهته، اعتبر القيادي في حركة «النهضة للتغيير»، علي الأحمدي، في منشور على «فيس بوك»، أنه «إذا صرح جنوبي ما برأيه وعبر عن مشروعه السياسي، فيتناوشه المخالفون، والمحترم فيهم هو من يخونه ويجرده من جنوبيته فقط، أما السفهاء فلا يكتفون بالسب والشتم، بل يفتشون في الجينات، ويتناولون الأعراض، ويهددون بالسحل والقتل».
وأضاف أن «طارق عفاش يصرح برأيه من داخل عدن، ويعبر عن مشروعه، فلا تسمع لهم حساً».
من جهته، كتب الدكتور قاسم المحبشي، في منشور على صفحته في «فيس بوك»، أنه «مصدوم من تواجد معسكر لطارق صالح في عدن»، وأضاف: «أخرجناهم من الطاقة وعادوا من الباب».
ويرى الناشط السياسي، عبدالرحمن حيدرة، في حديث إلى «العربي»، أن حديث العميد طارق صالح، يشبه حديث اللواء، عيدروس الزبيدي، ويخرج من «مشكاة» واحدة، ويظهرهما كأدوات لمشروع للخارج، وليس لليمن، خصوصاً وقد تكررت في خطابهما أن قواتهما «نواة لقوة عربية يمكنها دحر أي مخطط تآمري ضد الأمة العربية والمنطقة في الحاضر وفي المستقبل».
ودعا رئيس «المجلس الوطني»، عبدالحميد شكري، «المقاومة الجنوبية» إلى «الاستعداد لمعركة جديدة لطرد طارق ومن معه من معسكر بئر أحمد»، وطالب شكري، دولة الإمارات أن «تحترم تضحيات الجنوبيين».
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك